عندما جمع الطاغية فرعون السحرة متحديا موسى(ع) فألقوا ما عندهم ،سحروا أعين الناس ,واسترهبوهم عندئذ أوحى الله تعالى إلى موسى بقوله: (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ ¤ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ¤ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ ¤وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ)
لقد كان فرعون رمزا من رموز الظلم والتجبر والطغيان المتمثلة بـ الدكتاتورية والتفرد بالسلطة والنفوذ والقوة السياسية والدينية وحين يزداد الطغيان قوة على حساب المستضعفين و الخانعين من الناس ، وتستشري شروره ثم يركن الناس إلى الطغاة والخضوع والاستكانة لمظالمهم وطغيانهم والخوف من بطشهم ، يعمهم الله بالعذاب ، ويحاسبهم على ذلك محاسبته للطغاة أنفسهم .لأنهم نسوا الله فانساهم انفسهم
وجعلوا من أنفسهم اذلاء عبيدا للطغاة يفعل بهم ما يشاء بلا رادع اومقاومة
ولقد كان فرعون مثلاً صارخاً للطاغية المتجبر، وكان قومه صورة للأنسان المتخاذل الذي سخر نفسه من اجل خدمة الطاغية والاستسلام لحكمه الجائر بل وصل الأمر الى حالة التقديس ووصل الأمر بفرعون إلى ادعاء الألوهية والاستخفاف بعقول الناس البلهاء الذين كانوا خاضعين تحت سلطة المعابد وخزعبلات السحرة والمشعوذين، الذين كانوا منتفعين من خلال سلطة فرعون الذي اعرض عن دعوة موسى وعن كل الآيات التي جاءته من الله حتى أهلكه الله وقومه. وجعله اية للناس والطغاة على مدى العصور..
وجاء قولالله تعالى : (ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)
ان الله سبحانه وتعالى اراد للإنسان ان يعيش حرا كريما وعبدا صالحا مطيعا لله الواحد الأحد فضرب في محكم كتابه الكريم اروع القصص والامثال والمواعظ والحكم العظيمة لكي يستفاد الانسان من تجارب وحياة الاولين والشعوب كي تكون منارا له في العلم والمعرفة والحكمة والموعظة الحسنة وان يشق طريقه نحو فضاء الحرية والعيش بعز وكرامة والوقوف بوجه الظلم والظالمين فالشعوب وحدها من تقرر مصير مستقبلها وحاضرها فالطاغية مهما ما أوتي من قوة ونفوذ وسلطة لن يتمكن من ان يكون ظالما او طاغية ، ولكن ذلك مقترن أيضاً بخضوع الناس للطاغية، وسكوتهم عن مظالمه، وخوفهم من سطوته وجبروته، وانكبابهم على الأمور المادية، والمنافع الدنيوية، ونسيانهم لآخرتهم مما يجعلهم مستعبدين للظالم وأتباعاً للطاغية كما فعل أتباع فرعون وقومه.
ان خروج الشعب العراقي من الاحرار ضد رموز الظلم والفساد مطالبا بالتغيير والاصلاح مثالا حيا على نهضة الشعب وإيمانه بمبادئ حقوق الإنسان المسلوبة والمطالبة باستعادة الحقوق شرعا وقانونا..
إن أشد أنواع الظلم ما يحصل من الحكام على شعوبهم، فقد أعمى هؤلاء الحكام أبصارَهم وأصموا آذانهم عن سماع تلك النصوص الإلهية والنبوية فسمحوا لأنفسهم بظلم شعوبهم اعتقالا وقتلا وتعذيبا وتهميشا وإقصاء وإعداما وسرقة مستجيبين في ذلك لأسيادهم الذين نصبوهم وأيدوهم من خارج العراق طمعا في المناصب والأموال، متنكرين لعذاب الله وغضبه الذي سينالهم في الدنيا والآخرة، فإن بأس الله لا يرد عن القوم الظالمين، والتاريخ شاهد على دمار الحكام الظالمين الذين رماهم ظلمهم في المهالك الدنيوية والاخروية .
ان ثورة احرار الشعب ماضية بفعل قوة الثوار واصرارهم برغم كل وسائل وضغوط التهديد والترهيب التي استخدمتها الحكومة ونيرانها الطائشة ومليشياتها الوقحة ضد المتظاهرين الذين تمسكوا اليوم بعصا موسى ضد اباطرة المال الحرام والطغاة والظالمين لاسقاطهم وتنحيتهم عن مناصبهم وكشف وجوه الفساد ومحاسبتهم .