ان من المعلوم ان مطالب الاصلاح التي بدات شرارتها الفعلية في البصرة في تأجيج ثورة الفقراء التي امتدت لتشمل الطبقات الاخرى من الشعب لتعلو اصوات المواطنة العراقية ومطالب مكافحة الفساد وانشاء مؤسسات عراقية نزيهة بكافة مفاصلها من مجلس نواب وحكومة ورئاسة جمهورية، قد ادت الى اهتزاز عروش كبار القيادات التي تهيمن على المشهد السياسي العراقية منذ 2003، وبعثت الامل في الانفس في ان تتغير معادلة اللعبة السياسية في العراق لتنحو نحو الوطنية والنزاهة والكفاءة بدلا من المحاصصة السياسية والتوافقات المتلازمة معها والتي ادت بالعراق الى كارثة احرقت الحرث والنسل وجعلت شعب العراق في جله يعيش ضائقة مالية خانقة وانعدام في الخدمات الاساسية في مقابل تفشي الفساد المهول الذي لم تعرفه أية دول في العالم بمثل هذا المستوى، فالفساد موجود في كل العالم ولكن بنسب متفاوتة، وحالة العراق كانت فريدة لان الفساد كان بنسبة غالبة ولفترة طويلة متواصلة ودونما اي حساب.
من هذا الواقع الأليم ومن طموحات الشعب في الاصلاح والتغيير جاء ترشيح السفير عمر البرزنجي سفير العراق في دولة الفاتيكان، فهذا الرجل الذي ذاع صيته بين الجاليات العراقية في الخارج وموظفي وزارة الخارجية في النزاهة والكفاءة والوطنية واعلاء روح المواطنة العراقية على اية مسميات قومية او دينية او طائفية مع احترامه بجميع هذه المسميات دخل الى معترك معركة الترشح لرئاسة الجمهورية دونما دعم من حزب سياسي او كتلة سياسية ولكنه دخل معضداً بقوة شخصيته وبسيرته النزيهه التي تحيط بها الكفاءة والوطنية ليمثل مطالب الشارع العراقي في الاصلاح في رئاسة الجمهورية تحديداً، ويكون لاول مرة رئيساً لكل العراقيين في العراق الجديد، رئيساً يمثل مواطني العراق من اعلى جبال كردستان الى ابعد نقطة في البصرة.
ولعل المتابع لصفحة السفير عمر البرزنجي على الفيسبوك وخصوصا في هذه المرحلة خلال اللقاءات التي جرت على هامش ترشحه لمنصب رئيس الجمهورية يلمس بوضوح اعتدال الرجل وكفاءته وقدراته ونياته الصادقة في الاصلاح وتفعيل دور رئاسة الجمهورية لما فيه صالح لابناء الشعب العراقي، والعمل على حل المشكلات بشكل ناجع بدل تمييعها وتسكينها لفترات تزيد من عمقها لاحقاً.
ولكن في المقابل فان متلازمة المحاصصحة والتوافق السياسي مازالت هي الطاغية والمسيطرة على العملية السياسية في العراق، لذلك ورغم اختلاف الحزبين الكبيرين في كردستان العراق على منصب الرئاسة وترشيح حزب الاتحاد الوطني الكردستاني للدكتور بهم صالح في مقابل ترشيح الحزب الديمقراطي الكردستاني للدكتور فؤاد حسين نجد ان الزعامات السياسية في بغداد وجهت دعواتها للحزبين الرئيسيين الى التوافق بينهما على مرشح بدل ان توجهه نوابها والاحزاب الكردية نحو اختيار الاصلح لمرحلة الاصلاح التي يتواخاها الشعب العراقي.
ومن هنا فان مطالب الاصلاح في مؤسسة رئاسة الجمهورية تقترب من عملية الؤد من خلال الاستمرار في النهج السابق، وان ما يجب الاشادة به هو روحية المواطنة العالية للسفير عمر البرزنجي والتي جعلته يغامر باقتحام هذا المعترك دونما غطاء سياسي مراهناً على استجابة الكتل السياسية والنواب لمطالب الشارع العراقي في الاصلاح.
لقد قدم السفير عمر البرزنجي انموذجاً متميزاً في السعي للاصلاح من خلال هذه المجازفة في الترشح، وأظهر للشارع العراقي ان في العراق رجالاً يتسمون بالوطنية والنزاهه والكفاءة وهم قادرون على تسنم منصب الرئاسة بكل اقتدار، وبالتالي فان الكتل السياسية ونوابها هي من اصبحت الان في مواجهة الشارع العراقي من خلال اختيارها القادم بتفضيلها لاستمرار نهج المحاصصة والتوافق او المباشرة بالتغيير نحو الاصلاح وهو الاحتمال الذي يبدو انه يتلاشى مع الوقت.
فشكراً للسيد السفير البرزنجي على روحه الوطنية التي اعطت مزيداً من الوضوح لتوجهات الكتل السياسية والتي سيكون عليها لاحقاً ان تواجه ردات فعل الشارع العراقي على النكوص بمطالبه نحو الاصلاح.