(( مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ))
خرجت ﻷشتري خبز المساء المعتاد مع بعض الخضراوات و” اللبلبي ” بالفلفل اﻷسود إستعدادا لمتابعة الكابينة الوزارية قبيل إعلانها ومنحها الثقة بجلسة البرلمان عند الساعة الثامنة مساء كونها جزءا لا يتجزأ من واجباتي لتحرير اﻷخبار أولا بأول، وما خلا الواجب المناط بي لتحليل الخبزة فإن القضية كلها سواء أعلن عن كامل الكابينة ، أم نصفها ، أم جلها بإستثناء المناصب السيادية، أم لم يعلن عنها جملة وتفصيلا فإنها لاتعدو أن تكون عندي – الرايح مودعينه ،والجاي متلكينة – ولن ينقذ تايتانيك العراق من الغرق قريبا جدا وﻻ حتى ربان السفينة ﻷن المنظومة الفكرية والسياسية والإجتماعية التي تدور الكتل واﻷحزاب في فلكها ككل تعاني من خلل كلي حاليا ، وإذا بخبرين ينزلان عليّ كالصاعقة ، اﻷول يتحدث عن نحر إمرأة عجوز تبلغ من العمر 87 عاما بالسكين داخل منزلها الريفي بناحية سومر شمالي الديوانية ، والثاني يتمحور حول إستدراج ” خالة” لإبنة شقيقتها البالغة من العمر 5 سنوات بمعية زوجها وبمساعدة شخص ثالث ومن ثم خطفها وقتلها ورمي جثتها على خلفية مشاكل عائلية ، ليتم الحكم على الثلاثة ” الخالة وزوجها والشخص الثالث “بالإعدام شنقا حتى الموت ، بمعنى أن أربعة أنفس ذهبت من جراء خلافات عائلية ﻻيخلو منزل منها أدراج الرياح !!
ولقضاء الوقت ريثما تمنح الثقة للكابينة الوزارية ويصوت عليها والتي إنتهت بنتائج مخيبة للآمال بعد شد وجذب بالتصويت لصالح 14 وزيرا فقط فيما ترك الباقون وعددهم 8 الى التفاهمات والصفقات اللاحقة مع ترحيل الجلسة الى الـ 6 من تشرين ثاني 2018 بعد عرض البرنامج الحكومي الطويل والحالم والذي قال فيه النائب فائق الشيخ علي ، ان ” برنامج عبد المهدي لن يقدر على تطبيقه تشرشل بمساعدة هتلر وموسوليني وصدام ، وهو أطول من الطريق الممتد من باب السلالمة في كربلاء جنوبا وحتى باب الطوب في الموصل شمالا !!” وعقب إعتراض كتل لعدم عرض المرشحين على هيأة النزاهة ، وعلى المساءلة والعدالة ، على التعليم العالي لمطابقة الشهادات ، على اﻷدلة الجنائية لمعرفة ماضيهم فيما اذا كان ناصعا ونظيفا كسائر القطيع ، أم أنه كبعض السياسيين والحزبيين بالظلم ملطخا وبالخداع والإحتيال متسخا ، أقول لتمضية الوقت – ريثما تنفك الجبسة – أخذت أقلب الطرف بتغريدات نائب رئيس شرطة دبي”ضاحي خلفان” التي هاجم فيها خطاب الرئيس التركي أردوغان اﻷخير بشأن مقتل الخاشقجي واصفا إياه بـ” الخرطي ” وانه لم يأت بجديد ، مضيفا ” لو ما طلعت على الإعلام أحسن لك أفندم “على حد وصفه فيما وصف عملية اغتيال الخاشقجي بأنها ” عملية استخبارية فاشلة طالت جميع القائمين على تنفيذها” ، ربما ﻷن العملية لم تتسم بالدقة التي نفذ بها – ضاحي خرفان – شخصيا كما وصفه الكاتب والصحفي الاسرائيلي ايدي كوهين ، تسليم القيادي في حركة حماس ، محمود المبحوح ، الى الموساد داخل احد الفنادق في دبي تمهيدا لإغتياله وقد كان عام 2010 بل وإتهمه أيضا بأنه زار اسرائيل 4 مرات بين 2009 و2014 ونزل بفندق بالقرب من مقر الموساد ، وأنه شخص يكره الفلسطينيين ويحب اليهود، وقبل أن أفرغ من تغريدات – خرفان – واذا بنبـأ آخر ﻻيقل سخونة عن سابقه يتحدث عن العثور على جثة أحد حمايات ” صدام حسين ” المدعو ، عدنان جيري شمائل ، داخل منزله غربي تركيا بعد أن قضى بظروف غامضة !
هنا أضطررت الى العودة مهرولا وبعد القضاء الكامل على كاسة اللبلبي اﻷولى من شدة التوتر الى صاحب العربة – ابو كميلة – وﻻ أدري إن كان هذا هو اسمه الحقيقي أم إنه إسم شهرة – لبوكة – لأشتري منه هذه المرة خمس كاسات سفري دفعة واحدة بالفلفل اﻷحمر اﻷشد حرارة لتتناسب مع سخونة اﻷحداث الحزينة وأرقب عن كثب غرق هذا الشعب بكل طوائفه ومكوناته مجددا في بحار الفتن مع السفينة ، وﻷتابع أسماء وزراء كسابقيهم لن يغيروا شيئا من واقعنا من داخل الكابينة ، وقلقت كثيرا ﻷنني شخصت خللا مرعبا ﻻ عهد للعراق به قبل اليوم يتمثل بفتك اﻷسر والعوائل بعضها ببعض لتتحول الكثير من البيوتات العراقية الى أشبه مايكون ببيوت العنكبوت “وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ” حيث تقتل الزوجة زوجها أثناء التلاقح أو بعده إن لم ينجح بالفرار خارج حدود المنزل مع عدم العودة اليه مجددا ، ويقتل اﻷبناء أمهم ويأكلونها بعد إنجابهم ،وحيث اﻷشقاء يفتك بعضهم ببعض ، فهذا أب يعرض إبنته للبيع مقابل 20 مليون دينار فيحكم عليه بالسجن لمدة 15 سنة في رصافة بغداد ، وذاك مجرم آخر يقتل أما ومن ثم يزهق روح طفلها المسكين ( 8 اعوام ) بعد رؤيته له وهو يقتل أمه وكل ذلك لغرض السرقة في كرخ بغداد بمساعدة إحدى الصديقات ، شقيق يقتل شقيقه أمام محكمة بابل لخلاف على عقار ومن ثم ..إيش ؟ ينتحر أمام أنظار والدته!…ابن أخت رب أسرة يقتل ( خاله وزوجته وابنتهما) في حي التجنيد بناحية جلولاء بدافع السرقة ..شخص يقتل 6 أفراد من عائلة واحدة داخل منزلهما في منطقة الطالبية ، شرقي بغداد بمساعدة شخصين آخرين أمنا له سلاح الجريمة لغرض السرقة… رجل خمسيني يقتل زوجته وإبنه ويصيب إبنه الآخر بسلاح ناري شرقي دهوك…زوجة تقتل زوجها بمساعدة عشيقها في كربلاء ..زوج يقتل زوجته وأمها ويضع بقايا جثتيها بأكياس نايلون لإخفائهما ..وهكذا مئات القصص الإجرامية التي تقشعر لها اﻷبدان ، وتشيب لهولها الولدان على مدار الساعة بما لم نسمع به نحن وﻻ أباؤنا من قبل ، والتي أصابت العائلة العراقية بمقتل ، تلكم العائلة المعروفة للقاصي والداني والى وقت قريب بتراحمها وكرمها وإنسجامها وعطف صغيرها على كبيرها ، وإحترام صغيرها لكبيرها ، المشهود لها بالتزاور في جميع المناسبات وببر الوالدين والتواصل مع اﻷجداد والجدات ، اﻷعمام واﻷخوال ، العمات والخالات ، والحفاظ على الزيجات ، فما الذي جرى وأنى لهذا “البيت العنكبوتي” الطافي على السطح أن يصلح مادمره المحتلون وأجهز عليه السياسيون وحفر قبره الحزبيون وأهال عليه التراب المسؤولون وصلى عليه صلاة الجنازة وكبر عليه أربعا المظلومون والمضطهدون ؟ !!
ولايخفى على ذي لب سليم وفكر سديد أن اﻷعلى حين يفسد ويبرر لفساده وربما يشرعنه أيضا فإن اﻷدنى الا ما رحم ربي وﻻشك سيفسد أو يبيح الفساد لنفسه متأثرا بعدوى القطيع ، وهنا لابد من أن ينبري المصلحون بمختلف عناوينهم الى إصلاح اﻷوضاع المتردية وتقويم المنظومة المجتمعية والاخلاقية المتهرئة قبل أنهيارها أكثر فأكثر وأول ما يبدأ به هو التحذير من سفك الدماء المعصومة والتهاون بإسالتها ﻷن القتل هو أس الكوارث ورأس هرمها ، وفيه قال الباري عز وجل في محكم التنزيل (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) ،وفيه قال النبي اﻷكرم صلى الله عليه وسلم ( لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل مؤمن بغير حق) ، وقوله صلى الله عليه وسلم ( اجتنبوا السبع الموبقات) ، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: (الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات) وقوله صلى الله عليه وسلم فيه ايضا ( لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً) ، وﻻشك أن إطلاق النار على شخص ما في مكان ما إنما تمثل الحلقة اﻷخيرة في منظومة ( القتل والإحياء) وسلسلتها الطويلة ، هذه المنظومة التي تبدأ عادة بالتحريض وتنتهي بسفك الدماء ، تحريض فكري مسموم يشجع على القتل ويباركه ، تحريض طائفي ممجوج يشجع على القتل و7×7 ويعده انتصارا للدم على السيف ، تحريض أثني مقيت يدعو الى إزاحة اﻵخر ومحوه من الخارطة ولو بالقتل لتحقيق التوازن الديمغرافي المطلوب ، تحريض سياسي ، عشائري ، مجتمعي ، مادي كلها تعد القتل ثأرا ورجولة وإحقاقا للحق وإزهاقا للباطل ووسيلة لتحقيق الغاية وإن تلطخت بالدماء الزكية الطاهرة ، وبمجموع هذه المحرضات التي أسهم فيها المتحزبون والمغفلون والمحتلون و”كل حزب بما لديهم فرحون” وبشكل لافت ، سالت الدماء على ضفاف النهرين أنهارا وأزهقت أنفس بريئة أو مذنبة ولعل هذه اﻷخيرة كان محرضها الإنتقام والثأر تارة من باب المعاملة بالمثل ، أو تحقيق اﻷمن واﻷمان والعدالة التي يطالب بها الناس تارة أخرى ، كإعدام 6 شباب قبل أيام اشتركوا بإغتصاب طفل ومن ثم قتله ” فخسرنا 7 أرواح ” دفعة واحدة من أجل نزوة عابرة لم يحسن أي منهم وﻻ المجتمع وﻻ القبيلة وﻻ المدرسة وﻻ الجامعة وﻻ الجامع كبح جماحها والحيلولة من دون وقوعها وبأي شكل من اﻷشكال حتى بات القاتل ﻻيعرف لم قتل ولا المقتول فيم قتل مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم : ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَا تَذْهَبُ الدُّنْيَا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى النَّاسِ يَوْمٌ لَا يَدْرِي الْقَاتِلُ فِيمَ قَتَلَ ، وَلَا الْمَقْتُولُ فِيمَ قُتِلَ ) .
وقوله في الحديث الصحيح ” أَنَّ بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ الْهَرْجَ . قِيلَ : وَمَا الْهَرْجُ ؟ قَال : الْكَذِبُ وَالْقَتْلُ . قَالُوا : أَكْثَرَ مِمَّا نَقْتُلُ الْآنَ ؟ قَالَ : إِنَّهُ لَيْسَ بِقَتْلِكُمْ الْكُفَّارَ ، وَلَكِنَّهُ قَتْلُ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ، حَتَّى يَقْتُلَ الرَّجُلُ جَارَهُ ، وَيَقْتُلَ أَخَاهُ ، وَيَقْتُلَ عَمَّهُ ، وَيَقْتُلَ ابْنَ عَمِّهِ . قَالُوا : سُبْحَانَ اللَّهِ ! وَمَعَنَا عُقُولُنَا ؟ قالَ : لَا ، إِلَّا أَنَّهُ يَنْزِعُ عُقُولَ أَهْلِ ذَاكَ الزَّمَانِ ، حَتَّى يَحْسَبَ أَحَدُكُمْ أَنَّهُ عَلَى شَيْءٍ وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ ).
والمطلوب حملة كبرى وعلى أعلى المستويات للتحذير من إسالة الدماء والتحذير من مغبة إشاعة ثقافة القتل والإقتتال الذي حرمه الباري واغلظ عقوبته في الدنيا قبل اﻵخرة ، وحصر السلاح بيد الدولة ولو بالقوة ، وإطلاق حملة #أحيها_ﻻ_تقتلها بدءا من العائلة مرورا بالمدارس والمعاهد والكليات والجامعات والمستشفيات والمؤسسات والصحف والاذاعات والفضائيات وانتهاء بالجامع مع نشر الملصقات في كل مكان بحسب ما يناسبه (( بوستر يتضمن صورتين ، اﻷولى لمواد غذائية تالفة عليها علامة x وفوقها عبارة – ﻻتقتلها – يقابلها صورة لمواد غذائية صالحة للأستهلاك البشري عليها علامة صح مكتوب فوقها – أحيها – )) تعلق في جميع اﻷسواق الشعبية والمولات واﻷحياء التجارية ، ((ملصق جميل يتضمن صورة أدوية أكسباير عليها علامة x وفوقها عبارة – ﻻتقتلها – ، يقابلها صورة ﻷدوية صالحة عليها علامة صح وفوقها عبارة – أحيها ) تعلق في جميع المذاخر والصيدليات والعيادات والمستوصفات والمستشفيات وهكذا دواليك ﻷن منظومة القتل المبرمج تستوعب التجارة باﻷدوية الفاسدة ، المواد الغذائية منتهية الصلاحية ، مواد التجميل والتنحيف السامة ، الفاكهة والخضر المعاملة جينيا ، تجارة المخدرات والمسكرات والمدمنات والترويج لها وصناعتها مع أدوات التعاطي ،بيع اﻷسلحة البيضاء والسوداء والذخائر ، وﻻبد من منع كل ما من شأنه أن يكرس منظومة ” القتل ” المعطوبة ، نظير تلاشي منظومة ” الإحياء ” المطلوبة وبقوة واﻷهم من كل ذلك هو – إخراس – المحرضين على العنف فضائيا وسياسيا وثقافيا وكبح جماحهم سواء كانوا داخل الكابينات أم خارجها وعدم السماح بخروج – المخربطين والمحرضين – كل يوم وهم يتوعدون بسفك الدماء وإخافة الناس لما يمتلكونه من جماعات مسلحة خارجة على القانون وإن إدعى بعضها الانتساب اليه، وإلغاء المظاهر المسلحة بكل أشكالها …قد اكون متفائلا أكثر من اللازم بالنسبة لكثير من القراء ، اﻻ أن “بيت العنكبوت ” الذي بدأ يكبر بمرور الوقت، لم يبق في القوس منزع ، وﻻ على فرش النائمين – للضحى عن قول الحق – مهجع . اودعناكم اغاتي