مسألة ومعضلة اختفاء وإخفاء الصحفي المُغيّب جمال خاشقجي باتت حديث الصالونات والكوفي شوبات , بل حديث الشارع والأرصفة وحتى البسطات , وايضاً ” الكيّات ” .! لما يكتنفها من ابهام وغموض , وأنّ اية محاولة لتفكيك رموزها تجرّ الى دوائرٍ من التوسع والأفتراضات لكلّ الأحتمالات , وآخذين بنظر الإعتبار أنّ الأجهزة الأمنية التركية لا تفصح عن كلّ ما توصلت اليه من معلومات ” ولأكثر من سبب , وهذا حقّ مشروع ” والى أن تكتمل عملية التحقيق , والتي نجدها سوف تطول .
ظهيرة هذا اليوم , وعلى مائدة غذاء في احدى مطاعم العاصمة , طرحَ احد الزملاء من الصحفيين الحضور سؤالاً خاصاً عن لماذا لم يلفت انتباه ضباط الجوازات < او ختم الجوازات > في مطار اسطنبول أنّ 15 فرداً سعودياً غادروا المطار , وجميعهم وصلوا الى مطار اسطنبول قبل 3 ساعات .!؟ ولماذا لم تنتابهم اية شكوكٍ افتراضية قد تستدعي ادخال حقائبهم تحت اشعة الليزر , حتى لو كانت من ضمن البريد الدبلوماسي غير الخاضع للتفتيش وفتح الحقائب .!؟ , قلتُ لصاحبي على الفور : ألا تتذكّر العدد الكبير من ” الكاونترات ” الخاصة بختم الجوازات في مطار اسطنبول الدولي , واليس من المنطق المخابراتي او الأفتراضي أن يتوزّع ال 15 عنصراً من الفريق السعودي كلاًّ منهم الى أحد ” الكاونترات ” , وهل يجوز اصطفافهم الى ” كاونتر” واحد ليجلبوا الشكوك الى انفسهم .! , ثمّ اضفت : ألم تلاحظ سابقاً أنّ جميع العاملين على ختم الجوازات ليسوا من الضباط , وجميعم من عناصر الشرطة ومراتبها , ومن بينهم العديد من الفتيات , وهم يواجهون طوابيراً طويلة من المسافرين او المغادرين كي يتنبّهوا الى كافة افراد الفريق السعودي المتفرقين .! , وعلى الفور ايضا سحب زميلي سؤاله وأشغل نفسه بتناول المقبلات .!
والى ذلك , ولأنّ متابعة تفاصيل ما يُنشر من مستجدات التحقيق في قضية خاشقجي يعتمد على تصريحاتٍ متفرقة لمسؤولي الأمن الأتراك وعلى ما تنشره وسائل الإعلام التركية بين حينٍ وآخر , مما جعل بعض وسائل الإعلام العربية وخصوصاً قناة الجزيرة القطرية تجتهد وتختلق وتُحرّف وتتلاعب ببعض نصوص الأخبار ذات الصلة ” بسبب العداء القطري – السعودي , مما انعكس ايضاً على تغطية الصحافة العربية للحدث من زواياً غير متساوية .
< أحد الزملاء الصحفيين الذين كان معنا طرح سؤالاً عن سبب عدم اصطحاب خاشقجي لخطيبته الى داخل القنصلية وهو أمرٌ سموح ومشروع .! , لكنما اتضح في اليوم التالي أنّ خاشقجي طلب من خطيبته الأنتظار خارجاً واعطاها هاتفه النقال , طالباً منها الأتصال بأحد المستشارين الحزبيين لأردوغان او بالشرطة التركية اذا ما حصل أمرٌ ما له > , وهكذا أنّ التفاوت في نشر مستجدات الحدث قد يجعل الصحفيين او بعضهم يبنون او يرسمون افكاراً ما في مخيلتهم الأعلامية لأستكمال وضع اجزاءٍ ما من الصورة الذهنية المشوشة لأختفاء خاشقجي .
وعلى ذكر خطيبة الفقيد المفقود السيدة خديجة ” التي دعاها ترامب يوم امس لزيارته في البيت الأبيض ” , فمسألة هذه الخطوبة التي اقتربت من مرحلة الزواج ” حيث كان خاشقجي بصدد استلام تصديق القنصلية على وثائق الزواج , فالمسالة تحمل مسحةً من الخيال الذي قد يجافي الواقع من زاويةٍ ضيقة ! رغم انها غير واقعية ايضاً , فالخاشقجي لا يتحدث اللغة التركية , ومن المفترض أنّ اللغة المشتركة بينهما هي الأنكليزية , كما أنّ خطيبته تفتقد الى الحدّ الأدنى من الجمال والكاريزما الأنثوية , والأنكى أنّ عائلة خاشقجي نفت علمها وسماعها لهذه الخطوبة اصلاً .! والإعلام الشرقي والأجتماعي – الأسلامي يفترض علم العائلة بمثل هذه الأمور , رغم انها غير الزامية , بينما أحد النشطاء السعوديين ذكر عبر قناة الجزيرة أنّ خاشقجي تزوجّ في شهر رمضان الماضي بزوجةٍ ثالثة , متسائلاً اذا ما كانت هذه الزوجة الرابعة وبهذه السرعة .! , وفي الواقع فأنّ مثل صغائر هذه المعلومات ” قد ” تلقي عبئاً ما على الإعلام الأستقصائي ولربما حتى على الأجهزة التحقيقية .
والى ذلك , وعلى الرغم من أنّ اصابع الأتهام غدت تضغط على عنق السعودية ومن كافة الزوايا او معظمها , وإذ دخل اختفاء او اخفاء الخاشقجي اسبوعه الثاني ودونما اعلانٍ نهائي عن نتائج التحقيقات التركية بالرغم من توفّر العديد من الأدلّة , فليس مستبعداً ايضاً مشاركة طرفٍ ثالث في هذه العملية الأجرامية , ولا نودّ الأسترسال في هذه الفرضية الممكنة , انما لا نبغي الإيغال اكثر في هذه التكهنات .!