مركز بحثي إيراني يحاول قراءة .. المعادلات الإقليمية في “البحر الأحمر” !

مركز بحثي إيراني يحاول قراءة .. المعادلات الإقليمية في “البحر الأحمر” !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

“مصر”؛ باعتبارها واحدة من الدول المهمة والإستراتيجية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وتقع على ساحل البحرين الأحمر والأبيض، تعلب دورًا كبيرًا في الترتيبات الأمنية. كما نشر مُقرًا بذلك موقع (مركز دراسات السلام الدولي) الإيراني.

وقبل الشروع في الحديث عن أهمية “البحر الأحمر” والمعادلات التي تحكم هذا الممر المائي؛ نُعرّج أولاً على مكانة “مصر” وملف التطورات في هذا البلد على النحو التالي:

تعتبر الجغرافيا أحد أهم العناصر الأمنية المصرية. وتشمل الجغرافيا المصرية، التي تلعب دورًا في تحديد السياسات الخارجية للحكومة المصرية، “نهر النيل، وقناة السويس ومجاورة إسرائيل”.

فـ”النيل”؛ هو شريان الحياة في “مصر”، إذ إرتبطت حياة المصريين منذ القدم بهذا النهر، حتى أن أكثر من 85% من المصريين يعيش على ضفاف “حوض النيل”.

وبالنسبة لأهمية “قناة السويس”؛ فقد سعى “جمال عبدالناصر”، الرئيس المصري الراحل، إلى “تأميم قناة السويس” بالمخالفة للغرب واعتمادًا على القومية العربية، الأمر الذي منح المنطقة القوة والشرعية. ويسعى خلفه، “عبدالفتاح السيسي”، بتوسعة “قناة السويس” إلى مضاعفة حجم شرعية ومحورية “القناة” باعتبارها رمز مصري وثاني مصدر للدخل القومي المصري بعد السياحة.

الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر..

يعتبر “البحر الأحمر” خليج في “المحيط الهندي” يفصل بين شبه “الجزيرة العربية” و”شمال إفريقيا”، ويربط “مضيق باب المندب” البحر الأحمر بـ”خليج عدن” و”المحيط الهندي”، وتربطه “قناة السويس” في الشمال بالبحر الأبيض المتوسط.

والدول التي تقع على ساحل البحر الأحمر؛ هي: “السعودية واليمن وغيبوتي وإثيوبيا والسودان ومصر وفلسطين المحتلة والأردن”. ويفصل البحر الأحمر بين قارتي آسيا وإفريقيا، ومع الأخذ في الاعتبار للمكانة الإستراتيجية لتلكم المنطقة من المنظور الجغرافي، تكمن أهمية البحر الأحمر في إمكانية تقسيمه إلى ثلاثة أقسام؛ هي: “باب المندب، والبحر الأحمر، وقناة السويس”.

المعادلات الإقليمية في البحر الأحمر..

تأسست مؤخرًا الكثير من القواعد العسكرية التي تهدف إلى السيطرة على هذا الممر الدولي الحيوي، بحيث يمكن القول إنه بخلاف “مصر” سارعت دولة صغيرة وفقيرة؛ مثل “غيبوتي” إلى تأجير أراضيها لتحقيق عوائد اقتصادية والاستفادة من مكانتها الجغرافية. بل تسعى “تركيا”، باعتبارها أحد الأطراف الإقليمية الفاعلة بعد سقوط “نظام الإخوان”، (تنحية الإسلاميين بزعامة “محمد مرسي” عن السلطة في “مصر”)، إلى توظيف الأجواء والظروف بالشكل الذي يسهل عملية سيطرتها على هذا الممر المائي عبر الإرتباط الإستراتيجي مع عدد من دول البحر الأحمر كـ”السودان”.

بينما ما تزال “القوات الفرنسية” تسيطر على سواحل “غيبوتي”. وتتكفل “فرنسا”، بعد تأسيس قاعدة عسكرية في “غيبوتي”، بتأمين هذا البلد مقابل التهديدات الخارجية. والمنافسة على النفوذ وفرض السيطرة على ضفاف “البحر الأحمر” الإستراتيجي جعل المنطقة مثقلة بالقواعد العسكرية والاقتصادية، كذا تمكنت الدول فوق الإقليمية من لعب دور قوي وفعال في المناقشات الأمنية والاقتصادية للبحر الأحمر عبر استغلال ملفات الفقر والفساد في الدول المطلقة على هذا البحر.

وفي الوقت نفسه؛ تسعى “إسرائيل”، من خلال نفوذها بشرق إفريقيا، للسيطرة على الأجزاء الرئيسة لذلكم الممر المائي، حتى أنها تمكنت من الإستيلاء على جزء من “الجزر الإريترية” بالمال والاستثمارات التجارية.

“قناة السويس” و”باب المندب”.. صراع محاور وقواعد عسكرية غربية..

لكن تسعى “المملكة العربية السعودية”، باعتبارها طرف رئيس في منطقة الشرق الأوسط، من خلال إنفاق دولارات النفط والصفقات العسكرية الكبيرة بعد صعود “سلمان” إلى السلطة وتوطيد العلاقات مع “مصر”، إلى تفعيل المحور العربي في شمال إفريقيا، علاوة على ذلك حشدت الجيوش ضد “اليمن” لأهمية “باب المندب” وعبور السفن النفطية مدفوعة بوهم سيطرة “الحوثيين”، الموالين لـ”إيران” على هذا المضيق.

ويسعى التحالف المصطنع، “العربي-العبري”، الذي يحظى بدعم استخباراتي أميركي، لاستعادة تاج “عبدربه هادي منصور” والسيطرة على “باب المندب”. وكان مقررًا أن تلعب “مصر”، في هذا التحالف، دورًا متميزًا لقمع “حركة أنصارالله”. لكن عدم رغبة المؤسسة العسكرية في “مصر” للمشاركة الفعالة؛ وخوفًا من الهزيمة وتكرار تجربة الحشد المريرة ضد “اليمن”، حال دون ذلك.

في المقابل؛ وإدركه العميق لحجم العلاقات “الاقتصادية-السياسية” بين “القاهرة” و”الرياض”، تنازل “السيسي” عن جزيرتي “تيران وصنافير” للسعودية؛ كنوع من التقدير للمساعدات المالية والعسكرية السعودية. في غضون ذلك سعت “تركيا”، بعد “الربيع العربي”، وبالتعاون مع “قطر” إلى إيجاد نظم إقليمية بمحورية “الإخوان” في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبعد الإطاحة بـ”محمد مرسي” في “مصر”، وطرد “قطر” من مجموعة “دول مجلس التعاون العربي”، واستعادة القدرة والنفوذ وأعلنت “أنقرة” دعم “قطر” في مواجهة التهديدات “السعودية-الإماراتية” المتزايدة وتفكر في توطيد العلاقات مع “السودان” و”الصومال” بعد تأسيس قاعدة عسكرية في “قطر”. وعليه؛ فقد تشكل “المحور الإخواني”، المكون من “تركيا والسودان وقطر والصومال”، ذلك المحور الذي يمتلك بعد المحوري “العربي-العبري” أطول حدود على طول الساحل الغربي للبحر الأحمر، وتزداد أهمية هذا المحور بسبب موانيء “ساكن” و”پورت” السودانية والمؤجرة إلى “تركيا” و”قطر”، وكذلك القاعدة العسكرية التركية في “الصومال”.

وبالنسبة لـ”المحور العربي”؛ فكما سبقت الإشارة تسعى، “فرنسا” و”أميركا”، بذريعة حماية المصالح “السعودية” و”الإسرائيلية”، للسيطرة الكاملة على شواطيء البحر الأحمر والمحافظة على السيادة الإستراتيجية على “باب المندب” و”قناة السويس”. لذا ترتكز مساعيهم على خفض النفوذ الإيراني في “البحر الأحمر”.

ويمكن القول؛ ضاعف عامل “النفط”، وترانزيت هذا الذهب الأسود، عبر “باب المندب” و””قناة السويس”، من أهمية هذا الممر المائي. ويحوز “البحر الأحمر” أهمية بالغة في المعادلات الإقليمية والشرق الأوسط. وقد دفعت الأزمة الاقتصادية والمنافسة السياسية بين الدول المطلة على ساحل البحر الأحمر إلى ترحيب هذه الدول بإنشاء القواعد العسكرية وتوطيد العلاقات على الصعيد الأمني.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة