الشعب الكوردي مكون رئيسي و قومية ثانية في العراق بعد القومية العربية أعترف بحقوقه في مراحل و تجاهل في اكثريته حتى وصل بهم الامر الى الوقوف بوجه انظمته ليطالبوا بأبسطها .
للتوقيت اثر حاسم تماماً كما في اللعب و الصيد , فان اللاعب الذي يختار الوقت المناسب لتسديد ضربته على هدف الخصم يحقق ما يربو اليه , كما ان على الصياد ان يحدد اللحظة الحاسمة و يستغل ضعف صيده وفريسته ليتمكن منه , و ان السياسة و الحراك السياسي ليس بمنأ عن التوقيت ، بل انها تلعب الدور الكبير في تسجيل المنجزات و تحقيق الاماني و إحقاق الحقوق .
من الامور المسلّم به ، ان الثقل السياسي و العسكري و الاقتصادي ليس حكراً على دولة او قوة بل تتغير و تنتقل من هنا و هناك مع الاختلاف في المدة بالقصر او الطول اعتماداً على الاسس و الدعائم التي ترتكز عليها , فأن الناظر الى التاريخ البشري يرى بوضوح ان مراكز السلطة و القوة و القرار تتغير بشكل مستمر من الامبراطورية الرومانية فالقسطنطينة والخلافة الاسلامية بين الراشدة والاموية ثم العباسية و من البريطانية و الفرنسية (الاوروبية) الى الامريكية التي باتت تسيطر على جميع مفاصل الكرة الارضية من الجو و البر و البحر , و إن كان هناك من يقف امام تطلعاتها من الدول و الجماعات لكنها سرعان ما تتبدد و تتأثر لهشاشتها و ضعفها و عدم مقاومتها بالترغيب و الترهيب امام قوتها و جبروتها . تشبه العلاقة الكوردية مع الانظمة العراقية المتعاقبة بلعبة القط و الفأر أي انها لا تسير وفق خط مستقيم بل تتسم بالمد و الجزر و تتخذ من السندين التاليين اساساً لها :-
ان الحركة التحررية الكوردستانية لم تغلق ابوابها في وجه الانظمة الحاكمة للتفاوض و بدأ الحوار و في اغلب المرات كانت المبادرة منها لقناعتها بأن العنف يولد العنف ، و ان ما يحصد من الجلوس على الطاولة المستديرة لا يحصد بالقمع و العمليات العسكرية .
أن قبول الانظمة الحاكمة بالتفاوض وفتح باب الحوار مع الحركة التحررية الكوردستانية كانت نتيجة ضعفها و شد الخناق عليها ، و ليس حباً للسلام او معالجة القضية و منح الحقوق , و نستدل على ذلك تنصلها عن الوعود التي قطعتها على نفسها عند اقرب فرصة ، و كان الحوار الاستغلال الوقت ،و اعادة التنظيم .
رغم تقاعس الانظمة السياسية و نقضها للوعود التي قطعتها على نفسها تجاه الكورد ، إلا ان حب الكورد للسلام النابع من عشقهم للحياة الآمنة ،و خدمة الانسانية يدفعهم الى قبول التفاوض و استغلال الفرصة السانحة منها اتفاقية 11 اذار 1975 و الاعلان عن الفدرالية و العيش الاختياري مع العراق بعد سنة 1991 و 2003 والتصويت على دستور العاراق لعام 2005 ، أي انه استفاد من الوقت ، و لكن المشكلة الرئيسة هي ان النفوذ و السلطة في العراق تتغير فبعد حكم السنة لها لأكثر من ثمانين عاماً انتقل السلطة الى الشيعة ذات الاغلبية بعد تحريرها عام 2003 لذا فان الرؤية و الاهداف قد تغيرت و الوسائل و الادوات استبدلت بعد مشاركة الكورد للحكم و القرار .
ان التناقض الايديولوجي و المذهبي بين السنة و الشيعة ، دفعت بالكورد ان يلعبوا دورهم في تحقيق التوازن و السلام بمشاركة المكونات الاخرى , فبعد كل الانتخابات تتجه الانظار الى الكورد بجميع احزابه و خاصة الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الاتحاد الوطني و تبدأ الوفود تتوالا الى اربيل العاصمة في سبيل كسب ودهم و دعمهم و ترجيح كفة ميزانهم مع الكورد لتشكيل الحكومة .
و على الرغم من ما مر به الاقليم بعد عام 2014 و ما شهد من احداث إلا ان حاجة الكتل و الاحزاب العراقية الى المكون الكوردي دفعت بهم بالتوجه الى اربيل و الاجتماع مع مسؤولي الاقليم للتحالف و تشكيل الكتلة الاكبر ، و ان ما يريح بال المواطن الكوردستاني هو تمسك القيادة المستميت لتحقيق المصالح العليا للاقليم ، و معالجة المشاكل العالقة بينهما مثل النفط و المناطق الكوردستانية خارج الاقليم و الميزانية و قوات البيشمةركة و تحقيق التوازن و الشراكة و التوافق الفعلي بعيداً عن التنصل و الاقصاء ..
اذاً الفرصة سانحة و ذهبية و على القيادة السياسية ان تستغلها بشكل جيد خدمة للصالح العام بعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة و الحصول على وزارة او منصب اداري ، و نعتقد بانها تسير وفق هذا المنوال رغم الضغوطات الامريكية او الايرانية بتأييد هذا المرشح او ذاك فمعيار الكورد هو تحقيق اكبر قدر من مصالحهم و هذا يمثل انجح استغلال للفرصة التي ان ذهبت ذهب معها الحقوق .