5 نوفمبر، 2024 4:48 م
Search
Close this search box.

محطات نضالية …

الى روح المناضل والشهيد حسين سلطان ( أبو علي ). سمعت عنه الكثير من الخصال والمناقب قبل أن   ألتقيه . أسم  .. يطرق كثيرا في الصعاب التي مر بها الشيوعيين  . وحضوره ساطع في الوسط الشيوعي في النقاشات وأستعراض مسيرة الحزب يسبق حضوره المتواضع والثر . لا يمكن التطرق الى تاريخ الحزب الشيوعي بدون المرور على الشهيد حسين سلطان .. كان وما زال رغم رحيله الابدي ( الجسدي )… وجه الحزب الناصع والمعطاء ..  ومأثر السجون وحفر النفق الشهير في سجن الحلة المركزي والموقف الوطني بالدفاع عن العراق ووطنية الشيوعيين  ومعاني المقاومة , تحمل بسبب هذه المواقف الكثير , وتعرض  الى التنكيل والاذلال والتشنيع  , لكن من من  ؟ ……… من رفاق الأمس والتاريخ .  
 تعد كارثة الانفال عام 1988  أخر ما مبيته النظام  في جعبتة  في قتل معارضيه بالسموم  , حينها  كنت ضيفا عزيرا معززا على موقع الاتحاد الوطني الكردستاني ( أوك ) في جبالها  ووديانها الضيقة والوعرة مناطق ( سركلو وبركلو ) … لم تكن غريبا لنا في ذلك الصباح الغائم  .. تحليق الطيران فوق مواقعنا  ودكها بالصواريخ الكيمياوية  .. تحت طبول الحرب والاناشيد المحشورة بين سطور كلمات المعلق بدك حصون المخربين وأدلاء الخيانة من المذياع العراقي الرسمي  , ونحن نشق طريقنا ببطء وسط ركام الشلوج المكسوه على قمم الجبال العالية ورائحة الكيمياوي المتناثرة أخترقت المئات من رئات البشر والحيوانات لتحول أعدادا منهم الى جثث ملقاة على سفوح الوديان  , باتجاه منطقة سردشت الايرانية وسط الالاف من المقاتلين والابرياء من قرى أمنة وبمعية مجموعة رفاق الشهيد سامي حركات .
بعد رحلة عمرمن المعاناة والعوز في العاصمة طهران . وطأت قدماي لأول مرة العاصمة دمشق بوثيقة غير محترمة يوم 25 أب 1988 . وجدت في دمشق رغم كل المعاناة والصراعات متسعا من التنفس ولقاء رفاق وأحبة فارقتهم لسنوات . كانت دمشق حضنا دافئا وأمينا لي كمناضل خارج من تجربة ومعركة فاشلة على الصعدين مع البعث وقمعه للحريات…  والتنظيم وبيروقراطيته والموقف من الوطن والحرب .
هنا في دمشق الصراعات والاحتراب ..  مفتوحاعلى مصراعيه ولغة التنكيل والتشهير مع بعضنا ملأت مسامع السوريين وسفارات الدولة الاشتراكية وتنظيمات حركات التحرر بتقزز ونذالة  .. المنبر , حركة التنسيق , شيوعيون عراقيون . بقايا تنظيمات القيادة المركزية , القاعدة ..وهلهم جرأ . في أحاديث متكررة مع الرفيق باقر أبراهيم ( ابو خولة ) طال الله بعمره . وفي لومة مناضل وحرص على تاريخ الشيوعيين وشهدائهم الابطال . لماذا تركت لهم الحزب وأنت ابو خولة تاريخا ونضالا وسمعة ؟ . ولماذا هذا التردد في الاعلان عن تأسيس حزب شيوعي ؟ . بمرور التجربة كان رأيه هو الاقرب الى جادة الواقع والصواب  لايمكن لهذا الطموح يتحقق في المهجر وعزله عن تربة الوطن ونفس الجماهير . بعد هذه التجربة من السنيين أقتنعت بهذا الرأي . كيف تبني دكانا ناجحا والسوق أصلا مهدم بلا سقف ولا سياج عرائه عرضة للاخرين . في دمشق كثر الحديث وبألم عن الشهيد حسين سلطان .. وما تعرض له من حيف وأذلال على أيادي رفاق الامس وعلى رأسهم حرامي الحزب و….. : حيث أنتهى به العوز ان ينام في قبو رطب , لكنه أزداد تمسكا بمواقفه الوطنية والنضالية  ولم يجامل سطوة مالك المال والقرار والعلاقات المشبوهة .
غادرت دمشق 15 مايو 1989 الى براغ , هذه المرة بوثيقة محترمة  جواز يمني صادر من سفارة اليمن الديمقراطية سابقا في دمشق . وسكنت في بيت الرفيق الشهيد  عامر عبدالله وسط براغ , حيث ذهلت للوهلة الاولى بمناظرها ومقاهيها ونساءها .. والذكريات الدافئة عنها من الاعزاء سعد رحيم ومحسن شريدة . تعرفت أكثر على المرحوم حسين سلطان , وجدته حقا ما أحمله عنه من أنطباعات في الاخلاق والسياسة والوطنية . جمعتنا مرات لقاءات مشتركة مع الرفاق عدنان عباس وعبد الحسين شعبان , والمرحوم عامر عبدالله , الذي كنت أصلا مقيما عنده في بيته الجميل , فكان محور اللقاءات والتي غلبها مصير الحزب وسجته المتدحرجة الى نفق مظلم وبلا محطة قريبة . وفي لحظات الملل والالم من وطأة الحديث المر ومصيرنا وشهدائنا نعود لنناقش عودة المرحوم حسين سلطان الى وطنه الى بغداد … وخروجي انا الى السويد عبر الاراضي البولونية , والذي صعب الموقف السفارة البولنية في براغ بعدم منح تأشيرة على الجواز اليمني , لولا ذهاب عبد الحسين شعبان معي الى السفارة سبقتها مكالمة من القنصل اليمني .
   تركت قمم جبال كردستان مضطرا بعدالاجتياح العراقي المدمر للشجر والبشر عام 1988  . في كردستان حملت بثقل عبء تلك التجربة … وما زلت مستذكرا مسيرتها المعوجة باعوجاج وفشل تجارها السياسيين .. ونحن بضاعتهم الكاسدة يسوقوننا بذل ورخص . من المواقف التي بقيت عالقة في ذهني ,في حينها لم يستسيغها سمعي . في عام 1987 وبعد أيام من عودتي من بغداد في الفصيل المستقل في زيوه الحدودية  .. ألتقاني صدفة المرحوم ابو جميل ( توما توماس ) . وهمس بأذني ,وشعرت بحرصه قائلا لي … أني أقدر أندفاعك وشجاعتك وحرصك , لكنك كن حذرا لا تسلم رقبتك بيدهم … سوف نخسرك وانت من عائلة تاريخية ومناضلة … فالرحمة عليك يا أبو جميل .. وأعتزازا بنبوئتك الثورية .  

أحدث المقالات

أحدث المقالات