لا يمكن لمسلم أن يعترض على زيارة آل بيت رسول الله عليهم السلام والذين تشرف العراق والعراقيون بهم ، لكنني أجد من الضروري تنسيق وتنظيم زيارات المسلمين من دول أخرى وبخاصة في ذكرى إستشهاد سيدنا الحسين رضي الله عنه والزيارة الأربعينية .. إذ يتدفق على العراق ما لا يقل عن مليوني زائر أغلبهم من إيران ، والمنافذ الحدودية كما هو معروف شبه عاجزة عن إستقبال هذه الأعداد ما أحدث خرقا أمنيا كبيرا في العام الماضي بعد دخول مئات الآلاف من الزائرين من إيران وباكستان وأفغانستان ودول أخرى بدون تأشيرة .. مقترحنا لديوان الوقف الشيعي القيام بتحديد أعداد الزائرين كأن يكون ألف زائر لكل مليون .. أما أن تبقى المنافذ الحدودية تتفرج على دخول أكثر من مليوني زائر بلا أي رقابة أو توجيه فهو أمر يحتاج كثيرا إلى إعادة النظر به .. لا يمكن الإختلاف على تغلغل النهج المذهبي داخل العقيدة الإسلامية منذ أيام الخلافة الراشدة الأولى .. ولا أقول أن هناك إختلافاً في الرأي على الخلافة بين المهاجرين والأنصار فقط بل وصل الى خلاف داخل البنية الموحدة للمهاجرين في مكة ومحاولة القوى المعادية آنذاك من إستثمارها وتغذية هذا الخلاف بوسائل شتى أدت إلى ما أدت إليه من حدوث الفتنة الكبرى في عهد الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه ثم دخول الصراع منحى آخر بين بني هاشم وبني أمية ووصوله إلى منعطف خطير جداً بعد معركتي الجمل وصفين وقتل الخليفة الراشد علي رضي الله عنه من نفس الجماعة التي كانت تؤيده في تصديه لبني أمية والّذين أطلق عليهم فيما بعد بالخوارج .. هذا الإختلاف تحول بقوة إلى خلاف خطير جداً على العقيدة حاول المعتدلون من الصحابة والتابعين إستئصاله .. لكن بدون جدوى فجذور الخلاف تعمقت أكثر بعد إستشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه في الطف وأسر وسبي آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ما ألهب مشاعر المسلمين حتى يومنا هذا لأن المؤامرة لم يكن هدفها القتل أو التشريد أو السبي أو الأسر بل هدفها الدين والعقيدة بعد ضراوة وشراسة ووحشية التعامل بين جيش كبير جداً يدافع عن الدولة الأموية وجيش صغير جداً وخيانة الكثيرين ممن أعطى للحسين رضي الله عنه عهوداً لم يلتزموا بها .. من هنا تحديداً إنشقت صفوف المسلمين وتحولوا إلى معسكرين .. وهذان المعسكران لم يبنيا على خلافٍ على النهج القرآني أو العقائدي بل ما هو أخطر وهو السياسة والخلافة التي تجمع نفس نسِب المؤيدين من المعارضين ..هذا قبل 1400 عام .. إذن علينا ألا نستغرب من وقوع خلاف كبير الآن بين المذاهب الإسلامية بعد تعرض الأمة إلى عشرات الإحتلالات ومئات المعارك التي نزف بها الدم العربي الإسلامي ما نزف .. دماً وفكراً وعقيدةً .. أدت إلى تمسك المؤيدين والموالين كلٌ على عقيدته ودفاعهم عنها بطرقٍ شتى .. حتى في الوقوف إلى جانب المذهبية أو ضدها إنفصل وإنشق المسلمون لكنَّ هذا الإنشقاق هل يدعوا حقاً إلى وقوع هذه الكوارث ولحد الآن على الأمة لو لم يكن هناك طرفٌ مخفيٌ آخر قد يكون بيننا .. في بعض الإستنتاجات المنطقية لا يمكن لأي متمسك بأي دين أو مذهب أو طائفة أن يعترف بخطأه مطلقاً .. فلا يمكنك أن تقول للشيعي أو السني أو حتى الديانات الأخرى أنك على خطأ إلا وأقام عليك الدنيا ولا يقعدها ! مرةً واحدة فلنتمسك بدياناتنا ومذاهبنا وعقائدنا بلا إحتقارٍ أو إنتقاصٍ للطرف الآخر .. ومرةً أخرى لا بد من الإعتراف أن هناك أخطاءً لابد من الإعتراف بها بين الجميع .. الجميع بدون إستثناء فهل سيأتي اليوم الذي نعترف بها ؟ سؤال مختصر .. متى لأنَّ الأمر أصبح لا يطاق .