1 نوفمبر، 2024 12:31 م
Search
Close this search box.

بعد الاتهام الفرنسي لإيران .. محاولة “باريس” للضغط على “طهران” لتغيير موقفها في “سوريا” !

بعد الاتهام الفرنسي لإيران .. محاولة “باريس” للضغط على “طهران” لتغيير موقفها في “سوريا” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني : 

تأخذ العلاقات الدبلوماسية بين “إيران” و”فرنسا” منحىً جديد من التوتر، والذي كان قد بدأ منذ حزيران/يونيو الماضي، فقد اتهمت “فرنسا”، الاستخبارات الإيرانية، بالتخطيط لإعتداء على الأراضي الفرنسية يستهدف اجتماعًا للمعارضة الإيرانية.

مصدر دبلوماسي فرنسي قال، الثلاثاء 2 تشرين أول/أكتوبر 2018، إن وزارة الاستخبارات الإيرانية “أمرت” بالتخطيط لإعتداء قرب “باريس” كان يستهدف تجمعًا لمعارضين إيرانيين في المنفى، في 30 حزيران/يونيو 2018، لكنه أحبط.

تجميد أصول إيرانية..

وقال المصدر، طالبًا عدم ذكر اسمه، إن “إدارة العمليات في وزارة الاستخبارات أمرت به”، في حين قامت “فرنسا”، الثلاثاء، بتجميد أصول أدارة الأمن في الوزارة الإيرانية وإيرانيين، أحدهما دبلوماسي، موقوف لاتهامه بأنه على صلة بمخطط الإعتداء في “فيلبنت”.

وقال البيان الفرنسي؛ إن تجميد الأصول استهدف فردين هما؛ “أسدالله أسدي” و”سعيد هاشمي مغدم”. كما استهدف أيضًا وحدة تابعة للمخابرات الإيرانية.

ولم تذكر الحكومة الفرنسية تفاصيل بشأن الأصول المعنية، ووصفت الإجراءات بأنها “محددة ومتناسبة”، مضيفة أنها تحركت ضد “المحرضين والمخططين والمنفذين” للهجوم الذي تم إحباطه.

تحذير من رد قوي..

وحذرت “فرنسا”، طهران، من أنها ينبغي أن تتوقع ردًا قويًا على إحباط محاولة الهجوم، الأمر الذي فاقم توتر العلاقات الدبلوماسية.

وتحدث الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، ووزير خارجيته، “جان إيف لو دريان”، مع نظيريهما الإيرانيين بشأن هذا الأمر، على هامش “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، بعد المطالبة بإجابات بشأن دور “إيران”.

وكشفت وكالة (رويترز)؛ أن مذكرة داخلية لـ”وزارة الخارجية الفرنسية” ناشدت الدبلوماسيين، في آب/أغسطس الماضي، بعدم السفر إلى “إيران”، وذكرت أن الأسباب هي مخطط التفجير في “فيلبنت”، وتشدد الموقف الإيراني تجاه الغرب.

كما أجلت “باريس” ترشيح سفير جديد إلى “إيران”، ولم ترد على ترشيحات “طهران” لمناصب دبلوماسية في “فرنسا”.

وقالت إدارة الرئيس، “ترامب”، إنها تتوقع أن تلحق إعادة فرض العقوبات أضرارًا شديدة بالاقتصاد الإيراني.

إيران تنفي..

في المقابل؛ نفت “طهران” الاتهامات الفرنسية بشأن التخطيط لإعتداء قرب “باريس”.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، “بهرام قاسمي”، في بيان صحافي: “ننفي بشدة هذه الاتهامات وندين اعتقال الدبلوماسي الإيراني ونطالب بإطلاق سراحه فورًا”، مشيرًا إلى أن اعتقال الدبلوماسي عبارة عن “سيناريو ومخطط يرمي إلى تدمير العلاقات الجيدة والمتنامية بين إيران وأوروبا”.

وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية على أن هذا الحادث يصب في مصلحة “أميركا” و”إسرائيل”، التي تعد “زمرة إرهابية” للعمل ضد مصالح الشعب الإيراني، وأشار إلى أنها تتخذ من “فرنسا” مقرًا لها.

يذكر أن السلطات الفرنسية كانت قد اعتقلت دبلوماسيًا فرنسيًا رفقة اثنين أخرين بتهمة التخطيط للهجوم على اجتماع لجماعة معارضة إيرانية في “فرنسا”، في تموز/يوليو الماضي.

