أفة الكلام العي , وأفة الكتابة سوء الفهم , ولذلك قال ألامام علي عليه السلام : أيها الكاتب أن ماتكتبه مكتوب عليك , وذلك لقوله تعالى ” وأن عليكم لحافظين -11- كراما كاتبين – 11 – ألانفطار-
للسماء خطاب من مفرداته ” ولاتبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في ألارض مفسدين ” – 183- الشعراء – وأتقوا الذي خلقكم والجبلة ألاولين ” – 184- الشعراء – وعندما يقول الله تعالى ولا تبخسوا الناس أشياءهم ” أنما أدخل كل الناس في منهج التقييم : والناس هم ألاسود وألابيض وألاصفر , وهم كذلك : الصابئي واليهودي والنصراني والمسلم والبوذي وألايزيدي وغيرهم .
ولكن الناس أغلب الناس لم يأخذوا بخطاب السماء ” وأكثرهم للحق كارهون ” وأصبحت هناك خطابات شتى وهو مايعرف بالخطاب الوضعي ” أي من وضع البشر ” فالدكتاتورية مثلا هو مصطلح وضعي , يقابله في خطاب السماء : –
البغي ” أن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم ”
الطغيان : ” أذهب الى فرعون أنه طغى ” , ولقد يعثنا في كل أمة رسولا أن أعبدوا الله وأجتبوا الطاغوت …” – 36- النحل –
الكفر : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ”
الظلم : ” ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ”
الفسق : ” ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ”
ألاستكبار : ” وبرزوا للله جميعا فقال الضعفاؤا للذين أستكبروا أنا كنا تبعا لكم …” – 21- أبراهيم –
ومشروع الدعوة الى الله منفتح على كل الناس قال تعالى ” ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون الى فرعون وملائه بأياتنا فأستكبروا وكانوا قوما مجرمين ” – 75- يونس – ويقع في خط التبليغ ومنهجه كل أصحاب تلك السلوكيات التي قسمها المنهج الشرعي والتي يقابلها اليوم المصطلح الوضعي ” الدكتاتوريات ” ومن هنا يقع اللبس عن الذين لايعرفون المنهج القرأني , فنحن ومن منطلق حواري منفتح لانواجه أصحاب الخطأ وألانحراف بالعنف وأنما بالموعظة والنصيحة والحوار , وهذه الرؤية ليست تأييدا للدكتاتورية كما قد يحلو للبعض أن يصفها فيضيع عليه منهج الرؤية المعرفية في التغيير ” أدعوا الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ” .
ومن يستعمل مصطلح ” الخطأ البنيوي ” ومصطلح ” تأييد الدكتاتوريات ” لآصحاب المنهج القرأني في التغيير أنما يضع نفسه في خانة التطرف الذي يعصف بمنطقتنا من الذين يستعملون المصطلحات في غير محلها ويفسرون القرأن والسيرة على هواهم فيقتلون حيث لايجوز القتل , ويبادرون للنزال حيث تكون المبادرة غير مستوفية لشروط النزال فينطبق عليهم ” الداعي الى النزال مصروع ” و ” الباغي مخذول ” , فيدمرون الممتلكات ويعتدون على الناس ” والله لايحب المعتدين ” .
ومن يستهويه أستعمال كلمة ” الخطأ البنيوي ” ظهر أنه لايعرف معناها , فالخطأ البنيوي , هو خطأ في التركيبة الفسلجية ” أي خطأ في وظيفة ألاعضاء الحيوية , وخلل من هذا النوع لايقال للذين يختلفون معك في الرأي ؟ فمن يختلف معك بالرأي عندك متسع من الخيارات الفكرية لرد رأيه ولكن ليس من خلال أفتراض أنه يعاني من خلل بنيوي , فالخلل البنيوي هو خلل وظيفي فسلجي والخطأ الفكري هو أستنتاج لايتبع قواعد البرهان الستة التي تنظم الفكري البشري , فهناك فرق بين الخلل البنيوي الفسلجي والخلل البنيوي في المنهج المعرفي , ومنهجنا ينتمي لمنهج ألاستقراء المنطقي الذي ينطلق من نظرية ألاحتمال ويزاوج بينها وبين العلم ألاجمالي ليصوغ فلسفة ألاعتقاد بالخالق الصانع ليس فقط على السببية والعلة والمعلول , وأنما على الطفرة ألاستقرائية التي تمتلك حيويتها النفس بفطرتها التي خلقها الله ” فطرة الله التي فطر عليها الناس ” ويبقى الفكر بهذه الصياغة نشاط أيجابي فعال للنفس كما يقول الشهيد محمد باقر الصدر صاحب نظرية تفسير المعرفة البشرية بنظرية التوالد الذاتي .
وهكذا رأينا خطأين في موضوع واحد لايسامح عليهما الكاتب , وأذا أضفنا لهما خطأ المنغولية التي أستعملها أحدهم في غير محلها وخطأ مراهقة الكتابة التي كرر بعضهم ألاصرار على عدم فهمها وأذا راجعنا خطأ أحتساب الدول التي تدعم ألارهاب وتتنصل عن الحقوق ألانسانية ومنها حق الفلسطينيين ونصفها بالدول الديمقراطية في معرض الحديث عن المعارضة المسلحة التي كثرت مظالمها وفجورها ومن يدعمها نصفه بالديمقراطي ؟
الى هنا يكون الخطاب يصل الى طريق مسدود ولا يعود ذا جدوى في الحوار كما قال تعالى ” ولقد صرفنا في هذا القرأن للناس من كل مثل وكان ألانسان أكثر شيئ جدلا ” فالجدل هو سفسطة لاينتج علما .
فعندما يقول الله تعالى لموسى عليه السلام ” أذهب الى فرعون أنه طغى ” لايعني الحوار مع فرعون هو تأييد له , وعندما تكون بلقيس ملكة سبأ التي كان أصحابها يسجدون للشمس من دون الله ولها عرش عظيم , ولكنها بعد أن رأت أيات الله أمنت مع سليمان النبي ولم يكن سليمان مؤيدا للدكتاتوريات وأنما كان مغيرا لها قال تعالى ” أني وجدت أمرأة تملكهم وأتيت من كل شيئ ولها عرش عظيم ” – 23- النمل – ” قيل لها أدخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال أنه صرح ممرد من قوارير قالت رب أني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ” – 44- النمل –
وخلاصة القول : أن الذين يعيبون موقف المقاومة والممانعة وينتقصون منها بلحاظ بعض التحالفات لايفقهون منهج العمل القرأني الذي يشخص المواقف بعيدا عن العقد النفسية وألامزجة الشخصية , وقد ضربنا مثالا لذلك بفرعون وطغيانه , وبلقيس وأبهتها , ومثلما ظهر أن من يزج نفسه في هذه المتاهات غير المؤهل لها وهو من لم يستطع أن يعطي مثلا على نموذج مقبول للمعارضة المسلحة التي تؤيدها فرنسا وبريطانيا ومن خلفهم أمريكا وأسرائيل ولهؤلاء نقول يكفي أن يصرح رئيس ألاركان ألاسرائيلي قبل يومين أن أسرائيل أصبحت مرتاحة لآنها تخلصت من تهديد سبعة فرق عسكرية سورية بعد أن أصيحت سورية ماضية الى التفتيت ؟ والقول ماشهدت به ألاعداء ؟
ثم أن الذي يقول عن حزب الله لبنان بأنه أنشقاق من حركة أمل عام 1982 عليه أن يراجع نفسه أكثر من مرة , لآن نواة حزب الله القيادية عند التشكيل هي من تنظيم حزب الدعوة ألاسلامية , والذي لايزال يخلط بين منهج القائد الضرورة وبين منهج المقاومة والممانعة لايفقه في السياسة شيئا وهو المعني بالصمت قبل غيره كما أراد هو , وتبقى قضايا الخطف مدانة أخلاقيا وشرعيا مهما كانت ألاسباب , وليعلم من أراد أستدرار عواطف القراء بأن منهج الخطف هو تأسيس أرهابي تكفيري قلدته البلطجية وقطاع الطرق الذين أستفادوا من حالة الفوضى التي خلقها ألارهاب الوهابي الذي لن يرحم أحدا حتى الذين لايحسنون الظن بمنهج المقاومة والممانعة .
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]