خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في ظل اللغط الدائر بشأن البرنامج النووي لـ”كوريا الشمالية” ما بين المخاوف حول تفكيك برنامجها من عدمه ومدى الخطر الذي تشكله، دافع وزير خارجية كوريا الشمالية، “ري يونغ”، أمام “الأمم المتحدة”، السبت 29 أيلول/سبتمبر 2018، عن موقف بلاده المتردد قائلاً؛ أن استمرار العقوبات على “بيونغ يانغ” يؤدي إلى تفاقم انعدام ثقتها في “الولايات المتحدة”، وإنه لا يمكن لبلاده التخلي عن أسلحتها النووية بشكل أحادي في ظل مثل هذه الظروف.
مضيفًا “ري”، خلال التجمع السنوي لزعماء العالم في “الأمم المتحدة”، أن “كوريا الشمالية” قد إتخذت “خطوات مهمة تثبت حسن نواياها”، خلال العام الماضي، مثل وقف تجارب الأسلحة النووية والصواريخ، وإزالة موقع الاختبارات النووية، كما تعهدت بعدم نقل الأسلحة أو التكنولوجيا النووية.
وتابع: “ومع ذلك لم نر في المقابل أي استجابة من الولايات المتحدة، بدون أي ثقة في الولايات المتحدة لن تكون هناك طمأنينة فيما يتعلق بأمننا القومي، وسيكون من المستحيل في ظل مثل هذه الظروف أن نبادر لنزع سلاحنا من جانب واحد”.
نهج تدريجي لنزع السلاح النووي..
وكرر “ري” شكاوى “كوريا الشمالية” من رفض “واشنطن” لتبني نهج “تدريجي” لنزع السلاح النووي؛ يتم خلاله مكافأة “بيونغ يانغ” مع إتخاذها خطوات تدريجية.
وأشار “ري” إلى البيان المشترك لزعيم كوريا الشمالية، “كيم جونغ-أون”، والرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بعد قمتهما الأولى في “سنغافورة”، في 12 حزيران/ يونيو 2018، حين تعهد “كيم” بالعمل على “نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية”، بينما وعد “ترامب” بتوفير ضمانات لأمن “كوريا الشمالية”.
خطوات موازية..
لهذا اعتبرت وزيرة الخارجية الكورية الجنوبية، “كانغ كيونغ-هوا”، أنه على “واشنطن” إتخاذ خطوات موازية، حتى تمضي “كوريا الشمالية” في إجراءاتها الخاصة بنزع السلاح النووي بإطمئنان، حسبما ذكرت وكالة (روسيا اليوم) للأنباء.
وقالت؛ أن المشكلة القائمة حاليًا، هي انعدام الثقة بين الجانبين الكوري الشمالي والأميركي، مضيفة أنه لابد من إتخاذ الخطوات اللازمة لبناء الثقة.
وتابعت: “أرى أن مسألة إنشاء مكتب الاتصال بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، ستصبح إحدى مواضيع النقاش، وأن تأسيس المكتب سيكون إجراء لبناء الثقة، وسيمثل حجر الزاوية في تحسين العلاقات بين الجانبين بصورة كبيرة”.
وردًا على سؤال حول مدى تأثير العقوبات المفروضة على “كوريا الشمالية”، التي زارت، “كانغ كيونغ-هوا”، عاصمتها مؤخرًا، قالت: “بالنسبة لبيونغ يانغ، فمن الصعب أن ألاحظ تأثير العقوبات”.
عقوبات جديدة على “بيونغ يانغ”..
وكان “مجلس الأمن الدولي” قد تبنى بالإجماع، في كانون أول/ديسمبر 2017، قرارًا يفرض عقوبات جديدة على “كوريا الشمالية”، تحِد بدرجة كبيرة من قدرات “بيونغ يانغ” في مجال التصدير والاستيراد.
وينص قرار المجلس، رقم (2375)، على فرض نظام عقوبات؛ هي الأكثر شدة من قبل المجتمع الدولي في القرن الحادي والعشرين.
وجاءت هذه العقوبات ردًا على إعلان “كوريا الشمالية”، يوم 3 أيلول/سبتمبر 2017، قيامها بتجربة ناجحة لرأس مدمرة (هيدروجينية)، هي السادسة من نوعها، مخصصة لاستخدامها في الصواريخ (الباليستية) العابرة للقارات. وسبق ذلك بأسبوع واحد إطلاق صاروخ (باليستي) حلق فوق أراضي “اليابان”.
مغازلة لرئيس كوريا الشمالية..
وحاول الرئيس الأميركي تهدئة الموقف بمغازلته لرئيس “كوريا الشمالية”؛ أمام حشد من أنصاره في “وست فيرغينيا”، مساء أمس السبت الماضي، قائلاً إنه والزعيم الكوري الشمالي، “كيم جونغ-أون”، قد “وقعا في الحب”، في الوقت الذي بدأت فيه التوترات بين البلدين في الهدوء خلال العام الماضي.
وقال “ترامب”: “لقد كنت عنيفًا للغاية، وهكذا كان هو، ونحن نتبادل التهديدات.. ثم وقعنا في الحب”.
وأضاف: “لقد كتب لي رسائل جميلة، وهي رسائل رائعة.. ووقعنا في الحب”.
مشيرًا إلى توقف “بيونغ يانغ” عن إجراء تجارب نووية، فضلاً عن التوقف عن إطلاق الصواريخ (الباليستية)، كدليل على أن نهجه مع “كوريا الشمالية” كان ناجحًا، حتى بينما يقول المنتقدون إن البرنامج النووي لـ”كوريا الشمالية” ما زال مستمرًا.
قمة “أميركية-كورية” ثانية قريبة..
ذكرت صحيفة (العين) الإماراتية؛ أن الرئيس الأميركي، وزعيم كوريا الشمالية، تبادلا التهديدات قبل أن يقررا طي صفحة عقود من المجاهرة بالعداء، إذ كانت “كوريا الشمالية” تسعى لتطوير صاروخ نووي قادر على ضرب “الولايات المتحدة الأميركية”، فيما تجهز إدارة “دونالد ترامب” لقمة ثانية مع “كيم جونغ-أون”، للحديث عن نزع السلاح النووي، لكن لم يُعلن موعد أو مكان لها بعد، كما أنه لم تمتثل “بيونغ يانغ” إلى مطالب أميركية بتقديم حصر كامل لتفاصيل برامجها النووية وإتخاذ خطوات لا رجعة فيها للتخلي عن ترسانتها.
وكانت وكالة (سبوتنيك) الروسية؛ قد نقلت عن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، تصريحاته قبل اجتماع ثنائي مع رئيس كوريا الجنوبية، “مون غاي”، التي أكد فيها أنه سيكون هناك قمة ثانية بين “الولايات المتحدة” و”كوريا الشمالية” في صيغة مماثلة للقاء الأول الذي عقد بينه وبين الزعيم، “كيم جونغ-أون”، ولكن لم يتم تحديد موقعه بعد. متابعًا: “سيكون لقاء بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، لذا سيكون مشابهًا لصيغة اللقاء الذي جمع بيني وبين، كيم جونغ-أون، ولكن من المرجح أن يعقد في موقع مختلف، وأكرر أنه سيتم الإعلان عن موعده قريبًا جدًا”.
قلق أميركي من التهديد النووي..
ويعود التنازل الأميركي إلى المخاوف المتزايدة من القدرات النووية المتطورة لـ”بيونغ يانغ”، فقد قال قادة “الوكالة الفيدرالية الأميركية لإدارة الطوارئ”، أنهم قلقون بشدة من زيادة التهديد النووي من “كيم جونغ-أون”، وبدأ القادة بوضع خطط لحماية 60 مدينة أميركية كبرى من آثار حرب محتملة باستخدام سلاح فتاك.
وذكر موقع (BuzzFeedNews)؛ أنه عقد، في يومي 22 – 23 آب/أغسطس 2018، ندوة في “الأكاديمية الوطنية للعلوم”، بمشاركة أحد موظفي الوكالة، “لويس غارسيا”، وهو المسؤول عن تطوير واعتماد حلول لتحييد تهديد التلوث الكيميائي والبيولوجي والإشعاعي والنووي.
ووفقًا للمسؤول، فإن العبوة المتفجرة التي يمكن استخدامها في النزاع الحراري النووي الحديث قوتها المحتملة تتراوح بين 100 إلى 1000 كيلوطن. و”كوريا الشمالية” هي أكثر من يقلق الأميركيين؛ فهي أجرت العام الماضي اختبارًا لقنبلة بحجم تقديري 250 كيلوطن.
تشديد الحماية..
وبحسب ممثل “معهد مكافحة الكوارث” التابع لجامعة “غورغيا خان دالاس”، هذه الحقيقة تجعل الكثير من الحكومات يفكرون في طرق تشديد الحماية من هذا النوع من التهديدات.
وقد بيّن أحدث نماذج التنبؤ بآثار الانفجار، الذي طور في المختبر الوطني لوزارة الطاقة في “ليفرمور”، (كاليفورنيا)، مع الآخذ بعين الاعتبار الظروف الجوية التي تؤثر على إتجاه الإنبعاثات، أنه يتعين على السكان المدنيين البحث عن ملاجيء آمنة، يجب أن تكون قادرة على الحد من آثار انتشار موجة الانفجار، والبقاء فيها لأطول فترة ممكنة. وهذا سوف يقلل من فرص حدوث حروق وأمراض الإشعاع.
وبشكل عام؛ وفقًا للخبراء، يمكن أن يؤدي مليون طن من المتفجرات، في مدينة ذات كثافة سكانية عالية، إلى مئات الآلاف من القتلى وملايين الجرحى.
وقال “غارسيا” إن وزارته تدرس أيضًا السيناريو البديل الذي يمكن أن تتعرض فيه “الولايات المتحدة” إلى الهجوم النووي لسلسلة من الهجمات الإلكترونية القوية، وكذلك عمل الأسلحة “الكهرومغناطيسية” و”البيولوجية”.
وشدد نائب مدير المستودع الوطني للأسلحة الإستراتيجية، “ستيف آدمز”، أنه بالنظر إلى تجربة زمن “الحرب الباردة” والأزمة الكوبية، ينبغي إيلاء مزيد من الاهتمام لمسألة توريد وتوزيع الأدوية الضرورية.
ووفقًا للخبير؛ في الوقت الحالي فإن هناك نقص حاد في الجراحين المتخصصين في معالجة آثار الحروق في “الولايات المتحدة”. والمشكلة تكمن في رفضهم بالاتصال مع المرضى بسبب الخوف من تأثير الإشعاع عليهم.
وخلص المحللون إلى أنه بعد الإعلان عن الإنذار النووي؛ يجب إبلاغ السكان في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة في البلاد بشأن العواقب المحتملة للكارثة.
موقف أميركي ثابت..
تعليقًا على التصريحات “الكورية-الأميركية”، قال الخبير في الشؤون الآسيوية، الدكتور “وائل عواد”، إن هذا الموقف هو موقف ثابت من “الولايات المتحدة”، التي مازالت متمسكة بفرض العقوبات على “كوريا الشمالية”، برغم الحديث حول إتفاق لنزع سلاح “بيونغ يانغ” النووي.
وتوقع التوصل إلى إتفاق يمكن تطبيقة بالفعل؛ لو إبتعدت “أميركا” عن التعنت تجاه “كوريا الشمالية” فيما يخص نزع الأسلحة النووية.
تلكؤ كوريا الشمالية أثار القلق..
من جانبه؛ أوضح الكاتب والمحلل السياسي، “ماك شرقاوي”، أنه بعد “قمة سنغافورة”، والإتفاق بين “ترامب” وزعيم كوريا الشمالية، “كيم جونغ-أون”، تم عمل مذكرات تفاهم بين الجانبين، لكن تلكأ النظام في “كوريا الشمالية” في نزع سلاحه النووي هو الذي أثار القلق، حيث هدمت “كوريا الشمالية” منصة قديمة لإطلاق الصواريخ لم يكن لها قيمة في البرنامج النووي.
وقال إن المنصة التي تم تدميرها في “كوريا الشمالية” تهالكت تمامًا، مع إظهار صور الأقمار الصناعية بتجديد “كوريا الشمالية” لأسلحتها النووية وإضافه تحسينات عليها، لذلك تنبهت “الولايات المتحده” لهذا الأمر واستمرت في عقوباتها على “كوريا الشمالية”.