“هاأرتس” : الرئيس “بوتين” يقلم أظافر “إسرائيل” ويوقفها عند حدها !

“هاأرتس” : الرئيس “بوتين” يقلم أظافر “إسرائيل” ويوقفها عند حدها !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

من المعلوم أن صحيفة (هاأرتس) العبرية تعبر عن التيار اليساري المناهض للسياسة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، التي تنتهجها حكومة “بنيامين نتانياهو”.

ويُعد الكاتب الإسرائيلي، “جدعون ليفي”، من أشد المنتقدين لتلك السياسة. وهو يعقب في هذا المقال الذي نشرته الصحيفة، على تداعيات الأزمة الأخيرة بين “موسكو” و”تل أبيب” بعد إسقاط الطائرة الروسية ومقتل أفراد طاقمها، ويرى “ليفي” أن “روسيا”، بزاعمة “بوتين”، ستشل حركة الطيران الإسرائيلي وستمنعه من اختراق المجال الجوي السوري.

هل إنتهى عصر تدليل إسرائيل ؟

يقول “ليفي”: لقد لاح أخيرًا بصيص من الأمل؛ عندما رأينا شخصًا يضع خطوطًا حمراء لـ”إسرائيل”. وللمرة الأولى منذ سنوات، نرى إحدى الدول توضح لـ”إسرائيل” أن هناك حدودًا لقوتها، وأنه ليس كل شيء مسموح لها، وأنها ليست وحدها في الساحة، وأن “أميركا” لا يمكن أن تحميها دومًا.

مُضيفًا أن “إسرائيل” كانت في أمس الحاجة لأن تتعرض لتلك القيود. فما كانت عليه من غطرسة خلال السنوات الأخيرة – في ظل الواقع الإقليمي – جعلها تصول وتجول وتعربد في المنطقة كما تشاء، فكانت طائراتها تجوب سماء “لبنان” وكأنما تجوب المجال الجوي لـ”إسرائيل”، وتشن غارات جوية في سماء “سوريا”؛ كما لو كانت في سماء “غزة”، وتقوم بتدمير “قطاع غزة” بشكل دوري وتفرض عليه حصارًا مستديمًا، إضافة إلى الاستمرار في احتلال “الضفة الغربية”.

وفجأة ينتفض شخص ما؛ ليقول لـ”إسرائيل”: كفى، على الأقل في “سوريا”. فشكرًا لـ”روسيا”، لأنها وضعت قيودًا لـ”إسرائيل”، تلك الدولة المدللة، التي لم يوقفها أحد عند حدها منذ فترة طويلة.

“بوتين” يوقف الغطرسة الإسرائيلية..

يشير “سيفي” إلى أن صدمة “إسرائيل” من ردة الفعل الروسية، أظهرت إلى أي مدى كانت الدولة العبرية في أمس الحاجة إلى رجل قوي رشيد، قادر على إيقافها عند حدها. فهل كان أحد يجرؤ على تقييد حرية تصرف “إسرائيل” في دولة أخرى ؟.. أو منعها من اختراق أي مجال جوي لا يخصها ؟.. أو منعها من شن غارات جوية لضرب ما تشاء من أهداف ؟

إن “إسرائيل” لم تواجه، منذ عقود، مثل تلك الظاهرة الغريبة. التي جعلتها توقف بشكل مفاجيء خطابها المتغطرس، بعدما كان بعض مسؤوليها يهددون، في السابق، بأنه في حال قامت “روسيا” بإمداد، “بشار الأسد”، بصواريخ (S-300)، فإن سلاح الطيران الإسرائيلي سيقوم بقصفها.

روسيا تُعيد إسرائيل لحجمها الطبيعي..

يوضح “ليفي”؛ أنه ليس هناك بلد في العالم لا يحق له امتلاك أسلحة تحميه من الطائرات المُغيرة، بما في ذلك “سوريا”. كما لا يمكن لأي دولة أن تستخدم القوة لحرمان دولة أخرى من ذلك الحق. بيد أن تلك الحقيقة البديهية تبدو غريبة في نظر الإسرائيليين. لكن “روسيا” هبت فجأة لتقول: كفى لهذا المنطق الإسرائيلي المعوج، الذي لا يحترم سيادة الدول الأخرى، بينما يُقدس السيادة الإسرائيلية دون غيرها.

كفى لهذا المنطق الذي يُبيح لـ”إسرائيل” أن تتدخل كما تشاء في شؤون المنطقة، بما في ذلك الحرب السورية دون أن تدفع أي ثمن، وكل ذلك باسم الحفاظ على أمنها الحقيقي أو الوهمي. فكم كنا في حاجة لهذا الموقف الروسي الذي سيُعيد “إسرائيل” إلى حجمها الطبيعي.

أهمية توقيت الموقف الروسي..

بحسب “ليفي”؛ فقد جاء الموقف الروسي في توقيت ممتاز، في وقت يجلس فيه الرئيس، “دونالد ترامب”، في “البيت الأبيض” ويدير سياسته في منطقة الشرق الأوسط وفق ما يُملى عليه من تعليمات.

جاء الموقف الروسي أيضًا؛ في وقت تعيش فيه “إسرائيل” نشوة السعادة الغامرة، بعد انتقال “السفارة الأميركية” لـ”مدينة القدس” والقضاء على وكالة (الأونروا). لكن “موسكو” أطلقت إشارة التحذير، وهو ما سيُحد من غطرسة القوة التي إنتابت “إسرائيل” خلال السنوات الأخيرة.

وربما هذا التحذير الروسي سيجعل “إسرائيل” تفيق من غفوتها وتكف عن السياسة التي تنتهجها. وسيتضح لاحقًا أن “روسيا” ستكون، دون أن تقصد، أكثر إفادة لـ”إسرائيل” من كل ذلك الدعم الجنوني والمُفسد الذي تتلقاه من الإدارة الأميركية الحالية وتلقته من الإدارات السابقة.

إسرائيل لا تفهم سوى لغة القوة..

لقد أظهرت “روسيا” للعالم الطريقة المُثلى التي ينبغي التعامل بها مع “إسرائيل”، وأكدت على اللغة الوحيدة التي تفهمها “تل أبيب”، وهي اللغة التي يجب أن يعلمها كل من يريد بحق مصلحة “إسرائيل”، وكل من ينشد العدالة: إنها لغة القوة ولا شيء غيرها.

فعندما تتعرض “إسرائيل” للعقاب أو تدفع ثمن ما تقترف من أفعال، عندئذ فقط ستلجأ لإنتهاج السياسة الصائبة. وسوف يفكر سلاح الطيران الإسرائيلي ألف مرة؛ قبل أن يشن الهجوم القادم في “سوريا”، والذي لا يعرف أحد مدى أهميته.

ختامًا يؤكد الكاتب الإسرائيلي على أنه لو كان مثل هذا “الحظر” الروسي ساريًا أيضًا في سماء “غزة”، لما سُفك كثير من الدماء، ولما سقط كثير من الأرواح هناك. ولو كانت هناك قوة دولية تتصدى للاحتلال الإسرائيلي، لإنتهى ذلك الاحتلال منذ زمن بعيد. لكن بدلاً من ذلك، هناك “دونالد ترامب” في “واشنطن”، وهناك إدانات تبعث على السخرية يطلقها “الاتحاد الأوروبي” للحيلولة دون إخلاء قرية “خان الأحمر” الفلسطينية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة