اقر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن القوى السياسية في البلاد قد دخلت المحاصصة الطائفية والحزبية فألحقت اضرارا بالعراقيين واوضح ان هذا كان اضطراريا وحذر المحتجين والمعتصمين في محافظات غربية وشمالية من لغة الرصاص والتهديد والاعتماد على اجندات خارجية مؤكدا انه لا مليشيات او اسلحة خارج نطاق الدولة داعيا خصومه السياسيين الى الجلوس على طاولة الحوار بعيدا عن التهديد والتهميش فيما تم اليوم اطلاق سراح 173 سجينا بينهم 13 امرأة بعد تبرئتهم من قبل القضاء.
وقال المالكي في كلمة بمدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) حيث وضع حجر الاساس لتنفيذ مدينة ضفاف كربلاء السياحية والسكنية قرب بحيرة الرزازة شمال المدينة والتي تتضمن 40 ألف منزل ان المحاصصة الطائفية والمناطقية سببت خللا كبيرا في عمل الدولة وحيث كل فريق يسعى لمكاسب على حساب الاخر . وحذر بالقول “ان الشعب سيقاضي في محكمته العادلة كل من يخرج على الدستور والقانون ارهابا وفسادا .. وخاطب الفرقاء قائلا “ارفضوا الطائفية واتركوها لانها تشكل خطر التشتت وتعيق الوحدة الوطنية وتضيع جهود الاعمار والتقدم”. واضاف “لقد دخلنا في المحاصصة الطائفية والحزبية مرغمين لكنها اضرت بالعراقيين كثيرا”. ودعا الى ترك النفس الطائفي وقال “ان كل فريق يرى في جماعته وحزبه هم الافضل حتى لو اساءوا وهذا خلق الكثير من المشاكل والسلبيات وهو امر يجب تركه والاتجاه الى الاستقرار السياسي وليس التفجير السياسي كما هو حاصل الان من خلال الاعتصامات والتصريحات المسيئة عبر الفضائيات وبشكل دق اسفينا في الوحدة الوطنية للعراق”.
وحذر المالكي العراقيين من ان اخطر مايواجههم حاليا هو تفتت الوحدة الوطنية من خلال “انتعاش امراء المليشيات وقادة العصابات وحيث تتنفس ارادة الارهاب والتخريب”.. واشار الى ان التصدي لكل ذلك هو مسؤولية تاريخية مناشدا قوى المجتمع الى الوقوف بوجه ذلك والجهر برفضه.
ودعا المالكي الفرقاء السياسيين الى الجلوس على طاولة الحوار والاعتراف بالاخر والتخلي عن التهميش والعناد وتقديم النقد والحصول على اجاباته والالتزام بالدستور والقوانين. وقال انه يبدو ان البعض يرى صعوبة في الخضوع لارادة الدستور لانه يجد في بعض مواده ما لايناسبه مشيرا الى ان هذا “منطق انتقائي وشخصي مضر”.
وطالب القوى السياسية بحوار يستند الى الدستور والمصلحة الوطنية مهاجما دعوات بعضها الى الغاء قوانين الارهاب والمساءلة والعدالة لاجتثاث البعث والدستور .. وشدد بالقول “ان هذا اصبح من الماضي والرجوع اليه رجوع الى الحرب الطائفية والقوات الاجنبية والمقابر الجماعية”. واكد بالقول”اننا لن نعود الى ذلك لان العراق استعاد عافيته وان بقي الكثير امامه وفي مقدمته الاستقرار السياسي وهذا امر يتحقق من خلال الانتخابات الحرة النزيهة بعيدا عن التزييف وعبر اجهزة مراقبة شعبية”.
واشار المالكي الى تظاهرات الاحتجاج التي تشهدها محافظات شمالية وغربية منذ اكثر من شهرين فقال “ان البعض يتصور ان منطق القوة والاعتماد على الاجندات الخارجية يمكنه من فرض ارادته”.. وخاطب المتظاهرين قائلا “دعوا هذه الاجندات والتصقوا بمصالح الوطن .. فلا سلاح الا سلاح الحكومة وقواتها الامنية .. ولا امراء حرب وانما اجهزة امنية تابعة للدولة”. واضاف “تحدثوا بكل شئ لكن الحديث عبر الرصاص والقوة والتآمر والاستقواء بالاجنبي امر مدمر وخطير”. ووصف الداعين إلى الاعتصامات والتظاهرات بانهم “جهلاء وصغار الناس” واعتبر أن “كبار الناس” هم الذين يفكرون بالبناء والمشاريع والاستراتيجيات.
