17 نوفمبر، 2024 7:12 م
Search
Close this search box.

الاستراتيجية التربوية والتعليمية والامن القومي

الاستراتيجية التربوية والتعليمية والامن القومي

تعتبر منظومة التربية والتعليم احد اهم ركائز بناء الامن القومي في اي بلد، ومن هنا جاءت العلاقة الجدلية بين هذه المنظومة والامن القومي مضافا لها الهوية الوطنية الواحدة وبخاصة عندما يكون هناك اسس وقواعد ومؤشرات تعبر عن افكار ورؤى قوية متماسكة، عندها يكون امن البلاد والمجتمع والافراد ايجابيا، كون التربية والتعليم المسلك والطريق الصحيح للتنشئة الوطنية بكل ابعادها وعلى جميع المستويات، كما انه المسؤول الاول عن غرس منظومة القيم الوطنية والتقدم والابداع وخلق الشخصية الوطنية، ومجموع هذه الفعاليات والنشاطات والعمليات تشكل بدورها الدعم والحماية للامن القومي من قبل الشعب وعندما ينحسر ويتاخر ويضعف دور المؤسسات التربوية والتعلمية يحدث العكس، بمعنى يحدث الخلل في بناء الشخصية والهوية الوطنية الواحدة ويتعرض الامن القومي لجملة من التحديات والمخاطر الكبرى، و يحدث الانفصام والانفصال بين الناس والاجهزه المسؤولة والمختصة بالأمن القومي، ومن هنا جاءت الحاجة للنهوض بواقع التربية والتعليم من خلال ثورة شاملة يتكاتف فيها المجتمع بكل طبقاته وعلى اختلاف اشكاله واطيافه بما فيه من خبراء تربويين واكاديميين وتدرسيين واولياء امور لتشخيص الاسباب والعوامل التي ادت الى الضعف والانحسار والتردي في العملية التربوية والتعلمية ومؤسسات الدولة المعنية بها للتوصل الى قرارات لوضع ثوابت ومنطلقات ومناهج من قبل اصحاب الاختصاص تتوافق وتتماشى مع متطلباتنا الوطنية العصرية ومستقبلنا وامننا القومي، وبالتالي كان لابد من حل مشكلاتنا المرتبطة بالتربية والتعليم لنتمكن من اعداد وبناء جيل مقتدر بإمكانه الدفاع عن الوطن والاسهام في تنمية البلاد والحفاظ على امنها القومي، وما نقصد هنا بالدفاع عن الامن القومي هو ليس الحفاظ على حدود وامن البلاد من الجوانب العسكرية والامنية فقط انما المعني اعداد جيل مؤمن بالعيش المشترك وثقافة التسامح وتقبل الاخر من خلال بناء عقول نيرة بمقدورها قيادة مسيرة البلاد السياسية والاجتماعية والاقتصادية وفي كافة المجالات بالشكل الذي يتناغم مع عصر العلم والمعرفة، وكل هذا يعني العمل والاجتهاد في بناء الانسان من خلال سياسات تربوية وتعلمية استراتجية واضحه نابعة من المصالح الوطنية والشعبية المعتمدة على الموارد البشرية وليس على عوائد النفط والمعادن في البلاد، لان التربية والتعليم الطريق والمسلك الوحيد الذي يؤدي الى التقدم والازدهار والنهوض بكل قطاعات الدولة ويحقق الامن والسلام واسعاد المجتمع و يصب نتائجها في حماية الامن القومي من خلال الاهتمام بالنشئ واشباع عقولهم بمفاهيم التربية الوطنية وربطهم بقضايا الوطن عبر توسيع دائرة انتمائهم الوطني بدلا من دائرة الاتساع القبلي العنصري المذهبي الطارئ.

حرص الدولة
تهتم الدول في العالم المتقدم والمتحضر بالحفاظ على العمليات التربوية والتعلمية وتجتهد في تطويرها وتحديثها، وعدم جعلها خليطا او حالة ازدواجية تتخللها مناهج وافكار مذهبية وطائفية وعنصرية ، ومن هنا يتوجب على الدولة الحرص على اعداد المناهج بالشكل الذي يبعدها عن الانقسامات والتصدع والتشتت و التمايز الطبقي والبيئي وينصب التركيز في ذلك، اي الدولة، على الاهتمام بالتعليم الوطني وابعاده عن تجاذبات تخلق بيئة اجتماعية ضعيفة مخترقة وبالتالي انتاج مجتمع متفكك وشخصية ضعيفة غير متكاملة الهوية، وكل هذه المسميات هي عوامل سلبية تشكل خطورة كبيرة على الامن القومي تهدد البلاد.
اثار تراجع التعليم
تظهر وتحدث اعمال العنف وترتفع نسبة حدوث الجرائم عندما يضعف ويتراجع التعليم، ما يشكل خطرا كبيرا على المجتمعات التي تقوم وتبنى على فكرة الامة الواحدة، وهذا ما نشهده في دول العالم الغربي التي تنبع شعوبها من روافد انسانية وبشرية متعددة مختلفة الاصول والجذور والاعراق ، وهنا يبرز دور منظومة التربية والتعليم الصحيحة في غرس المهام المنوطة بها وتعزيز قيم الوحدة الوطنية بين هذه الاصول المتعددة وصهرها في البوتقة الوطنية للدولة، وهذا بالضبط ما نحتاجه الان في العراق لخلق وبناء مجتمع واحد تتحقق فيه كل مستلزمات الامن والسلام ليتحقق بعدها التقدم والازدهار ليعيش الجميع في ظل منظومة موحدة هي منظومة الاهداف القومية للبلاد.
الخلافات والتشرذم
كل ما حدث في العراق من تشرذم وخلافات طائفية عنصرية مذهبية ادت الى ضياع الهوية الوطنية كان بسبب تردي وتراجع العملية التربوية والتعلمية بعد ان فقدت سماتها ورؤاها الواضحة والمطلوبة في بناء المجتمع والحفاظ عليه متماسكا، ومنع وقوع الخلافات والتمايز وشيوع الارهاب الفكري الذي انتشر في المجتمع، ناهيك عن الانتشار العشوائي للمؤسسات والجمعيات والمدارس الدينية بهيكليات ومنظومات بعيدة عن سيطرة الدولة ووزارتي التربية والتعليم ولاتتبع لها، والتي غذت(وللاسف) بشكل كبير افكار التطرف والغلو في الدين ونبذت روح المواطنة والانتماء للوطن ما عمق التفكك الاجتماعي وصدع العلاقات الانسانية فيه وبالتالي اصبحت المنظومة الامنية الوطنية اي من منظومة الامن القومي والهوية الوطنية في خطر كبير لم يكن في يوما من الايام بذات المستوى.

ربط التعليم بالامن القومي
ان حقيقة واهمية ربط الامن القومي بمنظومة التربية والتعليم مسألة ضرورية وملحة، يتطلب من الدولة الاهتمام الشديد بها والعمل على تحقيقها، كما ان هناك حاجة ماسة الى مراجعة شامله لتلك المنظومة فضلا عن الثقافة والآداب والفنون والمؤسسات الوطنية والإعلامية، وعلى راسها مؤسسات الاعلام العام كون كل هذه العناوين تشكل الاسس والبوابة التي تدعم وتعزز الامن القومي للبلاد، ولابد ايضا ان يؤخذ بعين الاعتبار ربط المنظومتين، الامنية الوطنية والتربية والتعليم، ببعضهما بشكل يجعل كل منهما مكملا لنجاح الاخر، لان دور التربية والتعليم يتمثل بكونه الركيزة الأساسية في بناء امن المجتمع، ومن هنا تبدا عملية حماية العقل والثقافة والهوية لانه البوابة الروحية والقيمية للأجيال، وبخاصة بعد ان فقدنا في العراق كل هذه السياقات والمهام منذ عقود، وبالذات في فترة مابعد الاحتلال، وهنا لابد من العودة لها بعمليات وفعاليات ونشاطات وبرامج ومناهج علمية عملية مهنية تقترن بالإرادة والتصميم وبأشراف اصحاب الخبرة والاختصاص وبرعاية الدولة لتشمل جميع المراحل الدراسية.

