رسائل موجهة واصطناع المشكلات .. “إيران” و”أميركا” تلعبان على أرض “العراق” !

رسائل موجهة واصطناع المشكلات .. “إيران” و”أميركا” تلعبان على أرض “العراق” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في تطور لافت ومتداخل فيما يحدث على أرض “العراق”؛ بين “إيران” و”أميركا”، باستغلال الوضع السياسي والاجتماعي المتأزم، هددت “إيران”، الثلاثاء 11 أيلول/سبتمبر 2018، بتسديد ضربة صاروخية جديدة إلى “العراق”، في حال لم يتوقف نشاط الجماعات الكُردية المنطلق من أراضيه.

جاء هذا التهديد على لسان رئيس أركان الجيش الإيراني، “محمد حسين باقري”، الذي قال أن “العراق” يجب أن يسلم بلاده عناصر كُردية مسؤولة عن القيام بهجمات على “حرس الحدود الإيراني”.

وقد نفذت القوات المسلحة الإيرانية، السبت الماضي، ضربة صاروخية على الأراضي العراقية. واستهدف القصف مقرًا لـ”الحزب الديمقراطي الكُردستاني” الإيراني، الواقع في مدينة “كويسنجق” بمحافظة “أربيل”، الأمر الذي أسفر، وفق المصادر المحلية، عن مقتل أحد عشر شخصًا وإصابة ثلاثين آخرين بجروح.

وفيما بعد؛ أكد “الحرس الثوري” الإيراني وقوفه وراء هذا القصف. في حين وصفته “الخارجية العراقية”، من جانبها، بالهجوم غير المقبول على أراضيها، والذي نُفذ دون تنسيق مع “بغداد”.

تحذر بالرد بشكل سريع وحاسم..

من جانبها؛ حذرت “الولايات المتحدة”، إيران، من أنها “سترد بشكل سريع وحاسم” على أي هجمات يشنها وكلاء “طهران” في “العراق”، وتؤدي إلى إصابة أميركيين، أو إلحاق أضرار بمنشآت أميركية.

واتهم بيان للمكتب الإعلامي للبيت الأبيض، “إيران”، بأنها لم تمنع الهجمات التي وقعت في الأيام الأخيرة على “القنصلية الأميركية” في “البصرة” و”مجمع السفارة الأميركية” في “بغداد”.

وقال البيان: “إيران لم تتحرك لوقف هذه الهجمات من قبل وكلائها في العراق، الذين تدعمهم بالتمويل والتدريب والأسلحة.

“الولايات المتحدة ستحمل النظام في طهران مسؤولية أي هجوم يسفر عن وقوع إصابات بين أفرادنا أو إلحاق ضرر بمنشآت حكومة الولايات المتحدة. أميركا سترد بسرعة وبشكل حاسم دفاعًا عن أرواح الأميركيين”.

وتقع “القنصلية الأميركية” في “البصرة” قرب المطار، الذي تعرض لهجوم بصواريخ، يوم السبت. ولم تشر الأنباء إلى وقوع أضرار أو ضحايا.

وكان هذا أول هجوم من نوعه يقع منذ عدة سنوات في “المنطقة الخضراء”، التي تضم مباني البرلمان والحكومة وسفارات أجنبية كثيرة.

بغداد ترفض التهديد الإيراني والأميركي..

وردًا على القصف الإيراني لـ”كردستان” والتهديد الأميركي، جدد وزير الخارجية العراقي، “إبراهيم الجعفري”، رفض بلاده للقصف الإيراني الأخير الذي طال مواقع لأحزاب كُردية إيرانية معارضة في “إقليم كردستان العراق”، مؤكدًا على أن “العراق” أبلغ الدبلوماسيين الإيرانيين بذلك.

وقال “الجعفري”، في مؤتمر صحافي بالسفارة العراقية في “القاهرة”، الأربعاء 12 أيلول/سبتمبر 2018، ردًا على سؤال حول القصف الإيراني: “نحن رفضناه تمامًا، وأبلغنا السفارة الإيرانية، رفضنا للقصف الإيراني مثلما رفضنا التركي”، مضيفًا: “موقفنا واضح، لا نتدخل في سيادة أحد كما لا نسمح لأحد بالتدخل في سيادتنا”.

وردًا على بيان أميركي حذر السلطات العراقية من تعرض دبلوماسيين أميركيين لإعتداءات في ظل احتجاجات طالت مقار دبلوماسية في “محافظة البصرة”، أكد وزير الخارجية العراقي، على أن القوات الأمنية العراقية توفر الحماية لسفارات كافة الدول.

وقال “الجعفري”: “يجب أن تعرف إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أن للعراقيين قوات تحمي الجميع، ولن نسمح لأن تكون أرضنا ميدانًا لتصفية الحسابات”، مضيفًا: “لا نسمح لأحد بالتدخل في شؤوننا، ونحمي الجميع وجميع السفارات بلا استثناء”.

ولم تصمت “إيران” على تهديدات “الولايات المتحدة”؛ فقد أدانتها واستنكرتها، فوصفها المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، “بهرام قاسمي”، بـ”الصادمة والاستفزازية وغير المسؤولة”، واتهم “واشنطن” بالوقوف خلف انعدام الاستقرار في “العراق”.

يذكر أن “مدينة البصرة”، والتي تعد ثالث أكبر مدن “العراق” مساحة، تشهد اضطرابات واسعة منذ أسابيع وإشتباكات دامية بين المحتجين والشرطة العراقية، وهو الأمر الذي زعزع الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد.

تريد إيصال رسالة للأحزاب الكُردستانية وواشنطن..

عن هذا التهديد الإيراني؛ يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين، الدكتور “عبدالحكيم خسرو”، أن “إيران تستخدم كافة إمكانياتها لضرب الجماعات المناوئة لها، سواء في إقليم كُردستان أو جماعة مجاهدين خلق في أماكن أخرى داخل الأراضي العراقية، ومسألة ضرب الحزب الديمقراطي الكُردستاني الإيراني؛ قامت إيران بضربه مرتين، الضربة الأولى كانت في العام 1996، حيث دخل الحرس الثوري الإيراني، حينها، إلى كويا وبعمق أكثر من مائتي كيلومتر، والضربة الثانية كانت خلال الأيام القليلة الماضية، والتي اعتمدت إيران فيها على القدرة الصاروخية، مظهرة دقة الاستهداف التي من خلالها أعطت رسالة واضحة للأحزاب الكُردستانية الإيرانية حول إمكانية ضرب الأهداف بدقة كبيرة لمنعها من تنظيم نفسها داخل حدود العراق، والهدف الآخر من هذه الضربات؛ هو لتوجيه رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة والدول الغربية التي هي بالضد من سياسات إيران، مفادها أن هناك دقة صاروخية ومقدرة تصنيعية للحرس الثوري الإيراني يستطيع من خلالها تهديد أي أهداف موجودة خارج الحدود الإيرانية، سواءً كانت أهداف أميركية أو خليجية أو أي أهداف أخرى تهدد المصالح الإيرانية، للحفاظ على الأمن القومي الإيراني والحفاظ على المصالح الإيرانية، والأبعد من ذلك، أن إيران صرحت بأنها سوف تقضي حتى على التهديدات المحتملة وقبل وجودها”.

سياسة أميركية جديدة في التعاطي مع حلفائها..

وأضاف “خسرو”: “كان هناك تحرك من قبل الولايات المتحدة عبر وفد عسكري ولقائه برئيس إقليم كُردستان، وكذلك كان هناك اتصال هاتفي بين نائب الرئيس الأميركي ورئيس الإقليم، وأعتقد أن جزء من هذا التحرك كان على علاقة بالقصف الإيراني على كُردستان العراق والإستراتيجية الأميركية في كيفية التعاطي مع هذا التهديد، وهو موضوع سوف يدفع الولايات المتحدة لوضع إستراتيجية للتعامل مع موضوع القصف الإيراني، خصوصًا وأن واشنطن دعت الأحزاب الإيرانية المعارضة إلى واشنطن، قبل مدة، وحصول لقاءات بين قادة تلك الأحزاب ومسؤولين أميركيين رفيعي المستوى، للتنسيق والتحرك من أجل إسقاط النظام الإيراني، وبعد عودة هذه القيادات إلى مواقعها في إقليم كُردستان حصلت الضربة الصاروخية الإيرانية، لذا نحن سوف نكون أمام سياسة أميركية جديدة في التعاطي مع حلفائها وفي عملية دعم الجماعات المعارضة للنظام الإيراني”.

وأوضح “خسرو” أنه: “دائمًا ما تطلب إيران تسليم المعارضين لها في العراق، ولكن الاتفاقيات الدولية تمنع تسليم المعارضين السياسيين، باستثناء المتهمين بجرائم تتعلق بالإرهاب، وعلى هذا الأساس لا تستطيع حكومة إقليم كُردستان إلقاء القبض على عناصر الأحزاب الكُردستانية الإيرانية وتسليمهم إلى السلطات الإيرانية”.

أميركا تحاول اصطناع المشكلات..

وحول التهديدات الأميركية؛ قال الدكتور “أبوزيد جابر”، الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإيرانية، إن تهديدات “الولايات المتحدة” لـ”إيران”، حال تعرض دبلوماسييها في “البصرة” أو قنصليتها لأي إعتداء، لا داعي له، لأن “إيران” لم توجه لـ”البصرة” أية إعتداءات.

وأوضح “جابر”، أن “إيران” وجهت ضرباتها إلى “إقليم كُردستان”، بعد تعرض إحدى مؤسساتها الدبلوماسية في “البصرة” لإعتداءات، لذلك فإن “إيران” هي التي تم الإعتداء عليها في “البصرة”، والأميركان يعرفون أن أي إعتداء عليهم هناك لن يكون إيرانيًا.

وأضاف أن “الولايات المتحدة” تستبق الأحداث وتحاول اصطناع مشكلة، وهناك عدة دلائل على ذلك، الأول هو أن “إيران” هي من تم الإعتداء عليها، بعد إحراق “القنصلية الإيرانية” في “البصرة”، وبالتالي كان ردها على مصدر هذا العمل، الذي رأت إنه “أربيل” في “كُردستان العراق”، لذلك فلا دخل لـ”الولايات المتحدة” بالأمر مطلقًا.

وتابع: “الدليل الثاني على أن أميركا تحاول اصطناع مشكلات، هو أن مبانيها القنصلية في العراق كلها محمية بشكل غير اعتيادي ويفوق الحماية الطبيعية بمراحل، وأي محاولة للإعتداء عليها يتحتم عليها الفشل؛ إلا إذا كان التنفيذ باستخدام معدات حربية ثقيلة، وهو أمر مستحيل، لأن استخدام مثل هذه المعدات سيكون في إطار حرب وليس إعتداء”.

وأكد الخبير في الشأن الإيراني، على أن “أميركا” تدرك هذه الحقائق جيدًا، ولكن كل هذه التهديدات هي استفزاز للإيرانيين، الذين ترفض “الولايات المتحدة” تدخلها في القضايا الإقليمية التي تتداخل مصالح “أميركا” فيها، لاسيما “العراق واليمن وسوريا”، بالإضافة إلى الأزمة الخليجية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة