خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
بعدما أصبحت الفتاة الفلسطينية، “عهد التميمي”، أيقونة للمقاومة ونموذجًا لكفاح “الشعب الفلسطيني”، وبعدما كرمها كل من رئيس السلطة الفلسطينية والرئيس التونسي ونادي “ريال مدريد”، ها هي تتعرض الآن لحملة تشويه بعدما؛ هددت بتفجير ثورة ضد الفصائل الفلسطينية إذا لم تتحد من أجل تحرير فلسطين.
“أبومازن” يحتفي بأيقونة المقاومة..
يقول الكاتب الإسرائيلي وخبير الشؤون العربية والفلسطينية، “يوني بن مناحم”: قبل حوالي أسبوعين سمحت السلطات الإسرائيلية لـ”عهد التميمي” بالسفر خارج الأراضي الفلسطينية للقيام بجولة في بعض دول العالم، ضمن أول رحلة لها خارج البلاد بعد إطلاق سراحها من السجن الإسرائيلي.
ولقد أصبحت تلك الفتاة أيقونة للمقاومة في نظر الفلسطينيين والعرب بعدما لطمت وركلت أحد الجنود الإسرائيليين في قرية “النبي صالح” شمال غرب “رام الله”. وتم إطلاق سراحها من السجن الإسرائيلي، في الـ 29 من تموز/يوليو الماضي، بعدما أمضت فيه ثمانية أشهر.
وفور إطلاق سراحها؛ استقبلها الرئيس الفلسطيني، “أبومازن”، بمكتبه في “رام الله”، في محاولة منه لإستقطابها ضمن “حركة فتح”، رغم أنها قد أعلنت في العديد من اللقاءات الصحافية أنها لا تنتمي لأي فصيل فلسطيني. وخلال استقبالها قال “أبومازن”؛ إن “عهد التميمي” تُعد “نموذجًا للنضال الفلسطيني لنيل الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية”.
“التميمي” تُثني على قائد “حزب الله”..
يضيف “بن مناحم”؛ أن “التميمي” كانت قد أثارت جدلاً إعلاميًا قبل سفرها إلى الخارج، عندما ظهرت في مقطع فيديو تثني فيه على زعيم حزب الله، “حسن نصرالله”، لأنه يدعم الفلسطينيين ويقاوم “إسرائيل”.
وقالت، في لقاء مع صحيفة (الغارديان) البريطانية، في الأول من آب/أغسطس الماضي، إنها خلال وجودها داخل السجن الإسرائيلي تعلمت “القانون الدولي” وستستغل ذلك للكشف عن الإنتهاكات الإسرائيلية أمام المحاكم الجنائية.
“التميمي” تهدد “حركة فتح” وباقي الفصائل..
يرى الكاتب الإسرائيلي؛ أنه ليس كل الفلسطينيين يعتبرون “التميمي” بطلة أو أيقونة جديدة للمقاومة، بل هناك من يعتبرها مستفذة ومثيرة للجدل؛ وأنها تحاول الظهور عبر وسائل الإعلام التي تبحث عن أبطال جدد للكفاح الفلسطيني، منذ بدأت حملة “مسيرات العودة”.
لذلك فإن ما قالته في الثالث من تشرين أول/أكتوبر الجاري، في “تونس” خلال مراسم استقبالها ولقائها بالرئيس، “الباجي قائد السبسي”، في مكتبه؛ قد أثار غضبًا شديدًا لدى قادة “حركة فتح” في “الضفة الغربية”.
حيث دعت “التميمي”، جميع الفصائل الفلسطينية، للتوحد وإلا فإنها والشباب من أبناء جيلها سيتمردوا على تلك الفصائل وسيجدون البديل لها. مضيفة: “إننا لن نرتكب ما إرتكبه الجيل السابق، ولن نقبل بأي تنازل عن أي شبر من أرض فلسطين التاريخية”.
حملة تشويه لـ”التميمي”..
بحسب الكاتب الإسرائيلي؛ هناك بعض المسؤولين في “حركة فتح” يرون أن “التميمي قد أصابها الغرور والكبر”، وأن تلك الفتاة ليس لديها فكرة عن من قاد “الثورة الفلسطينية” أو تزعم الكفاح ضد “إسرائيل”.
وهناك مسؤولون آخرون في “حركة فتح” يقولون؛ إن “التميمي” هي صنيعة الإعلام الإسرائيلي، الذي بالغ في تلميعها ورفع مكانتها، كما يتهمون المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بالسماح لها بالسفر إلى الخارج لإكسابها مزيد من التلميع.
“التميمي” المتغطرسة..
يرى الكثير من سكان المناطق الفلسطينية أن تصريحات “التميمي” تنم عن غطرسة وكبرياء، في ظل التضحيات الكبرى التي يُقدمها الآخرون، حيث قُتل قرابة 200 فلسطيني وأصيب الآلاف في مظاهرات ضد الجيش الإسرائيلي بطول السياج الحدودي في “قطاع غزة”. ويقول ساخرًا أحد مسؤولي “حركة فتح”، الذي أمضى أكثر من 10 سنوات في السجون الإسرائيلية: “لم تتجاوز المدة التي قضتها، “التميمي”، في السجن الإسرائيلي سوى ثمانية أشهر، لكنها تريد أن تقود الفلسطينيين وتتمرد على القيادات المخضرمة”.
مسرحية التروييج لـ”التميمي”..
كما وجهت شخصيات إعلامية بارزة في العالم العربي؛ نقدًا شديدًا لـ”التميمي”، فها هو الصحافي المعروف، الدكتور “فيصل القاسم”، قد وصف الضجة الإعلامية التي صاحبت إطلاق سراح “التميمي” من السجن الإسرائيلي؛ بأنها مجرد “مسرحية”.
حيث كتب، “القاسم”، في تغريدة له على منصة التواصل الاجتماعي (تويتر)، في الـ 30 من تموز/يوليو الماضي، أن “آلاف المناضلين الفلسطينيين قد أمضوا سنوات عديدة في غياهب السجون الإسرائيلية، حتى أن بعضهم مات في السجن، ورغم ذلك لم نسمع عنهم مجرد كلمة واحدة، ثم يأتي من يقول إن “التميمي” هي أيقونة النضال، فما أسخف الذين يصدقون هذه المسرحية الرديئة التي تلعب بالعقول لصالح إسرائيل”.
فيما قال الكاتب الفلسطيني، “أحمد دعدوش”، في حسابه على (فيس بوك)، بتاريخ 30 تموز/يوليو الماضي: “منذ اليوم الأول لاعتقال “عهد التميمي” ما زلنا نتساءل، لماذا يتم تحويلها إلى أيقونة ؟.. ولماذا يحتفل العرب بحريتها بعد ثمانية أشهر، بينما يقبع ثلاثمائة طفل فلسطيني في الأسر دون أن يخبرنا أحد بأسمائهم ؟”.
قسوة السجون الإسرائيلية !
جدير بالذكر؛ أنه قبل بضعة أيام، قام “نادي ريال مدريد” الإسباني لكرة القدم بإستضافة “التميمي” وتكريمها على نضالها ضد الاحتلال.
وزعمت في اللقاءات، التي أجرتها خلال تواجدها في “إسبانيا”، أن الظروف داخل السجون الإسرائيلية قاسية للغاية، بعكس ما قالت من قبل لوسائل الإعلام أنها قضت أوقات ممتعة مع السجينان الفلسطينيات، وهناك من سخر من “التميمي” على شبكات التواصل في العالم العربي؛ فقال بعضهم إن وزنها قد إزداد بسبب “الظروف القاسية” التي عاشتها في السجن الإسرائيلي.
“التميمي” تبث الرعب في نفوس بعض المسؤولين الفلسطينيين..
على أي حال، فإن “التميمي” لم تقل بعد كلمتها الأخيرة، ولكن نظرًا لتصريحها الأخير، لا يمكن أن نستبعد إمكانية أن تتخوف شخصيات فلسطينية مسؤولة من تلك الفتاة لأنها أصبحت تهدد مكانتهم وتعرضهم للخطر، لذلك سيحاول هؤلاء المسؤولون التقليل من شأنها والحط من قدرها.
ملامح “التميمي” تتناقض مع شخصية المرأة الفلسطينية التقليدية..
في بداية شهر آب/أغسطس الماضي، عندما تم إطلاق سراح “التميمي” من السجن الإسرائيلي، أعلن المستشرق الإسرائيلي، “بنحاس عنبري”، أن اعتبار “التميمي”؛ ذات الشعر الأصفر، تمثل “أيقونة” فلسطينية، هو أمر يتناقض تمامًا مع شخصية المرأة التقليدية التي يمكن للمجتمع الفلسطيني في “الضفة الغربية” أن يتقبلها، حيث أن الفتاة الشقراء عارية الرأس تمثل تحديًا لصورة المرأة المحتشمة والمتحجبة.
وأضاف “عنبري” أنه شخصيًا قد رأى خلال جولة له بإحدى قرى “الضفة الغربية” صورة جدارية لـ”عهد التميمي”؛ وقد كتب بجوارها: “جمالك في حجابك”. مما يعني أن صورة “التميمي” تحمل تحديًا للقيم والأعراف التي يلتزم بها “المجتمع الفلسطيني”.
“التميمي” والتيار السلفي..
أشار “عنبري” إلى أن قيام “التميمي” بتقبيل ضريح “ياسر عرفات”؛ سيضعها في مشكلة أخرى مع المنتمين للتيار السلفي. لأن التبرك بالأضرحة والقبور من المحرمات عند السلفيين، الذين يقومون بهدمها في أرجاء الشرق الأوسط. فتنظيم (داعش)، على سبيل المثال، قد هدم قبر “أبوجهاد” في “مخيم اليرموك”.