وكانت أجهزة أمن “فرنسا وبلجيكا وألمانيا” قد أحبطت، في عملية مشتركة، أواخر تموز/يوليو الماضي، مخططًا كان يستهدف اجتماعًا للمعارضة الإيرانية قرب “باريس”، وفق ما تم الإعلان عنه.

تأجيل سفر الدبلوماسيين لأجل غير مسمى..

وقد أبلغت “فرنسا” دبلوماسييها ومسؤولي وزارة الخارجية، تأجيل السفر، غير الضروري، إلى “إيران” لأجل غير مسمى.

وقالت مذكرة لـ”وزارة الداخلية الفرنسية” أن موقف الحكومة الفرنسية بتقييد سفر دبلوماسييها إلى “إيران”، يأتي ردًا على موقف “طهران” المتصلب من “فرنسا”؛ وعدم تعاونها في قضية التحقيق ومحاكمة المتورطين، على رأسهم مدبر الهجوم الإرهابي الفاشل؛ وهو الدبلوماسي ب‍السفارة الإيرانية بالنمسا، “أسدالله أسدي”.

وحذرت “فرنسا” من تداعيات تصلب الموقف الإيراني، رغم أن “باريس” من أقوى المدافعين عن إنقاذ “الاتفاق النووي”، الموقع سنة 2015، بين إيران والقوى العالمية، والذي انسحب منه الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، في آيار/مايو الماضي.

وكانت “إيران” قد قالت إنه لا علاقة لها بمحاولة تفجير “مؤتمر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية”، (NCRI)، بقيادة منظمة “مجاهدي خلق”، في 30 حزيران/يونيو 2018.

غير أن “ألمانيا” قامت باعتقال الدبلوماسي الإيراني “أسدي”، بتهمة تسليم قنبلة لمنفذي الإعتداء الفاشل، وهما إيرانيان يحملان الجنسية البلجيكية؛ وهما “أمير سعدوني”، (38 عامًا)، وامرأة معه تدعى “نسيمة نومني”، (33 عامًا)، واللذين اعترفا أنهما استلما القنبلة من “أسدي” في “لوكسمبورغ”، قبل يوم واحد من تنفيذ العملية، حسب ما نقلت وسائل إعلام أوروبية عن القضاء البلجيكي.

هجوم على مقرات إيرانية في باريس..

وفي الوقت ذاته؛ شهد إطباقًا فرنسيًا حاسمًا على بنى تحتية أمنية لـ”إيران” على الأراضي الفرنسية، فقد أفادت الشرطة بأن حوالي 200 شرطي قاموا بـ 12 عملية دهم وتفتيش في مقر “مركز الزهراء في فرنسا” ومنازل أبرز مسؤوليه.

وأوضحت أن أسلحة ومواد أخرى صودرت، وأن 11 شخصًا أوقفوا؛ أبقي 3 منهم محتجزين قيد التحقيق.

يذكر أن “مركز الزهراء في فرنسا”، الكائن في بلدة “غراند سانت” في الشمال، هو أحد المراكز الشيعية الرئيسة في “أوروبا”.

وتشير صفحة المركز على “فيس بوك”، (والتي تجمع 8529 مشتركًا)، أنه أسس في تشرين ثان/نوفمبر 2009. لكن في ذلك وحده لبس، إذ ذكرت أسبوعية (لكسبراس) الفرنسية، في شباط/فبراير 2009، أن هذه “الجمعية المسلمة الشيعية” توجد منذ 2005. وكانت الجمعية قد حركت التحفظات في 2009، بسبب منشورات “لاذعة”، “معادية للصهيونية”.

فأكدت (لكسبراس) أن المركز بث “صورًا مرعبة، تقارن مصير اليهود على يد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية بمصير الفلسطينيين في مواجهة الجيش الإسرائيلي الحالي”. وأحد أبرز مسؤولي “مركز الزهراء”، “يحيى قواسمي”، الذي أوقف قيد التحقيق، كان قد أسس “الحزب ضد الصهيونية” في “فرنسا”.

تصدي للإرهاب..

وقالت شرطة “باريس” إن العملية “تندرج في إطار التصدي للإرهاب”، مضيفة أن نشاطات المركز “تجري متابعتها بدقة بسبب تأييد قادته الواضح لمنظمات إرهابية كثيرة وحركات تروّج أفكارًا مخالفة لقيم الجمهورية”.

أما على موقعه الإلكتروني؛ فيقول “مركز الزهراء” في “فرنسا” إن هدفه هو “أن يعرّف برسالة الإسلام عبر رؤية الرسول وأهله، ويعرف بهم ويترجم أفكارهم ويستشهد بأعمالهم”، مع التركيز على “الفكر والروح الجامعين”. بل ويضيف المسؤولون أنهم ينتمون إلى “كيمياء العالمين، فنحن غربيون من الشرق، ومشرقيون من الغرب”، وأنهم يستمدون “شهادتهم” من هذه التوجهات.

