الخطاب الفاجر الذي ألقاه ترامب في الأمم المتحدة، هو أشبه بتكسير كل الكؤوس من أجل الاستمتاع بصوت نشاز صاخب، هكذا قرأت لغة الجسد في الرئيس الأمريكي وهو يستعرض شخصيته وبل يستعرض شخصية الثلاثي المدمر كوشنر وغرنبيلات وفريدمان.
يعتقد ترامب أن صفع الضعيف يعني سحقه وبالتالي هزيمته، وهذا أهم عوامل الجهل في السياسة الأمريكية الحالية وهي سياسة خليط بين الخارجية الضعيفة والاملاءات الصهيونية، دون الانتباه أن الشعب الفلسطيني حين ينفجر فإنه يتقدم للأمام ولا يتراجع والثلاثين عاما الماضية كفيلة بإعطاء الدروس لمن يهوى سماع قرع الكؤوس ويتنكر لصوت الشعوب الثائرة والصامدة.
المدارس الدينية في اسرائيل هي التربة التي نشأ فيها مبعوثي ترامب، وهي المدارس التي لا تعترف بالآخر وبل تدرس الأساطير والتاريخ المزور وأن “الأخر” هم الخادم ، ومن هنا نفهم كيف يفكر ترامب والثلاثي محور الشر بإلغاء حق العودة بل شطب ملايين اللاجئين الفلسطينيين في العالم ، وبالتالي لا يمكن في المنظور الحالي أو القريب توقع تغييرا ايجابيا في السياسة الأمريكية بل أتوقع المزيد من الخطوات والقرارات الأمريكية المعادية للشعب الفلسطيني وحقوقه العادلة والتي لا ترامب ولا محوره يمكنه أن يشطبها لأن الأجيال والأطفال الذين يعانون الان من هذه السياسة المجنونة سوف يعرفون الطريق الى القدس وباب العامود وقبة الصخرة والحرم الإبراهيمي والبحر الميت ورفح وجنين وسيرسمون الخارطة من جديد، وهكذا يقول التاريخ.
في قناعاتي لا يوجد خطة لترامب ولا صفقة للقرن، إنما الموجود هو تصفية الصراع العربي الفلسطيني الاسرائيلي بقرارات أمريكية صهيونية واستغلالا للحالة العربية الراهنة والانقسام الفلسطيني الداخلي وضعف القانون الدولي وعدم حيوية الأمم المتحدة في تنفيذ قراراتها، لأنها ولدت نتيجة حرب عالمية، مكبلة بإرادة الأقطاب القوية في العالم، وإضعاف الدول الفقيرة وتخدير الشعوب المحتلة .
لقد كان خطاب ترامب هو مناسبة لدفن للقيم الأمريكية ومنها التعايش، التسامح وقبول الآخر، واستبدالها بالنظريات الاقتصادية ولعبة النفوذ والتفرد والغاء الاخر، وتعميق الكراهية والانتقام.
ما سيأتي صعب جدا، وسياسة ترامب في التغول والعنجهية مستمرة ومتصاعدة وتتماهى مع السياسات الاستعمارية العنصرية الاسرائيلية، وسيبقى الشعب الفلسطيني فوق أرضه ولن يرحل، ومن هنا سنفهم كيف سيكون المستقبل.