عندما ترى الإجتماع الوزاري الإسبوعي، ومايصدر من توجيهات وقرارات، وتسمع بالإجتماعات الدورية في مكاتب الوزراء والوكلاء والمدراء العامين ورؤوساء الأقسام، وإجتماعات في أدنى وحدة في المؤسسسات، وترى ما يصدر منها من قرارا وتعميمات وتعليمات، وأيضاً تسمع شعارات الأحزاب والبرامج الإنتخابية والحكومية والسياسية، وصراخ السياسيون في القنوات الفضائية وتباكيهم على حال العراق؛ تتوقع أن كل الأمور تسير بإتجاه البوصلة الصحيحة، وتشير الى مركز الهدف وهو المواطن، ولكن المحصلة غير ذلك، وتحددها الدولة مجتمعة بسلطتها التنفيذية والتشريعية وأحزابها، وساستها وموظفيها وقوانيها الحاكمة.
كل القضايا التي يدور حولها محور عمل الدول، يُرسم على أساس تطلع مواطن، لا هم له سوى أن يرى نفسه كريماً في بلد كريم، وبما يملك من إمكانيات وطاقات.
يجتمع مجلس الوزراء إسبوعياً لمناقشة القضايا الرئيسية، وعلى هذا الأساس تقترح مشاريع القوانين، وتُناقل الأموال وتمارس الصلاحيات الدستورية، وفي القضايا الطارئة يتم التداول مع البرلمان لتمرير التشريعات بعجالة، وتحول الى الوزرات للعمل بها بشكل تعليمات وسياقات عمل ملزمة التنفيذ، والوزرات هي الأخرى تجتمع بشكل دوري وطاريء، لمناقشة آخر التشريعات، وتخرج بتوجيهات ومقررات الإجتماع، ملزمة للوكلاء والمدراء العامين، وتعمم الى الدوائر لتصل الى أدنى موظف.
كل ما تتخذه الدولة من قوانين وقرارات، مؤكد في ظاهره مراعاته المصلحة العامة للدولة، بما يتعلق بسياستها الداخلية والخارجية، ويتهم بشكل مباشر على إنعكاسه على المواطن وتُبنى كل الأفكار مجتمعة من رأي رئيس الوزراء الى أي مسؤول، وطروحات الأحزاب والبرامج الحكومية والحزبية والبرلمانية، وأراء المفكرين والكتاب ومراكز الدراسات ووسائل الإعلام والرأي العام، والتي تجتمع في معظمها مع بوصلة المواطن، وتضعه في أول أولوياتها ،ثم تترتب البقية وصولاً الى طموح دولة الرفاهية.
إن إشتراك القوى السياسية في التنافس السياسي، مشروط بعقد ملزم بين المواطن والسياسي، على أن يسخر الثاني نفسه لخدمة الأول وتحقيق أهداف غاية المواطن، وأن يعمل المسؤول نيابة عن موكل، وضع الثقة وتنازل عن جزء من صلاحياته، لصالح طبقة سياسية حاكمة تمارس عملها بين التنفيذي والتشريعي، وتصدر قوانين وتتابع تنفيذها وتعاقب مخالفها، حتى تعطي للقوانين روحاً وللمواطن حقاً، أينما كان ومن أين كان.
تنتهي معظم القوانين والتشريعات، بهوامش إجتهادية، ومنها ذات طابع حزبي وشخصي ومزاجي، ومع غياب المتابعة والمحاسبة؛ تموت القوانين والتوصيات ونتائج الإجتماعات في منتصف الطريق.
تشير بوصلة الفرد العراقي، الى أمنيات ليست أكثر من حقوق بسيطة، بينما يسمع الخطاب السياسي والعمل الحكومي والبرلماني، على أنه يسير بذات الطريق وبذات البوصلة، ولكن حقيقة الأمر الواقع تختلف تماماً عن أبسط الأمنيات وأقل الشعارات، وما صراع القوى السياسية المتكالبة على المناصب، إلاّ خير دليل على أن بوصلة السياسي بعيدة عن المواطن، وما محصلة سوء الإدارة وموت القوانين وغياب العدالة، والسطوة الحزبية والشخصية على المؤسسة فهي محصلة سياسية، وبالنتيجة كل الإجتماعات والتوجيهات والقوانين، يتم مقاطعتها بإرادات بعيدة عن عمل بناء دولة مؤسسات، ونتيجتها محصلة يتحمل سوئها مواطن، ويقود إرادة بوصلتها سياسي طامع.