18 ديسمبر، 2024 11:20 م

ثوابت الاصلاح لا يمكن التخلي عنها

ثوابت الاصلاح لا يمكن التخلي عنها

في خضم الصراعات السياسية والتسابق لتشكيل الكتلة الاكبر، تشهد الساحة السياسية فوضى لم تشهدها الدولة العراقية الحديثة عبر تأريخها، فكانت هناك انقلابات وثورات ومتغيرات سياسية تحالفات واتلافات وجبهات، فغالبا ما كانت تنتهي بالتوافق او بالانفصال.
الا ان قرار المحكمة الاتحادية بعد الجدل الذي رافق الانتخابات السابقة وتحديد الكتلة الاكبر، واعتبار الكتلة الاكبر هي الناتجة عن التحالفات بعد عقد الجلسة الاولى للبرلمان، هو بمثابة فتح باب واسعة من الفوضى والتأخير لتشكيل الحكومة، وذلك لتغيير متبنيات الكتل في برامجها التي طرحت قبل الانتخابات، والسعي بعد الانتخابات لجعلها تتوافق مع غيرها (وان كانت طائفية) لتكون تلك الكتل مجتمعة هي الكتلة الاكبر، مبتعدة عن اصل البرنامج الذي صوت له الناخب من اجل حكومة خدمات واصلاح.
الا ان الجمهور يطمح بأن الثوابت لا يجب التخلي عنها من اجل السلطة والمنافع الحزبية والشخصية، وهي ثوابت تقوم النظام وتعمل من اجل دولة مدنية مؤسساتية وعدالة اجتماعية، تلك الثوابت التي دعت لها الجماهير والاحزاب والتيارات المدنية والمؤسسة الدينية، اسقاط المحاصصة والاجهاز عليها لكي لا تعاد المأساة التي ذاق الشعب ويلاتها، وحصر السلاح بيد الدولة والقضاء على الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة لاستقرار الوضع الامني، وايضا والمهم محاربة الفساد والغاء الامتيازات لاعضاء وموظفي الحكومات التشريعية والتنفيذية والقضائية لتكون هناك عدالة اجتماعية.
هذه المحاور السياسية المهمة يجب ان لا تتخلى عنها الكتل المتفاوضة من اجل تشكيل الكتلة الاكبر، لانها ستكون بوصلة عمل سياسي يخلق فضاء صحي لانعاش الوضع الامني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وبالتالي ولادة نظام حكم قوي قادر على اعادة وطن اسمه العراق.
ومن الملاحظ في المشهد السياسي ان التحالف الوحيد الذي ما زال متمسكا ببرنامجه الذي طرح للناخبين قبل الانتخابات، هو تحالف سائرون، والذي شكل كتلة الاصلاح والعمل، والذي قلب معادلة التفاوض السابقة التي كانت تجري من اجل توزيع المناصب واختيار رئيس الوزراء على اسس المحاصصة، الا التفاوض على البرنامج الاصلاحي وهو لم يطرح اسماء او يتفاوض من اجلهم لتسنم وزارات.
ولهذا فان التفاوض على البرنامج هو الذي أخر تشكيل الكتلة الكبيرة وبالتالي تأخر تشكيل الحكومة.