القسم الثالث
*- نصت المادة (5/ثانيا) على ( إجراء فحص إكتواري للوضع المالي للصندوق بواسطة خبير إكتواري مستقل ، وبمساعـدة قسم تحليل سياسات التقاعد والحسابات الإكتوارية في الهيئة ، كل (5) خمس سنوات ) . ونعتقد أن ليس من المستساغ إستخدام المبهم من الألفاظ والكلمات في نص القانون ، وكان على المشرع أن يبين المقصود من معنى الفحص الإكتواري تيسيرا للفهم ، وإن كانت الدراسات الإكتوارية مما يستخدم في شركات التأمين ، على أساس الفائدة السلبية ، حسبما أفاد به متخصصون في علم الإقتصاد ، إلا إن الأهم هو عدم تحديد نوع الدراسة ، تحسبا لإستخدام دراسات أخرى قد ينتجها العقل والعلم الأكثر تطورا في المستقبل ، دون الحاجة إلى تعديل القانون ، بسبب قيد الإلتزام بما لا يلزم ، كما إن نص القانون ليس جديدا ، حيث إنتهت سنوات على تاريخ نفاذ القانون السابق في 17/1/2009 ، ولم نلمس ما يشير إلى تعديل النسبة التراكمية ، مما دفع بالمشرع إلى محاولة صهر السنوات الخمس الماضية ، ليبدأ بخمس سنوات أخرى تأكل من جرف إنتظار المتقاعد المتطلع لتعديل النسبة ، وهكذا تدور رحى طحن الحقوق سياسيا ولأهداف الدعاية الإنتخابية ، بدليل أن المادة (21/أولا) من القانون النافذ ، تعتمد على النسبة التراكمية البالغة (2,5%) في إحتساب الراتب التقاعدي . كما تؤشر نصوص بنود المادة (9) ، وكذلك نص المادة (32 /ثانيا/ب) على تحمل الموازنة العامة للدولة عبء رواتب بعض المتقاعدين ، المشمولين بأحكام خاصة ، إستثناء من أحكام القانون الموحد ، مما يوجب إنهاء هذه الحالة التي لا تدل على العدالة والإنصاف ، بقدر دلالتها على هدر المال العام ، والتمييز المخل بمنح الإستحقاقات .
*- إن نص المادة (10/أولا) على حتمية إحالة الموظف إلى التقاعد ( عند إكماله (63) الثالثة والستين من العمر ، وهي السن القانونية للإحالة إلى التقاعد بغـض النظر عن مدة خدمته ، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ) ، ونص المادة (11) على إن ( لرئيس مجلس الوزراء باقتراح من الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة أو المحافظ ، تمديد خدمة الموظف مدة لا تزيد على (3) ثلاث سنوات عند إكماله السن القانونية للإحالة إلى التقاعد ، مع مراعاة ندرة الإختصاص ونوعية الوظيفة وحاجة الدائرة إلى خدماته ) ، لا يحقق المطلوب في الوقت الحاضر ، حيث إن في تجارب الدول المتقدمة والنامية إقتصاديا ، دروس وعبر عملية تطبيقية لا يمكن تجاهلها ، حيث يزداد الطلب على الأيدي العاملة إلى حد الإستعانة بالعمالة الأجنبية ، لغرض تغطية حاجة العمل والإنتاج المتصاعد ، بدعم قانوني مانع من تسرب الأيدي العاملة إلى خارج مجالات عملها المهني ، وذلك ما حصل في فرنسا عام 2010 ، حيث تم رفع سن الإحالة إلى التقاعد من (60) سنة إلى (62) سنة ، على الرغم من إحتجاج المشمولين بذلك ، ولإختلاف ظروف العمل والعاملين في كل دولة ، فإن معالجة واقعنا الوظيفي المترهل ، مع زيادة عدد العاطلين ، تتطلب جعل الإحالة الحتمية إلى التقاعد ، عند بلوغ الموظف سن (60) الستين من العمر ، مع إلغاء مدة التمديد ، من أجل توفير فرص العمل للعاطلين ، والقضاء على البطالة بصورتها المقنعة ووجهها الآخر ، ومعالجة أدران ترهل الجسد الوظيفي العام ، والإفادة من خبرة المتخصصين عن طريق عقود العمل بأجر مقطوع لغرض التدريب ، إضافة إلى القضاء على بعض مظاهر الفساد الإداري والمالي ، المتمثلة في إزدياد عدد الموظفين غير الكفوئين ، الذين اتخذوا من الوظيفة وسيلة لتحقيق منافعهم غير السليمة ، التي أودت بحياة الوظيفة وخدمة المواطن ، وذلك بوضع النص القانوني الخاص بالإحالة إلى التقاعد بتنسيق الملاك ، الذي لا يزال منصوصا عليه في قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960- المعدل . وفي كل الأحوال ، فلن تكون الإحالة حتمية لرؤوساء السلطات الثلاث ونوابهم وأعضاء مجلس النواب والوزراء ، عند بلوغهم تلك السن أو غيرها ، مما يؤكد عدم كونهم موظفين مشمولين بأحكام قانون التقاعد الموحد ، كما لم تمدد مدة خدمتهم بعد بلوغ أحدهم ال (63) سنة من العمر ، لخضوعهم لأحكام القوانين الخاصة ومنها قانون الإنتخابات الخالي من ذلك الشرط .
*- ونصت المادة (12/أولا) على إن ( للموظف أن يطلب إحالته إلى التقاعد ، إذا كان قد أكمل (50) الخمسين سنة من عمره ، أو كانت له خدمة تقاعدية لا تقل عن (25) خمس وعشرين سنة ) . إن شرط مدة الخدمة غير مقيد بإكمال السن المقررة في البند أعلاه ، للفصل بينهما بحرف التخيير (أو) ، إلا إن التطبيق العملي قد قرن بينهما بشكل مخالف للنص القانوني ، مما أدى إلى عزوف الكثيرين عن تقديم طلب الإحالة إلى التقاعد ، لعدم إمكانية إنتظارهم بلوغ السن المذكورة لغرض صرف الراتب التقاعدي ، بمعنى أن الموظف الذي كانت له خدمة تقاعدية لمدة (25) سنة ، وكان قد عين في الوظيفة وهو إبن (20) العشرين سنة ، فسيصبح عمره عند طلب الإحالة إلى التقاعد (45) سنة ، وبذلك فعليه الإنتظار جالسا في بيته لمدة (5) خمس سنوات بدون راتب تقاعدي ؟!. لأنه لم يكمل سن (50) الخمسين من العمر ؟!. فهل هذا معقول أو مقبول في نتائج الشروط ، وهل قرأتم في شروحات تشريعات الأولين والآخرين مثل تلك المغالطة وذلك التناقض الرهيب ، أم إن الهدف أن نصاب بالجنون أو نقبل بذلة العيش وحتف ريب المنون ؟!، وقد يقول البعض أن ذلك من سوء تقدير الموظفين وعدم فهمهم للقانون وما تتطلبه إجراءات التنفيذ ، فنقول إن كان ذلك من أساطير إجتهادات المفسدين والطارئين ، فإن المادة ( 21/ أولا ) نصت على أن ( يستحق الموظف الذي يحال إلى التقاعد ، الراتب التقاعدي إذا كانت لديه خدمة تقاعدية لا تقل عن (15) خمسة عشر سنة ، ولا يصرف الراتب التقاعدي إلا إذا كان قد أكمل (50) خمسون سنة من عمره ، وفي كل الأحوال لا يصرف عن الفترة السابقة لتاريخ إكماله السن المذكورة ، باستثناء حالات الوفاة والإستشهاد والإحالة إلى التقاعد لأسباب صحية والمحالين إلى التقاعد وفقا لأحكام البند (ثانيا) من المادة (12) من هذا القانون ) ، وتلك الإستثناءات لم تأت على ذكر البند (أولا) من المادة (12) من القانون ، بغية إزالة اللبس وغموض الإجتهادات غير السوية ، ولكن النص أضاف من بيان الفساد ما لا يصدق قانونا أو عرفا إداريا ، إذ ليس من الحكمة أن تتقرر إحالة الموظف إلى التقاعد بناء على طلبه ، إذا كانت لديه خدمة تقاعدية لا تقل عن (15) خمسة عشر سنة ، ولا يصرف الراتب التقاعدي له إلا إذا أكمل سن (50) الخمسين من العمر ، وقانون الخدمة المدنية يشترط فيمن يعين لأول مرة في الوظائف الحكومية ، أن يكون قد أكمل الثامنة عشرة من العمر وللممرضة السادسة عشرة ، وبعملية حسابية بسيطة ، نجد أن الموظف الذي لديه خدمة تقاعدية لا تقل عن (15) خمسة عشرة سنة ، سيكمل عندها سن (33) الثالثة والثلاثون من عمره و(31) سنة بالنسبة للممرضة ، ولا ندري كيف يتم حجب الراتب التقاعدي بعدم صرفه لمدة (19) سنة بالنسبة للمرضة المتقاعدة و(17) سنة لغيرها من الموظفين المتقاعدين ، بل ولماذا تتم إحالتهم إلى التقاعد أصلا مع وجود هكذا قدر من التعسف التشريعي المستهجن والغريب ، الذي يبيح ربط مدة الخدمة التقاعدية المقررة للإحالة إلى التقاعد بقيد إكمال الموظف لما يقارب أو يزيد على ثلاثة أضعافها من سني عمره المديد ؟!، ثم لماذا لا يتقرر إبتداء حق الموظف بالإحالة إلى التقاعد بناء على طلبه عند إكماله سن (50) الخمسين من العمر في دوائر الدولة الفاشلة ، وعلى أن لا تقل مدة خدمته التقاعدية عن (15) خمسة عشرة سنة ، وإذا كان ذلك قصد المشرع ، فعليه تعديل صياغة النص بما يضمن تحقيق رؤيته ، وبعكسه فلا تفسير لغير إذلال الموظف عندما تدفعه رغبته إلى مغادرة بيت الحكومة والقطاع العام الخانق لتطلعاته ، أو عندما يريد العمل بحرية القطاع الخاص ، فلا يجد غير قيود تكبيله وظيفيا ، إضافة إلى ما يشكله ذلك القيد من تضخم الجسد الوظيفي وترهله ، مع زيادة حجم البطالة وعدد العاطلين .