علاقة جدلية
تعزيز المؤسسات الامنية الوطنية، وحتى التنمية والاستثمار، منوط بتعزيز دور المؤسسات التربوية والتعلمية، وما تحتاجه من مختبرات و مناهج ومواد علمية ترتبط بحاجة المجتمع والافراد، منها الامن وتحقيق المساوات والعدالة الاجتماعية بين المواطنين، لان من مهام المؤسسات التربوية والتعلمية اعداد ادوات التربية الوطنية والبيئة السياسية، كونها الاكثر تأثير واهمية في بناء الدولة والمجتمع والوطن بشكل عام، والامن القومي بشكل خاص، ومن هنا تظهر العلاقة الجدلية بين التربية والتعليم وجميع مفاصل الدولة والمجتمع وعلى راسها السلام والامان والاستقرار الناتج عن استتباب الامن .
حماية المواهب
تعتبر مؤسسات التربية والتعليم الحاضنة الطبيعية والحقيقية للموهوبين والمبدعين والمتميزين ومن جميع الاختصاصات، وهي من يتحمل مسؤولية اعدادها و تطويرها( بما فيها جميع الانشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية والفنية)، وهنا يتحتم على الدولة ان تسعى جاهدة لتنمية تلك المضامين وبالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لرفع مستوى هذه المواهب، كوزارة الشباب والثقافة وغيرها من المؤسسات المعنية برعاية الطلبة والشباب والمجتمع بشكل عام، ومن هنا تتحمل المؤسسات التربوية والتعلمية الدور التربوي الامني يساعدها في ذلك مراكز البحث العلمي لتعزيز دور الأجهزة الأمنية ورفدها بالعناصر المتفوقة والموهوبة.

الجامعات
تلعب الجامعات الدور الكبير في تثبيت وتجذير وزراعة عمليات التنشئة الوطنية وبجميع جوانبها الاجتماعية والسياسية والنفسية، التي تغرسها في عقول ونفوس الاجيال الشابة النابعة من المنطلقات الوطنية الحضارية والثقافية والتأريخية الاصيلة وهي لا تقل اهمية( اي الجامعات) عن دور كافة المؤسسات التعليمية الوطنية الاخرى الموجودة في الدولة التي تعمل على تحقيق الانتماء الوطني والوفاء له.

التعددية الفكرية
تكريس وتعزيز التعددية الفكرية واحترام وحماية الدمقراطية وتحقيق العدل والانصاف في المجتمع وتكافؤ الفرص واحترام الحريات العامة ، هي في الحقيقة بأمس الحاجة الى منظومة تربوية صحيحة واعادة البرامج والمناهج والخطط التي بمقدورها اعادة صياغة الانسان العراقي والاهتمام بتعميق شعوره الوطني وتنوير شبابه من خلال اشاعة المفاهيم التي تؤدي الى تكريس التعددية الفكرية ، خاصة وان العراق يواجه تحديات ومتغيرات كبيرة على ساحته الوطنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، وهو بامس الحاجة اليوم الى حفظ واحترام وحماية ديمقراطيته وتعدديته الفكرية، لانها تعني الامن الشامل للدولة والمجتمع كونه الاساس لتحقيق الحياة الامنة المستقرة، وهي تعد ايضا فيما تمثله، ابرز الحاجات في حياتنا المعاصرة لان اكثر السلبيات والجرائم التي تقع وتحدث سببها الانحراف في الفكر والتصرف والتصورات والقناعات الخاطئة، اضف لذلك التطورات الكبيرة في التكنلوجيا الحديثة التي ساعدت المنحرفين والمجرمين على ارتكاب جرائمهم .

تبادل الخبرات
تبادل الخبرات بين الاكاديميين والتربويين والمسؤولين في القيادات الامنية يجب ان يؤخذ بنظر الاعتبار من خلال الاجتماعات والمؤتمرات الحوارية والبحثية الدورية المنتظمة المخطط لها بعلمية ومنهجية مهنية عالية والتي تهدف الى خلق وايجاد موارد بشرية كفوءة بمقدورها تقديم الخدمات الامنية بحرفية ومهنية من خلال تطوير مؤسسات التربية والتعليم كالبرامج والمناهج والانشطة التدريسية والصفية وتحسين البيئة المدرسية والجامعية وصولا لتطوير المهارات وبالتالي الارتقاء بالقيم اللازمة لبناء المجتمع بالشكل الذي بمقدوره تعزيز الامن القومي، ومن هنا تأتي الدعوة الى اصلاح العمليات التربوية والتعلمية بما يتلائم وطبيعة مهامها الكبرى.

اصلاح التعليم
اصبح من الضروري القيام بعمليات اصلاح شامل للعمليات التربوية والتعلمية بإدخال مفاهيم جديدة وعصرية بمقدورها تعزيز الامن الوطني وتربية المواطن والاهتمام بالمفاهيم الدمقراطية وحقوق الانسان من خلال ادخالها في مناهج وكتب التربية والتعليم بشكل هادف ومدروس يتلائم وطبيعة المرحلة، وبطريقة تحقق قفزة نوعية في خطط الاصلاح لخلق واقع ثقافي سياسي علمي يرتقي لبناء مجتمع و مواطنين مبدعين يؤمنون بالدفاع عن الحريات والدمقراطية ضمن الأنظمة والقوانين، وهذا يلزم الدولة القيام بخطوات عملية لتجسيد المفاهيم والبرامج والاهداف بشكل علمي على ارض الواقع لأعداد الشباب بشكل خاص والمواطنين بشكل عام لمواجهة التحديات والتحولات وتحمل المسؤولية، وهنا تبرز الحاجة لفك الاشتباكات والتناقضات الموجودة في مناهج التربية والتعليم والمقرارات الاخرى، فضلا عن تشجيع الاساليب والممارسات والمهارات والمشاركات اللازمة للمواطنة العصرية بدلا عن الممارسات البالية كالتلقين والحفظ المجرد على ظهر القلب، دون فهم او استيعاب .

اعادة تأهيل
يقع على عاتق وزارتي التربية والتعليم، وبدعم من الدولة، اعادة تأهيل واعداد القيادات التي تمسك بزمام ادارة المنظومة التربوية، وتفعيل مراكز الدولة المعنية بالأبداع والابتكار والثقافة والآداب والفنون والعلوم والتكنلوجيا والحداثة ومراكز التدريس الاكاديمي ان وجدت، كما هو مطلوب ايضا اخراج غير الكفوئين و المتلونين والمتفننين والمنتفعين من البقاء في مواقعهم وهم غير قادرين على القيادة والتغير، بل نرى البعض من هؤلاء اصبحوا عوامل اعاقة للتقدم والابداع ونماذج سلبية في تعويق الطاقات العلمية والفنية والثقافية، وكذلك عوامل طرد لا صحاب المواهب والكفاءات التي بمقدورها تطوير عمليات التربية والتعليم وبناء المواطن الفاعل .

مشاكل
من مشاكلنا في العراق الجديد، كلما تسنم وزير جديد مهام وزارته، نراه يبدا من الصفر… ناسفا بذلك كل ما قدمه من سبقه في قيادة الوزارة وهذا شيء (للاسف) اصبح سمة عامة تشمل جميع الوزارات والمؤسسات والهيئات في الدولة، وليس في وزارتي التربية والتعليم فقط، وهكذا ممارسات غير صحيحة البتة، كونها تهدم وتخرب كل ما تقدم ، في وقت نحن بأمس الحاجة الى بناء الدولة ومؤسساتها وامنها الوطني بشكل يكون قادرا على مواجهة التحديات التي امامه، والمطلوب ان يتواصل البناء لمن سبق في تولي المهام، والقيام بتغير ما يحتاج الى التغير والتجديد نحو الاحسن، معتمدين في ذلك على الاسس والبرامج المهنية العلمي السليمة لضمانة بناء نشئ جديد واعي سليم ولائه للامة، لان الاهتمام بالتعليم يعني صناعة دولة وبناء مجتمع قوي رصين، وهو يشكل ايضا عجلة التقدم والازدهار، وهذا يتطلب ويلزم الدولة بناء نظام تعليمي جديد في العراق يتسلم زمامه قيادة مهنية اكاديمية علمية مؤهلة لتحقيق هذه الاهداف وتجاوزالمشاكل التي تدير دفة قيادة المؤسسات التربويةوالتعلمية مستفدين بذلك من التجارب العالمية ومن البلدان التي اصبحت رائدة في الاقتصاد والسياسة وبناء المجتمع .

جودة التعليم
لا يدلل الانفاق الحكومي ومعدلات الالتحاق بالمدارس على جودة التعليم بل هناك مقايس مهنية تقاس بها هذه الجودة، منها كفاءة المدرسين والمعلمين وقدراتهم على التوصيل والعطاء ورغبتهم الحقيقية في العمل مضاف لها نوع البيئة المدرسية التي يعيشها الطلبة والتلاميذ وقدرات وكفاءة الطلبة في الاستيعاب، والاهم من ذلك دور قادة المؤسسات التربوية واشراف الحكومة المباشر على هذه المؤسسات وادارتها والاهتمام بالمدارس والجامعات وابعاد الفساد عنها وجعلها على سلم اولوياتها لتنجح في تجذير قيم تربية المواطنة في نفوس وعقول الطلبة والتلاميذ لخلق جيل جديد يحترم الأنظمة والقوانين، فجودة التعليم تقاس من خلال مدى قدرة وزارتي التربية والتعليم في ايصال البرامج والمناهج والتطبيقات العملية بشكل مهني علمي، وان تبتعد ادارة المدارس والمؤسسات التربوية والجامعات عن الادارة السلطوية الشديدة المركزية، بحيث لاتتقاطع مع الأنشطة الخاصة في هذه المدارس والمعاهد والجامعات وتصبح مردوداتها سلبية، لذلك تحتاج الادارات والقيادات التربوية والتعلمية الى وحدات اشرافية متميزة في اختصاصها وخبراتها وتجاربها، بالإضافة الى ممارسة الاعمال والنشاطات الميدانية العملية للتعرف على مكامن الضعف من اجل التغير والاصلاح، ومن نجاح هذه الاساليب بالإمكان التعرف على جودة التعليم والتعرف كذلك على الاساليب التي تتبع في التدريس خاصة دروس التربية البدنية والفنون والآداب التي ما زالت تدرس على شكل ارشادات تقدم من قبل المدرسين والمعلمين للطلبة والتلاميذ مع قلة الحوارات والنشاطات المفتوحة و هي اساليب تقلل وتأثر على نوعية التعليم وجودته.

النظم التعلمية
اصبحت الحاجة ماسة الى نظم تعلمية قوية لبناء الشخصية الوطنية التي تمثل البوابة القيمة والأخلاقية التي تحترم النماذج والقدرات الوطنية العلمية والأدبية في المجتمع، خاصة بعد الزلزال الذي احدثته فوضى الاحتلال في مؤسسات التربية والتعليم والمجتمع العراقي والذي افقد المدارس والهيئات التعلمية والتدرسية هيبتها واثر على العمليات التربوية.. ولهذه الظروف واسبابها اصبحنا بأمس الحاجة الى نظم تعلمية وتدرسية وتربوية اكثر تأثير وفاعلية لتستعيد المدارس والمعاهد والجامعات هيبتها الحقيقية التي كانت عليها في السابق، وهو ما يدعو الدولة الى الاهتمام بالتعليم الرسمي الذي تراجع امام التعليم الخاص، ومنع تحويل التعليم في العراق الى سلعه تباع وتشترى وتقاس بقدرة من يدفع اكثر.

الانتماء الوطني
تمثل التربية والتعليم اهم ركائز قوة الدولة والمجتمع التي تخدم قضايا الامن القومي وتطوير وادامة ذلك بأمس الحاجة الى التخطيط السليم لتتمكن المؤسسات التربوية والتعلمية من تنفيذ اهدافها لخلق انسان وطني فاعل يشكل او يمثل رأس مال الدولة والمجتمع، يساعد الحفاظ على الامن القومي وتوسيع دائرة الانتماء الوطني لتتسع دائرة الامن القومي بدل اتساع دائرة الولاء القبلي، ومن هنا يتوجب على الدولة احكام صمام امان التربية والتعليم وان لا تسمح مطلقا باي خرق لمنظومة المؤسسات التربوية والتعلمية التي ينتج عنها تدمير الدولة والمجتمع والامن القومي لان اي خرق لمؤسساتنا التربوية والتعلمية هو عبارة في حقيقته عن خرق لأوضاعنا الأمنية وضرار بالمصالح الوطنية العليا وثوابتها .

تأثير التسرب على التعليم
تتحمل الدولة مسؤولية التسرب من المدارس اولا ثم الاسر.. كون الدولة الراعي الاكبر والاهم للمجتمع، ويعود عدم متابعة الاسر لأولادهم المتسربين من المدارس او عدم تسجيلهم فيها بسبب قلة الوعي وتفضيل خيار على خيار اخر، يهدد الامن القومي وتكون اضراره على المدى القريب والبعيد واضحة وملموسة في الدولة والمجتمع،وهذا يتطلب حرص الدولة على تطبيق الأنظمة والقوانين التي تعالج حالات التسرب وتخلف الاسر عن تسجيل ابنائها في المدارس مع الحرص الشديد على تحقيق التوازن بين اهمية الامن القومي والتعليم، والاهتمام بمناهج التربية الوطنية بالشكل الذي لا يشكل عبئ على عقول التلاميذ، والمقصود بذلك ان تكون المناهج ضمن المراحل العمرية للتلاميذ ليسهل عليهم ادراكها وتكون المدرسة ساحة حياتية جميلة يلتصقون بها ويحبونها ولا يفكرون بمغادرتها .

التربية والتعليم الاعلامي
تحول افراد المجتمع الى اعلاميين بعد ان اصبح الاعلام لحظيا وسريعا ، بتوفر اجهزة الاتصالات الحديثة التي ساعدتهم على الوصول للكم الهائل من الاخبار والمعلومات دون فرزها والتأكد من مصداقيته ودقتها ، وهذا يتطلب من الدولة ومؤسسات التربية والتعليم المهنية ان تجعل من اهدافها وادائها مشروعا قوميا يحمي ويحصن الطلبة وكل المجتمع امنيا، كون الحفاظ على الامن القومي بحاجة الى الكفاءات العلمية التي تقوم بصناعتها مؤسسات التربية والتعليم والمعاهد والجامعات ومؤسسات الدولة الأمنية المختصة التي هي الاخرى بحاجة الى الخبرات والكفاءات، وهذه المهمات تقع على عاتق المؤسسات التربوية والتعلمية من هنا تبدا ضرورة الاهتمام بالتربية والتعليم الاعلامي في اطاره المهني العلمي التكاملي لضمان مشاركة الافراد كافه في مهمة الاطلاع على الحقائق والتصدي للشائعات والاخبار الكاذبة، فضلا عن تعليمهم كيفية التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بشكل سليم يضمن سلامة المجتمع وتعزيز فكرة الرقابة الذاتية في نفوس الطلبة من خلال التعاون المستمر والوثيق بين كافة المؤسسات وفي مقدمتها المؤسسات التربوية والتعلمية واسرها والجهات العلمية المختصة من اجل تحصين الطلبة من الاشاعات والممارسات السلبية والتهديدات والاخطار، وهذا بحاجه الى تعزيز ثقة الطلبة بأنفسهم وتكريس القيم الإيجابية في نفوسهم من اجل خلق حس امني وطني لديهم ، وهذا بحاجه لتشكيل وبناء وعي طلابي بشأن اهمية المعلومات وكيفية تبادلها وهي بحاجة لرسم استراتجية تربوية تعلمية داعمة للأمن القومي ولجميع اجهزة الامن في الدولة تصب جميعها في حماية الامن القومي، وهنا يتوجب على الاعلام العام المتمثل بشبكة الاعلام العراقي التعاون لمد يد العون والمساعدة لدعم المناهج والبرامج الاعلامية الخاصة بمؤسسات التربية والتعليم من الناحية العملية التطبيقية ويكون ممثل عنها عضوا في مجلس التنسيق الذي يجمع ممثلين عن وزارتي التربية والتعليم و الاجهزة الأمنية لا نجاح مهمة التربية والتعليم الاعلامي باتجاه بناء الامن القومي والحفاظ عليه وعلى الهوية الوطنية لمساعدة الدولة لتجاوز المخاطر التي يتعرض لها الامن القومي امام كل التحديات التي نوجهها لما يملكه الاعلام من وسائل تؤدي الى فاعلية التحولات والتغير على جميع المستويات خاصة الأمنية والاجتماعية وبناء راي عام رصين يحافظ على الامن الوطني متضامنا مع التعليم في تحقيق الاهداف والفعاليات وفي مقدمتها الفعاليات الأمنية واحترام الأنظمة والقوانين التي تحقق الامن والسلام في البلاد.

أحدث المقالات