في الوقت الذي يتزايد فيه سخط الشعب العراقي على دور وممارسات الميليشيات المسلحة المنضوية ضمن الحشد الشعبي، الذي إنتهت الحاجة إليه، فإن هناك دفعا من جانب النظام الايراني وعملائه في العراق ليس فقط من أجل المحافظة على هذه الميليشيات خصوصا والحشد الشعبي(النسخة العراقية من الحرس الثوري الايراني)، بل وإن هناك سعي من أجل تعزيزه وتوسيعه وتقويته وإسناده بقوى مشابهة أخرى، وإن تشکيل ماقد سمي بقوات “التعبئة الاحتياطية” وهي أيضا النسخة العراقية من قوات”الباسيج”الايرانية، والذي يدعو للتأمل إنه وبحسب مصادر مطلعة فإن الدفعة الأولى من هذه القوات ستتكون من عشرة ألوية موزعة في مختلف مناطق محافظة البصرة، “لكي يتصدى الأفراد المنضمين للأخطار المحتملة في مناطقهم بأنفسهم”!
المثير للسخرية، إنه کان هناك من يراهن على حيدر العبادي بإعتباره الشخص الذي سيعمل على تقويض ميليشيات الحشد الشعبي وإنهاء دورها بعد أن کانت قد تأسست في عهده، ولکن العبادي قد دحض الشک باليقين فأکد بأن الحشد الشعبي باق وان هذا الأمر قد حسم، مشددا على ضرورة الإبقاء على الحالة الثورية للحشد الشعبي وبقاء منظومته فاعلة. وکما قد قالت وأکدت العديد من المصادر والاوساط السياسية المطلعة بالمشهد العراقي، فإن قرار إنهاء الحشد وإلغائه هو قرار إيراني لأن معظم تشکيلاته تابعة له ومٶتمرة بأمره، وإن العبادي الذي هو بالاساس يعاني من ضعف في وضعه وموقفه ليس أمامه غير التصريح بما قد ألمحنا إليه أعلاه.
ميليشيات الحشد الشعبي التي صارت عبئا على العراق من النواحي المادية والمعنوية ولاسيما بعد أن باتت تتکرر ممارسات سلبية متباينة عنها، صارت تشکل أيضا خطرا على الامن والاستقرار في العراق خصوصا بعد أن صار النظام الايراني يهدد بها المنطقة والعالم ويستخدمها کوسيلة وکآلة من أجل تحقيق أهدافه وغاياته، ومن الواضح إن هذه الميليشيات قد تم ربطها سياسيا وعقائديا وعسکريا بالحرس الثوري الايراني وهي تأخذ أوامرها من الارهابي قاسم سليماني، ولذلك فإن مصيرها مرتبط بمصير النظام ولاخلاص منها إلا في حالتين وهما سقوط النظام الايراني وحدوث تغيير جذري في إيران کالذي تدعو إليه المقاومة الايرانية، أو أن تحدث ثورة وإنتفاضة شعبية کبرى يتم من خلالها إنهاء هذه الحالة السلبية.
حيدر العبادي الذي قال في تصريحاته المٶيدة والمٶکدة على بقاء الحشد الشعبي، فقد أشار فيها الى أنه” لو بقي العالم يشكر العراق لسنوات لما وفى لأنه قضى على عصابات داعش” مشيرا الى أن” بعض قادة العالم اعتبروا ما حصل معجزة”، لکننا نهمس في أذنه بأن المعجزة الحقيقية هي التخلص من الحشد الشعبي في ظل حکومات عراقية لايمکنها أن تتنفس من دون إذن النظام الايراني!