وشدد المالكي على أن”العراق بحاجة إلى عملية تفاعل مع الخطوات الحكومية التي تتخذها الدولة في عملية الإعمار” داعيا إلى “عدم وضع العصي في دواليب حركة الاستثمار تحت عناوين سياسية”. وقال ان البعض اصبح هدفه السياسي تعطيل المشاريع وهو خيانة للبلد.. واوضح ان هناك عراقيين يفضلون الانتماء السياسي على حساب الهوية الوطنية.
واتهم المالكي جهات سياسية لم يسمها بتعطيل الاستثمار في البلاد من أجل تحقيق مصالح شخصية وحزبية وطائفية وأكد هذا التعطيل يجب أن يندرج ضمن “الخيانات ضد الوطن والمواطن” .. وأشار إلى أن المستثمرين الأجانب يتخوفون من تقلبات قد تحصل في العراق وهو ما يؤخر عملية البناء. ودعا مجلس النواب إلى الإسراع بإقرار الموازنة المالية للعام الحالي 2013 او حتى إقرار خمسة مليارات دولار لبناء مساكن “للمساكين والضعفاء”
وتأتي زيارة المالكي الى كربلاء اليوم بعد زيارة مماثلة قام بها السبت والاحد الماضيين الى محافظة البصرة الجنوبية حيث هاجم خصومه السياسيين واعدا الشعب بانجازات اخرى في فترة حكمه الحالية الامر الذي اعتبره مراقبون بمثابة حملة انتخابية مبكرة الى الانتخابات المحلية التي ستجري في 20 من نيسان (ابريل) المقبل والي تبدأ حملتها الانتخابية رسميا يوم غد.
وتزامن زيارة المالكي الى كربلاء اليوم مع اعلان نائب رئيس الوزراء رئيس اللجنة الوزارية المعنية بتنفيذ مطالب المتظاهرين حسين الشهرستاني عن اطلاق سراح 173 سجينا بينهم 13 امرأة من سجون وزارة العدل بعد تبرئتهم من قبل القضاء.
وقال الشهرستاني في مؤتمر صحافي في بغداد اليوم انه لجميع السجناء الحق بإقامة دعاوى قضائية ضد الذين اعتدوا عليهم اثناء مدة سجنهم أو قضائهم مدة السجن دون وجه حق، لتعويضهم مادياً. واكد ان اطلاق المعتقلين يشكل “فرصة للمطلق سراحهم للعودة الى احضان الاهل والعمل على خدمة العراق.
وناشد السجناء المطلق سراحهم “ممن تعرضوا الى ابتزاز في دوائر الاصلاح او في السجون مقابل الافراج عنهم بمبالغ مالية إن مكتبه مفتوح امامهم وليقدموا طلبا للتحقيق بذلك”. واوضح ان عديد السجناء الذين افرج عنهم منذ بداية هذا العام وحتى اليوم بلغ 4000 نزيل وسجين في دوائر الاصلاح ومثلهم في سجون وزارة الداخلية. وكان الشهرستاني أعلن الاسبوع الماضي عن إطلاق سراح 234 نزيلا من سجن الرصاقة ببغداد.
يذكر أن محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديإلى وكركوك تشهد تظاهرات دخلت شهرها الثالث يشارك فيها عشرات الآلاف جاءت على خلفية اعتقال عناصر من حماية وزير المالية القيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، وذلك تنديداً بسياسة رئيس الحكومة نوري المالكي والمطالبة بوقف الانتهاكات ضد المعتقلين والمعتقلات وإطلاق سراحهم وإلغاء قانوني المساءلة والعدالة ومكافحة الإرهاب وتشريع قانون العفو العام وتعديل مسار العملية السياسية وإنهاء سياسة الإقصاء والتهميش وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة.