يذكر اصحاب الاختصاص ان للسفر فوائد جمة وعديدة ، ومنها انها تقوي القلب وتطيل العمر ، وقيل ان لها مساوئ ذكرها الشعراء في قصائدهم ، لكن الشعراء لا يعتد بكلامهم لأنهم يقولون على الاوراق ما لا يفعلون !! وانهم في كل واد يهيمون ، بحسب تعبير القرآن .
وهناك كثير من الاغاني قد ذكرت السفر وتغنت به ، منها اغنية فريد الاطرش ( لكتب ع اواق الشجر … سافر حبيبي وهجر ) . واغنية للمطرب الريفي عبد الصاحب شّراد ( سفرتكم لطولها ) . اما المطرب ياس خضر فله اغنية ( لا تسافر) ، واخرى ( مسافرين ) . وللمطرب الكبير سعدي الحلي ايضاً اغنية اسمها ( مسافات السفر ) ، ولا نريد ان نذكر كل الاغاني التي ذكرت السفر والاحباب المسافرين .
ويبدو ان فلسفة السفر قد ادركها وفهم معانيها وفوائدها ساسة العراق والمسؤولين ، لأنهم اذكياء واصحاب عقول نيرة !! ويعرفون من اين تؤكل الكتف بحسب تعبير المثل الشائع ، فراحوا يسافرون ويصطافون الى امريكا ولندون وباريس ولبنان وشرم الشيخ ، واكثرهم اشتروا فلل وشقق في هذه الدول ، وجميع هذه الامور اشترت بأموال العراقيين من الفساد المالي والاداري ، واخذت عن طريق تعاطي الرشاوى القائم على قدم وساق .
آخر تقرير نشرته بعض وسائل الاعلام يذكر ان اكثر من 75% من ساسة العراق يقولون ان هواياتهم (السفر) وخصوصاً الى البلاد الاوربية ,كون تلك الدول فيها انفتاح كبير ووجود اماكن ترفيهية لا توجد لدى بقية البلدان ، اضافة الى الاماكن السياحية الاخرى وفيها من الامور والقضايا التي لا تحتاج الى جرة قلم ، فهي واضحة كعين الشمس .
عندما كنا في مرحلة الابتدائية ثم المتوسطة فهمونا اساتذتنا ان للسفر متعة روحية ونفسية كبيرتين ، فأخذونا الى عدة سفرات مدرسية خارج بغداد ، لكنها لا تبعد عن بغداد الا بعض الكيلومترات ، فزرنا (المدائن) وتمتعنا في (طاق) كسرى ورجعنا مصحوبين بالفرح وبالتعب معا، وحينما كبرنا ظل السفر هاجسنا الوحيد ، لكن (العين بصيرة واليد قصيرة ) ،وظل صاحب هذه السطور يحلف بطاري السفر ، فهو لم يسافر في حياته ولا مرة واحدة ، ما عدى سفراته المتكررة الى ( الباب الشرقي ) ،وهذا السفر ليس بالشيء السهل اليسير ، حيث الوصول الى هذا المكان لا يكون الا بشق الانفس ، صحيح ان المسافة قصيرة ولا يستغرق فيها المسافر الا دقائق معدودات ، لكن كثرة نقاط التفتيش والزحام ومواكب المسؤولين والدوريات العسكرية والأرتال (وجيب ليل واخذ عتابة) ،يعني كسر بجمع تخرج من منزلك الساعة السادسة صباحاً ولم تصل الى الدوام قبل الساعة التاسعة او العاشرة. وهذه السفرات اصبحت من ضمن هوايات العراقيين لكن بالقوة ، وهذه السفرات سوف يمارسها كل الشعب وعلى عناد المسؤولين .(امسافرين ورحي يطويها السفر غربة وملامة).
