عُرف عن السيد العبادي بأنه شخصية (ثلجية) رغم درجة حرارة العراق التي تصل في ذروتها إلى 55 م . لكن قالب ثلج العبادي لم يتأثر بتلك الحرارة العالية بل بقى صلدا ..فثلجيته أثرت عليه في ملف مكافحة الفساد والقضاء على المليشيات وحصر السلاح بيد الدولة وتحقيق مطالب المتظاهرين وتنفيذ عمليات الإصلاح وكذلك لم يفعل تقرير اللجنة البرلمانية بسقوط المدن العراقية بيد داعش وما نتج عنها من كوارث إنسانية وإحالة المسببين إلى القضاء. بل لم يستفيد حتى من الفرص التي منحها له الشعب والمرجعية .
السيد العبادي كان بارد في تعامله مع المسيئين وسراق المال العام حتى مع الذين سببوا له الإحراج في أكثر من مناسبة وهو القائد العام.. الهدوء والحكمة مطلوبة. ولكن بنفس الوقت الحزم والشدة وشجاعة القرار أيضا مطلوبة لأنها من مواصفات القائد الناجح وأمانة المسؤولية .برودته قتلت همته وثبطت عزيمته في اتخاذ القرارات الشجاعة بما فيها مواجهة الآخرين للتوجس من النتائج ، والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف.
ثلجيته أثرت عليه حتى في خطاباته الأسبوعية إذ كان “يبتسم” عند لفظ مفردة الظلم وكأنها ترف . وكان يخاطب المسؤول المسيء السارق بمفردة “الرجاء” وهو المسؤول التنفيذي الأول . ولم يكن حازما في القضاء على آفة الموازنة السنوية ألا وهي رواتب المسؤولين وتقاعدهم بما فيهم النواب ورواتب ومخصصات جماعة رفحاء وجيوش حمايات المسؤولين والذيل الإداري الكبير في الدولة والتوسع الأفقي في التشكيلات العسكرية خوفا من الزعماء السياسيين والمليشيات.
السيد العبادي لم يكن أيضا حازما في معالجة خرق السيادة الوطنية من قبل إيران وتركيا بل ترك كل الأبواب مفتوحة ليس من باب المناورة بل استجابة للضغط السياسي الداخلي.
لو اكتسب العبادي الحرارة بطريقة الاحتكاك مع المتظاهرين لفقد قالبه الثلجي جزء من برودته.. لكنه لم يسمع صوت الشعب ولم يقرأ النصائح التي قدمت له عبر الرسائل الإعلامية.
التركيبة الشخصية الباردة جعلته خائفا مترددا في قراراته وهي من ابرز الأسباب التي حرمته من ولايته الثانية.
قيادة العراق تتطلب الشدة والحكمة وعدم الاستماع إلى المنافقين والنصابين وتجار السياسة..بل إلى ما يكتبه المراقبين والكتاب والاطلاع على السلبيات والانتقادات الموجهة للحكومة وسماع صوت الشعب والعمل بالشفافية .
السيد العبادي ..البرودة لن تجعلك سياسي في المقام الأول.. كان الشعب العراقي يتأمل منك قراراً واحداً جامعاً ، هو إحالة حيتان الفساد إلى القضاء واسترجاع الأموال المنهوبة وحصر السلاح بيد الدولة والقضاء على مافيات الجريمة المنظمة فعلا وليس كلاما .
أبن بلدي.. كنا نقول لك عبر مقالاتنا لا تسعى إلى إرضاء الزعماء السياسيين وارفض مقترحاتهم التي تتعارض مع مصالح الدولة والبرنامج الإصلاحي.لكنك لم تصغي لمن يريد الخير لهذا البلد العملاق..السيد العبادي.. حزنت عليك ..ولو اقتربت من نار الشعب قبل الانتخابات الأخيرة لكنت ألان من تشكل الحكومة الجديدة.وفي الختام.. اهدي إليك أغنية الفنانة الكبيرة فيروز(ثلج ثلج).