رَمَتْنِي بِدَائِهَا وانْسَلَّتْ، من الأمثال العربية المعروفة يضرب لمن يعيب غيره بعيب هو فيه، فيلقي عيبه على الناس ويتهمهم به وهو ليس فيهم، ويُخرج نفسه من الموضوع.
هذا النوع من السلوك يعرفه علماء النفس بــ (الإسقاط النفسي)، وهو حيلة دفاعية يستخدمها صاحبها ليبرئ نفسه ويبعد الشبهات عنه فيلجأ الى نسبة عيوبه وممارساته المحرمة للآخرين، وهذا النوع من الحيل يمارسه الفرد الذي يشعر بحالة النقص الحاد في سلوكيات الفضيلة، وطغيان السلوكيات الرذيلة.
مَن يطَّلع على منهج ابن تيمية وأتباعه الدواعش يجد وبكل وضوح أنهم من أجلى مصاديق المثل المذكور، وأنهم يتفننون في ممارسة الإسقاط النفسي، فهم يتهمون الآخرين بأمور تنطبق عليهم وهم أولى بها من غيرهم، ومن مظاهر ذلك هو إتهامهم الآخرين بالبدع وأنهم أهل بدعة ودينهم دين البدعة وما شابه ذلك، في حين نجد أنهم هم مؤسسو البدع والمشرعون لها والمدافعون عنها والمتسترون عليها والمبررون لها، لدرجة أنَّ ابن تيمية ناقض نفسه وخالف ما طرحه من تعريف للبدعة باعتباره يرى البدعة في مقابل السنة، وهي على حد قوله: «(ما خالفت الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة من الإعتقادات والعبادات)، أو هي بمعنى أعم: (ما لم يشرعه الله من الدين.. فكل من دان بشيء لم يشرعه الله فذاك بدعة، وإن كان متأولاً فيه)، أي مما استحدثه الناس، ولم يكن له مستند في الشريعة»، وما أكثر التشريعات التي شرعها ابن تيمية وأئمته وأتباعه الدواعش التي تتعارض مع الكتاب والسنة، فقد سجلوا رقما قياسيًا لا يتحطم في ذلك؟!!!.
وهنا نذكر شاهدًا واحدًا- وما أكثرها- كشف عنه المحقق الصرخي في المحاضرة الرابعة عشر من بحث (ما قبل المهد الى ما بعد اللحد) يتعلق بتبرير ابن تيمية للبدعة التي ابتدعها خليفته عبد الملك بن مروان حينما بنى قبة الصخرة في بيت المقدس، وعلّق عليها ستور الديباج، وأقام لها سدنة وأخذ الناس بأن يطوفوا حولها بدلًا من الكعبة، وأقام الناس على ذلك أيام بني أمية، فكان من جملة ما ذكره الاستاذ الصرخي قوله:
«ماذا يقول ابن تيمية؟، يقول: فأراد عبد الملك أن يصرف الناس عن ابن الزبير فبنى القبة على الصخرة، وكساها في الشتاء والصيف، ليرغب الناس بزيارة بيت المقدس، ويشتغلوا بذلك عن اجتماعهم بابن الزبير) إنتهى كلام ابن تيمية، وهنا يعلِّق المعلم الصرخي:
(إلتفت ماذا قال: يقول: لما تولى عبد الملك الشام، ووقع بينه وبين ابن الزبير الفتنة، كان الناس يحجون فيجتمعون بابن الزبير، فأراد عبد الملك أن يصرف الناس عن ابن الزبير فبنى القبة على الصخرة، وكساها في الشتاء والصيف، ليرغب الناس بزيارة بيت المقدس، ويشتغلوا بذلك عن اجتماعهم بابن الزبير، لاحظ باالله عليك: هذا الكلام اتباع ابن تيمية الببغاوات، هؤلاء الاغبياء، هؤلاء الجهال، لمّا يُكَفَّر جميع العلماء من السنة والشيعة، لمَّا تُكَفَّر وتُنفى وتُكَذَّب كل الكتب الحديثية، وكل الكتب العقدية، وكل الكتب الفقهية، ويُحصَر هذا العقل المتحجر بابن تيمية، وبما يقول ابن تيمية، بالله عليكم من هذه العبارة ماذا نفهم؟!، هل نفهم وجود خلل في تصرف عبد الملك ؟!،هل يوجد في هذه العبارة ما يدل على بدعة عبد الملك على أول مبتدع وأذل وأخس وأبشع ابتداع وبدعة ؟!، لايوجد اي شيء، كلام بسيط، كلام عادي اراد ان يبعد الناس عن ابن الزبير وتأثيرات ابن الزبير على الناس فوجه الناس لزيارة بيت المقدس وانتهت القصة!!!، هذا هو الكلام، وهذا هو التشيع التيمي).
ثم يقارن المحقق الصرخي بين موقف ابن تيمية هذا وموقفه المبغض الجاحد لما ثبت شرعًا في حق الإمام علي -عليه السلام- حيث قال المرجع الصرخي: (وليأت ويناقش الاحاديث الثابتة الصحيحة الصادقة الثابتة عن النبي بحق علي، وعن الصحابة بحق علي ومنزلة علي وأهل البيت، ماذا يفعل ابن تيمية؟!!، قالوا: شيخ الاسلام!!، ياله من شيخ يبرر البدعة!!، يغطي على البدعة!!، يطمطم على البدعة!!، لأنها بدعة أموية، بدعة مروانية، بدعة من أئمته، من قادته، من سادته، من أنبيائه، من أربابه، نعم إنَّه يقدس بني أمية، إنَّه يعبد بني أمية، إنَّه على دين بني أمية)»، انتهى المقتبس.
فابن تيمية- وأئمته وخلفاؤه وأتباعه الدواعش- الذي كفَّر الناس بذريعة البدعة واستباح دماءهم وأعراضهم وأموالهم هو شيخ البدعة وإمامها ومشرعها والمدافع عنها والمتستر عليه والمبرر لها ينطبق عليه كل الأحكام التكفيرية القاتلة التي أطلقها هو- ظلما وبهتانا- على من لا يؤمن بفكره الضال التكفيري السادي بذريعة البدعة وأهل بدعة ودين البدعة!!!.