22 نوفمبر، 2024 6:07 م
Search
Close this search box.

تفسير نصوص الدستور

القسم الثاني
تفسير نصوص الدستور من المهام التي تختص بها المحكمة الإتحادية العليا المنصوص عليها في المادة (93/ثانيا) ، التي تعني لغة ( شرح أو تأويل معنى نص معين ، أو هو علم قائم على درس نص كتابي وإيضاح معناه ، بحسب قَواعد النقد العلمي وفقه اللغة والتقليد العقائدي ، وبيان ما هو غامض فيه أو ما هو مدعاة للجدل ) . ولما كانت المادة (93) تختص فيما عدا التفسير ( بالرقابة والفصل في القضايا والمنازعات والإتهامات وتنازع الإختصاص والمصادقة على النتائج ) ، وأن المادة (94) تنص على أن ( قرارات المحكمة الإتحادية العليا باتة وملزمة للسلطات كافة ) ، ولما كان التفسير لا يتطلب قرارا باتا ولا ملزما للسلطات ، بإعتباره رأيا أو وجهة نظر إستشارية أو فكرة يمكن الإستعانة بأي منهما ، عند إتخاذ موقف أو إجراء معين على وفق خيارات السلطة التقديرية لذوي الشأن من مسؤولي السلطة أو الحكومة أو الدولة ، فإن القرار البات والملزم ينصرف إلى غير مهام التفسير مما تضمنته المادة (93) من الدستور ، وذلك مما ينبغي الأخذ به وإقراره بالنص القانوني للتفرقة بين آثار التفسير وغيره من المهام والإختصاصات ، لأن من غير المقبول عرفا ومنطقا عقليا ، أن يمنح رئيس وأعضاء المحكمة الإتحادية علوية الرأي والإجتهاد المطلق ، فيما يستقر إليه تفسيرهم على نحو التسليم لهما في كل شيء .

وخلافا لما تقدم من أسس وقواعد وأنواع ووسائل وأعراف التفسير الواردة في القسم الأول من مقالتنا هذه ، جرت مقادير الحال في إجراء إنتخابات رئاسة السلطات الثلاث لسنة 2018 خارج التوقيتات الدستورية ، بذريعة التفسيرات الكيفية ؟!، التي جعلت الجلسة الأولى لمجلس النواب ( مستمرة ) و ( قائمة ) للفترة من 3/9/2018 ولغاية 15/9/2018 بسبب التلاعب بالألفاظ ، لفسح المجال أمام الكيانات السياسية لإنهاء صراعاتها على تسمية مرشحيها أو من تريد تثبيته نكاية بغيرها ، بعد رفض المحكمة الإتحادية في جعلها ( مفتوحة ) بقرارها المرقم (55/اتحادية/2010) في 24/10/2010 ، حين وجدت ( المحكمة الإتحادية العليا ، أن غياب كل ما تقدم ذكره عن التطبيق ، وفي المدد المحددة دستوريا ، وبسبب من القرار الذي أتخذ بجعل الجلسة الأولى لمجلس النواب (مفتوحة) ، وإلى زمن غير محدد ودون سند من الدستور ، قد شكل خرقا لأحكامه ، وصادر مفهوم ( الجلسة الأولى ) ومراميها التي قصدتها المادة (55) منه . وبناء عليه ولعدم دستورية القرار المتخذ بجعل الجلسة الأولى لمجلس النواب في دورته لسنة 2010 ( مفتوحة ) . قررت المحكمة الإتحادية العليا إلغاء هذا القرار ، وإلزام المدعى عليه إضافة لوظيفته ، بدعوة مجلس النواب للإنعقاد وإستئناف أعمال الجلسة الأولى المنصوص عليها في المادة (55) من الدستور والمهام الدستورية الأخرى ) . ولعل في نص القرار المذكور ما يجيز تمديد مدة إنعقاد الجلسة لأكثر من اليوم الأول لها ؟!، وذلك مما ساعد على إستخدام ألفاظ ( مستمرة ) بعد ( مفتوحة ) الملغى إستخدامها شكلا وليس مضمونا ، مما يستوجب إستدعاء تعديل النص الدستوري في هذه وفي غيرها من المواد ، باعتماد كلمات محددة المقاصد ، وبما لا يقبل التوسع في التفسير والإجتهاد شرحا أو تأويلا ، من قبيل ( في اليوم الأول من إنعقاد الجلسة الأولى ) ، و( تكليف الكيان السياسي الفائز بالإنتخابات بالمرتبة الأولى ) ، لغرض تشكيل الحكومة طبقا لأحكام المادة (76) ، بعد ذوبان مفهوم الكتلة النيابية الأكثر عددا في بوتقة التوجهات السياسية المذهبية ، حرصا على تشكيل الحكومة بالتوافق الطائفي ؟!، ولكن من غير المقبول تأجيل إنتخاب رئيس الجمهورية إلى حين الإنتهاء من إنتخاب برلمان إقليم كردستان في 30/9/2018 ؟!، بسبب إستمرار إنقسام السياسيين الكرد على ترشيح ممثلهم لمنصب رئيس الجمهورية ، تحت مظلة نظام الكونفدرالية غير الخفية ؟!، أو تحت تأثير الإقليم على الحكومة الإتحادية خارج مقتضيات ومتطلبات دستور الدولة الإتحادية ونظامها الجمهوري النيابي الديمقراطي المزعوم ظلما وعدوانا ؟!، أو مثلما أصدر مجلس الرئاسة بتأريخ 13/12/2009 ، بإسم الشعب ( الذي لا يدري ولا يعلم بالذي وما الذي يجري من حوله ) ، وبناء على ما أقره مجلس النواب لصالح زيادة عدد مقاعده وإمتيازاته النيابية ، المذكرة التفسيرية رقم (24) لسنة 2009(1) ، التي لا يمكن إعتبارها بمستوى التشريعات القانونية اللازمة والمعتمدة دستوريا لتعديل مضمون قانون صادر بكل تفاصيله ، أو أن تعتبر جزءا متمما له ، بعد إعتمادها تفسيرا لتحديد عدد مقاعد مجلس النواب ليصبح (325) مقعدا بدلا من (275) مقعدا ، بزيادة مقدارها (50) مقعدا إستنادا إلى نص قابل للتأويل والتفسير ، وبما يتناسب وتحقيق رغبات الكيانات السياسية الكبيرة في الإستحواذ على أعلى قدر ممكن من عدد المقاعد النيابية وإمتيازاتها ، وكما في نص المذكرة الآتي :-

(( إستنادا لأحكام الدستور في كفالة حق المشاركة في الشؤون العامة ، والتمتع بالحقوق السياسية ، بما فيها حق التصويت والإنتخاب والترشيح لجميع المواطنين رجالا ونساء ، أقر مجلس النواب مشروع ( قانون التعديل الأول لقانون الإنتخابات رقم (16) لسنة 2005) . ووفقا لما صاحب بعض نصوص ( قانون التعديل الأول لقانون الإنتخابات رقم (16) لسنة 2005 ) ، من آراء ومناقشات خلال إعدادها ، وما أفرزته النقاشات الجارية بين ممثلي الكتل البرلمانية ، وتقارير الخبراء الوطنيين وخبراء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق والمعنيين ، وما بينته المحكمة الإتحادية العليا في قرارها الجوابي على إستفسارات مجلس النواب ، تلاحظ الأمور الآتية في تفسير تلك النصوص :-

أولا- إنسجاما مع أحكام المادة (49) من الدستور ، وبسبب غياب إحصاء سكاني حديث ، وبعد الرجوع إلى الإحصاءات الرسمية لوزارة التجارة لعام 2005 ، مضافا إليها نسبة النمو السكاني بمعدل (2,8%) لكل محافظة سنويا ، ونظرا لبعض الهجرات الحاصلة ، يتألف مجلس النواب من (325) مقعدا .

* من خلال البحث تبين أن معدل النمو السكاني للعالم في القائمة الأولى قد بلغ ( 1,17% ) ، حسب المعتمد على التقديرات المأخوذه من تقرير الأمم المتحدة لسكان العالم الصادر سنة 2006 للمدة المحددة من (2005 ولغاية 2010) – والذي يمكن إعتماده مقياسا عاما في كافة المجالات ، سيما وأن معدلات النمو للدول غير المستقلة ( ومنها العراق المحتل ) لم يتم إحتسابها ، إلا إن القائمة الثانية المعتمدة على كتاب حقائق العالم لسنة 2008 ، قد تضمنت نسبة نمو السكان في العراق بمقدار (2,56%) ، وهي أقل من المعتمد في قانون التعديل والبالغة (2,8%) ، في حين أن سكان العراق قد بلغ في سنة 2010 (31,672,000) مليون نسمة ، حسب التقديرات والتخمينات التي بنيت عليها تلك الإحصائيات ، مما يؤكد الزيادة في تحديد عدد مقاعد البرلمان بمقدار (15) مقعدا ، الأمر الذي جعل الإستدراك بموجب المذكرة الإيضاحية متجها إلى جعل تلك المقاعد ، مقاعد تعويضية تلافيا لخطأ التقدير المقصود ، وكما هو مبين في :-

ثانيا- يتم توزيع (310) من المقاعد على المحافظات وفق حدودها الإدارية بالإعتماد على الجدول الملحق ، وتكون المقاعد التعويضية عددها (15) مقعدا .

ثالثا- ضمانا لحقوق الأقليات ، خصص عدد من المقاعد بموجب المادة (1/ثالثا) من مشروع التعديل ، بحسب عدد من المقاعد التعويضية المبينة في المادة (1/رابعا) من المشروع ، ليمنح لها وبحسب الأعداد الواردة في المادة (1/ثالثا) منه ، على أن تكون المقاعد المخصصة للمكون المسيحي ضمن دائرة وطنية واحدة .

في ضوء ما سبق ، ووفقا لهذه الإيضاحات في شأن بعض مواد قانون التعديل على وجه الخصوص ، يكون تفسير أحكام قانون الإنتخابات ، وتعد هذه المذكرة جزءا متمما للقانون المذكور )) . وتلك من السوابق غير التشريعية التي صدرت تحت ظل التفسير ، وليس بموجب قانون معدل لما سبقه من قانون ؟!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- نشرت المذكرة في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (4140) في 28/12/2009 .

أحدث المقالات