المكانة التي أخذتها مدارس الرصافي النموذجية المنبثقة من المكتب التعليمي في مؤسسة الخنجر للتنمية والتي تعتبر أكبر تجربة تعليمية معاصرة في العراق بشهادة الكثير من أصحاب الشأن لم تكن مسألة عابرة في الحياة العلمية، بل هي نقطة تحول من فوضى وتدهور التعليم إلى النظام والرقي العلمي الذي استطاع رغم صعوبات الأوضاع الأمنية والاقتصادية التي طالت معظم المحافظات السنية أن تحصد فيها الرصافيات نجاحات فاقت بمعدلاتها مدارس أخر في محافظات تمتعت حينها بالأمان.
المكتب التعليمي لم يكن مجرد مشرف وإداري لمدارسه فحسب، بل كانت التحركات مكثفة لتقويم واستمرار مسار عجلة العلم فرافقت الطلبة في عطلتهم الصيفة من خلال المنتديات والدورات لمختلف الأصعدة الثقافية، وكانت مساعي المكتب أكثر وضوحاً من خلال متابعة مدارس المخيمات ودعمها بالمناهج والقرطاسية إلى جانب تقديم منح مالية للملاكات فيها بعد أن توقفت رواتبهم لأكثر من عامين، ومن هنا كان ظهور النوايا الحسنة للمكتب التعليمي الذي طالب رئيسه الدكتور مصطفى عياش الكبيسي مراراً بحقوقهم اثمرت بعدها بإطلاق الرواتب المتوقفة فكان تدخلهم في المحنة لا من أجل ملاكاتهم ولا مدارسهم إنما من أجل مستقبل أجيال بدأت تفتقد التعليم وتبتعد عنه أشواطاً فدخلت في دوامة المجهول.
من هنا تأتي الغرابة في ملاحقة هذه المدارس وإغلاقها بعد كل النجاحات التي حققتها، في الوقت الذي كان من المفترض فيه أن تكرم وتدعم حكومياً بل وتستنسخ التجربة في جميع المحافظات العراقية.
كانت مدارس الرصافي التي استحقت أن تتحول من مدارس النازحين إلى المتفوقين والمتميزين قدوة للمدارس العراقية بل لوزارة التربية برمتها.
فيجب الابتعاد عن الأنانية والأخذ بنظر الاعتبار المصلحة العامة وإعادتها، وعلى المدارس الأهلية السير على خطاها وتقليد نهجها الإداري، كل هذا ليس شخصنة لأحد إنما هو لمنفعة عامة تصب في منفعة البلد.