كثيراَ ما يجتهد البصريون في جعل مدينتهم أجمل او ربما يتمنون ويحلمون كثيرا على ان تكون مدينتهم هي الأجمل .
وهذه أمنيةُ ربما تتحقق في حالةَ حصول معجزة !
والمعجزةُ ان { تنقلب } مثلا ساحة ام البروم في العشار إلى ساحة الهايد بارك في لندن.
او يكون شارع عبد الله ابن علي مثلاً شبيهاً بشارع الشانزليزىه في باريس . .
او تتحول عمارة النقيب في وسط البصرة الى برج ايفل . او ربما نحلم في ان ينقلب نهر الخندك ويكون أشبه بنهر التايمز ؟
يا الله ؟ ما أجمل الأحلام ! إنها مجرد أحلام ربما تتحقق ولكن بالتأكيد ليس في زمن هذه الأجيال … أجيال الحروب والحصارات والاحتلالات الأجيال الطائفية ؟
نحن بحاجة الى معجزة .
ليست مدينة البصرة بعيدة عن هذه الأماني فهي مدينة لها تاريخها في النمو الحضاري زمان كان يغزو جسدها الأخضر اكثر من 600 نهر تجري مياه الحياة في عروقها الحبلى بالأمنيات. زمان كان لشط العرب نكهته الخاصه ولشارع الكورنيش اسراره الكبيرة بأسماء العشاق حتى القابهم
يحزنني اليوم وانا انظر بالم وقد غـُـلقَ نهر العشار وقـُطعَ رأسه من جهة شط العرب لتعلوا المياه الآسنة فوق جميع تفاصل وجههُ التاريخي القديم .
في السنين الخوالي كان السائحون يستخدمون نهر العشار كمنفذ مائي ليصلوا الى عمق المدينة من الداخل تضللهم أشجار الكالبتوس وتملىء صدورهم رائحة اشجار السدر .
الان نهر العشار تملئه القناني الفارغة وصناديق البلاستك وجثث الحيوانات تطفوا فوق مياه هذا الشاهد التاريخي
البصرة وكما يسمها البعض عاصمة العراق الاقتصادية . وبالتأكيد لم تأتي هذه التسمية عن فراغ إلا لكون ألبصره خبزت العراق .
وهل شاهدتم أيةَ عاصمة اقتصادية في العالم يشرب أبناءها مياه لم تصلح حتى للاستخدام الحيواني ( الشوائب الثقيلة والملوحة الكبيره اقل ما تجده في هذه المياه ) ..
وهل شاهدتم في هذا العالم عاصمة اقتصادية يذوب أبناءها تحت لهيب الشمس التي تصل درجات الحرارة في (الظل ) إلى أكثر من 55 درجة مئوية والتيار الكهربائي يكاد يكون منعدم وان كان موجودا لا يجعل اي جهاز كهربائي يعمل بشكل صحيح وهذا يشمل حتى المراوح .
وهل شاهدتم أية عاصمة اقتصادية في العالم تصل نسبة البطالة بين صفوف أبناءها الخريجين الى اكثر من تسعين بالمائة في حين ينتشر غير الخريجين في ظل قسوة موسم الصيف الى الاعمال الخدمية التي تقسم الظهر …
نعم نحن بحاجة الى معجزة كي نجعل مياهنا صافية كصفاء قلوبنا ! ولن تكون صافية هذه المياه لان قلوبنا لن تصفو بعد .
وسنظل تحت الشمس نكتوي بلهبها ما دام في هذا القطاع المهم اناس لا يدركون فضل اديسون وليس لهم علاقه بمهنية هذا العمل وسبل الارتقاء به وغالبا ما يستخدمونه كورقة سياسية ناجحة
وسنظل عاطلين عن العمل ما دمنا نعتمد على غيرنا في صناعة خبزنا وملابسنا وكل ما يدخل في حياتنا . حتى وان وظفتنا الدولة والسبب بسيط جدا لاننا مغرمون بالاجازات والعطل الرسمية.
وباختصار نحن بلد ريعي وشعب يعتاش على موارده الطبيعية . اما ان نكون منتجين فهذا حلمنا الذي لن يتحقق ما دمنا مجرد حالمين وغير ملامسين لأرض الواقع .