وفي نفس الموقع؛ نجد آيات قرآنية وتفسيرات عبر الفيديو للأحاديث النبوية ومقالات لـ”الحزب ضد الصهيونية”. كما يقترح المركز برامج إذاعية ومسلسلات “إسلامية”، إضافة إلى تطبيقات وألعاب يبدو أنها موجهة خصوصًا للشباب، والهدف منها، حسب الموقع، “توفير إمكانية القيام ببحوث حول الأنبياء وأسس الإسلام”. ويضم موقع (يوتيوب) للمركز أيضًا نحو 8500 مشترك.

ويقول المركز أنه يعمل على نشر مؤلفات وتنظيم ندوات ورحلات وتظاهرات ذات أبعاد “علمية وبيداغوجية ودينية ومعرفية” ويعمل على إنتاج أفلام موجهة لجمهور عريض.

قد تؤثر على العلاقات بين البلدين..

ويرجح أن تؤثر هذه الاتهامات على العلاقات بين البلدين، خاصة أن “فرنسا” من بين أهم الدول الأوروبية التي تدافع عن “الاتفاق النووي الإيراني”، للعام 2015، الذي انسحبت منه “الولايات المتحدة” في آيار/مايو الماضي.

وتقود “فرنسا”، بالفعل، الجهود الأوروبية الرامية للحفاظ على “الاتفاق النووي”، في تحرك أثار توترًا مع الحليف الأميركي وألقى بظلال ثقيلة على العلاقات “الأوروبية-الأميركية”.

وتحشد “فرنسا” ودول الاتحاد؛ لتشكيل جبهة في مواجهة الضغوط الأميركية الرامية لتضييق الخناق على “إيران” ضمن خطة تستهدف كبح أنشطتها الإرهابية في المنطقة وبرنامجيها للصواريخ (الباليستية) والأسلحة النووية.

خطوة سياسية بالدرجة الأولى..

المتخصصون في الشأن الإيراني يرون أنه من الطبيعى أن تقوم أجهزة المخابرات بعمل شركات ومؤسسات ومكاتب كغطاء تمارس تحته الأعمال الاستخبارية، إلا أنها لا تكون من خلال استثمارات كبيرة فى معظم الأحيان، لأنها تدرك أنها سوف تكتشف وتصادر.

وعندما يكون “النظام الإيراني” متابعًا بدقة من أجهزة المخابرات الأوروبية والأميركية يصعب أن تتمكن  مخابرات “إيران” من إنشاء مؤسسات بسهولة، لكن يمكن أن تعمل من خلال مؤسسات لبنانية أو عراقية أو غيرها، ولكن لتنفيذ مهام محدودة في غسيل أموال أو شراء معدات محظورة .

وتعتبر الخطوة الفرنسية؛ سياسية بالدرجة الأولى وتوجه رسالة هادئة لـ”إيران” أنه رغم رفضها للقرار الأميركي من “الاتفاق النووي”، إلا أنها تعارض البرنامج الصاروخي والممارسات الإيرانية في المنطقة، وهي بذلك تقترب نسبيًا من الموقف الأميركي وتخاطب دول الخليج المعنية.

وهو ما أكدت عليه وزيرة الدفاع الفرنسية، “فلورنس بارلي”، بالقول إن برنامج إيران (الباليستي) يشكل تهديدًا، وإن “نفوذ طهران” في منطقة الشرق الأوسط مبعث رئيس للقلق.

الخطوة الفرنسية، على النحو السابق، رغم محدودية عائدها الفعلى على “المخابرات الإيرانية”، إلا أنها قد تتضمن رسالة غير مباشرة تنبه “إيران” إلى أن أنشطتها الاستخبارية، غير المباشرة والمستترة، مرصودة ويمكن أن يتصاعد الموقف مستقبلاً.

من ناحية أخرى؛ “فرنسا” تبدي اهتمامًا مكثفًا مؤخرًا بتطورات الأزمة السورية وتسعى إلى الاتفاق على تشكيل لجنة دستورية للإعداد للمرحلة الانتقالية، ويوجد تباين بين الموقف الفرنسي والموقف الإيراني بهذا الخصوص، وبالتالي يمكن أن تكون الخطوة الفرنسية في مجال ممارسة الضغوط على “إيران” لتطويع موقفها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة