23 نوفمبر، 2024 3:59 ص
Search
Close this search box.

الشهيد محمد علي قصاب اوغلو يولد من جديد

الشهيد محمد علي قصاب اوغلو يولد من جديد

الذين حملوا في قلوبهم قيما ومبادئ آمنوا بها وعملوا من أجلها طيلة حياتهم دون تهاون أو تنازل أو خضوع، لا يمكن للموت أن يكون نهاية لهم، بل هم يولدون من جديد، لذا فمن العبث بل من الغباء بمكان أن يعمد المرء على قتل صاحب مبدأ، فذاك يعطيه حياة جديدة، أكثر إشراقا من كل الأيام التي عاشها، ومن يقتل على مبدئه إنما ذلك دليل على صحة إيمانه وإستقامة مبدئه، والمبدأ لا يموت ولا يمكن أن يقتل، وكذلك الذين آمنوا به لن يموتوا أبدا، فهم يولدون ويولدون مرة بعد أخرى، ليجددوا ويتجددوا.
طوزخورماتو مدينة صغيرة بات إسمها يتردد على قنوات الأخبار المحلية والعالمية، تنقل عن تلك البقعة الصغيرة من أرض العراق أخبار التفجيرات والاغتيالات وصور البيوت والمباني المهدمة والدماء التي تسيل يوميا وبلا توقف! لماذا طوزخورماتو! ولماذا هي مستهدفة، بل ما هو الشيء الذي يستهدفه أعداء الإنسانية في هذه المدينة بالذات! سأترك للقارئ الكريم فرصة الإجابة على هذه التساؤلات بينما نقرأ معا الأسطر التالية من حياة أحد أبناء طوزخورماتو، أحد الذين سقطوا ضحية للإرهاب، أحد أبناء طوزخورماتو من الذين ولدو من جديد وهم كثيرون وقافلتهم لا تتوقف بل تزداد طولا وهي تحث الخطى نحو الحياة الأبدية.
قلبه الطيب يذكرك بطيبة أهل البيت الذين آمن بطريقهم، ووجه المبتسم يذكرك بالملامح التركمانية الأصيلة حيث آمن بعدالة قضية شعبه حتى أخر لحظة من حياته. رغم كل الماسي التي عاشها فقد بقي رافعا راسه الذي كان يلفه بالجراوية الرمز المميز للزي التركماني العراقي، غيور على وطنه رغم كل الإضطهاد الذي اصابه من حكومة النظام الصدامي البائد، خدم في الجيش وادى ما عليه من واجب مقدس وبشرف. حبه الشديد للحياة لم يمنعه بالتضحية من أجل الاخرين، وحبه الحياة لم يكن بداعي الأنانية أبدا بل كان يؤمن دائما بأن هناك الكثير مما يجب أن يقوم به.
انه محمد علي قصاب اوغلو فتح عينيه على الدنيا في بيت جده عباس علي قوجا في محلة ملاصفر سنة 1948، وما ان ترعرع حتى راح يصادق اشجار النخيل التي كان تغطي الحديقة الكبيرة في بيت العائلة القديم، ينتمي بنسبه الى عشيرة البيات من بيت قوجا في طوزخورماتو، ونسبة الى مهنة والده المرحوم مهدي قصاب و المعروف بالمدينة  ب( ميتي قصاب) فقد لقبّ بالقصاب.
انتقل مع والده الى محلة جقلة تاركا دار جده في محلة ملاصفر التي ارتبط بها وباهلها ودفء عشيرته الساكنين جميعا ببيوت متداخلة مع بعضها وهو في السن الخامسه من العمر، عشق محلته القديمة جعله يتردد رغم صغر سنه الى البيت القديم وحيدا دون ان يرافقه احد معتمدا على نفسه مفتخرا بهذا التصرف، وحسب ما تحدثت الينا المرحومة حليمة زوجة عمه الشهيد فريق قوجا وهي تروي قصصا عن الماضي لم تخلو منها مواقف غريبة. اذ ذات يوم جاء الشهيد محمد علي قصاب الى بيت جده وحيدا فرحا مزهوا وهو لم يبلغ السادسة وهو ويقول ( من ئه وميزده ن  بورا  يالغيز كلديم) اي جئتكم  وحيدا من بيتنا الجديد دون ان يرافقني احد، نعم كان كمعظم أبناء طوزخورماتو تظهر عليهم بوادر الشجاعة والاعتماد على النفس منذ الطفولة.
مع تقدم العمر بقيت الشجاعة والاعتماد على النفس صفتان لا تفارقناه بل تنموان كاي جزء من جسده،  بعد اكمال الدراسة الابتدائية والمتوسطة في طوزخورماتو التحق بصفوف الجيش متطوعا سنة 1966، وكأن الشجاعة التي كان يتصف بها هي من دفعته الى ان يختار هذا المسلك، اكمل صنف المضمدين العسكرين وخدم في الجيش معززا مكرما مدافعا عن وطنه بالاسلوب الذي كان هو يؤمن به.
بعد الاضطرابات السياسية التي عصفت بالعراق بعد مجئ حزب البعث تغيرت القوانين والمبادئ العسكرية والمدنية، تغيرت موازين القوى من قوة القانون الى قانون القوة، كان الشهيد من أوائل الذين رفضو وبشدة التوجه الجديد الذي انتهج النظام الشمولي، في بداية الثمانينات نشطت الحركات الدينية في مدن العراق، وكانت مدينة طوزخورماتو لها حصة الاسد في مثل هذه الحركات قياسا الى مساحتها وسكانها، حيث المشاركة في التنظيمات التي تجمع حولها من كافة الفئات موظفي الدولة وطلبة المدارس والجامعات وحتى العسكرين، كل يعمل وفق اسس وضعت سلفا، واصبحت الجوامع نقطة إلتقاء أولئك الناشطين.
نحن أبناء عمومته المقربين لم نكن نعلم بان الشهيد محمد علي قصاب منتظم  في احدى هذه التشكيلات التي كانت تعمل بسرية تامة في تلك الفترة، رغم تواجدنا بقلب الكثير من الاحداث التي عاشتها طوزخورماتو في تلك الفترة. فقد كان الشهيد محمد علي قصاب يقدس السر، امور كثيرة أبقاها في جعبة أسراره حتى يوم استشهاده. أحد تلك الأسرار كشفها بعد كل تلك السنين وزير الشباب والرياضة المهندس جاسم محمد جعفر، والذي كان يعد من الشباب القيادين في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، حيث كان ناشطا ضمن مجاميع من طلبة الجامعات الى جانب الشهيد عباس حلمي، السيد محمد حسين جلحة، السيد شكور كريم اغا، فضلا عن الشهيدين عبدالامير وزمان مهدي، وطلبة الاعدادية منهم  الشهداء نشات مدحت التونجي، جليل مهدي قزانجي، ايهان احمد ، ومن العسكريين الشهيد محمد قيزاو، ومن طلبة الحوزة الشهيد مهدي ابراهيم والشهيد جليل جايجي، إذ كان تواجدهم اليومي في  الجامع الكبير ( بيوك جامع )، الرسول الاعظم حاليا، يعد بحد ذاته نشاطا سياسيا وثقافيا لما كانت تحتويه تلك التجمعات من مناقشات وتبادل الاراء فضلا عن الاجتماعات السرية التي كانت تقام بين المجاميع بشكل مستقل دون ان تعرف مجموعة عن تفاصيل عمل المجموعة الاخرى.
 اذ يقول السيد جاسم محمد جعفر وهو يعلق على استشهاد قصاب:
 ” لقد حافظت على سر في صدري لم أبح به طيلة الفترات الماضية وجاء الان الوقت الذي استطيع فيه أن ابوح هذا السر بحق الشهيد قصاب اوغلو. لقد كان الشهيد محمد علي قصاب يزود المجاهدين بالاسلحة والاعتدة الى جانب الشهيد محمد قيزاو الذي اعدمه جلاوزة صدام، وكان هناك اتفاق مع بعض عناصر من مجاهدي الجنوب لتزويدهم ببعض الاسلحة، اذ كانوا يحضرون الى طوزخورماتو ويتم تسليم السلاح لهم في المدينة، فكان الشهيدان محمد علي قصاب ومحمد قيزاو هما من يزودانها لهم”.
كان الشهيد محمد علي قصاب حذرا في تحركاته لعلمه اليقين بمراقبة الامن له، اذ تقول زوجته:
” عند تواجده في البيت في فترة الاجازة كان يبقى ساهرا الى اولى ساعات الصباح دون ان اعرف السبب، يوما ما سألته عن ذلك، فاجاب مجبرا.. انني ابقي نفسي مستعدا للافلات من قبضة الامن الذي قد ياتي  في اية لحظة لمداهمة البيت لاعتقالي”.
حصل ما كان يتوقعه خارج بيته، اذ اعتقل سنة 1984 اثناء تادية الواجب في معسكر رانية، وتم تسفيره الى بغداد سرا وبالتحديد الى الشعبة الرابعة، انقطعت اخباره، وبعد مدة ليست بالقصيرة تم الافراج عنه وأعيد الى المعسكر، وبعد هذا الحادث باول اجازة دعي الى دائرة امن طوزخورماتو وطلب الافراج عنه بكفالة والده المرحوم مهدي عباس قصاب، وقد افرج عنه بكفالة بشرط احضاره الى دائرة الامن متى ما استوجب الامر، والتهمة الموجهة اليه آنذاك كانت الإشتباه بالعمل مع حزب الدعوة المحظور آنذاك، ووضع تحت المراقبة في الوحدة العسكرية التي كان ينتمي اليها.
لم تكسر الاعتقالات والضغط النفسي من عزيمته لمواصلة السير في النهج الذي  آمن به على الرغم من اعتقاله، واعدام رفيق له في المبدأ الشهيد محمد قيزاو واخرين ضمن موجة الاعدامات التي طالت الشباب في بداية الثمانينات، والتي نتج عنها هروب الكثير ممن نجو من الموت المحقق الى خارج العراق، وتلت هذه الفترة اغلاق  الجوامع ابوابها، حيث اصبح الرعب والخوف سيدا الموقف في طوزخورماتو، ولكن الشهيد محمد علي قصاب ابى ان يترك مدينته رغم المخاوف التي كانت تحيط به، حبه لوطنه ومدينته كان اقوى من سيف الجلاد، لذا بقي صامدا لا يتزحزح عن طريق مبادئه.
بعد منع السلطات ولمدة طويلة اقامة المراسيم الدينية او تواجد عالم ديني في الجامع الكبير (بويوك جامع) في طوزخورماتو، تبرع بنفسه ليأم المصلين ، اذ بادر مع مجموعة من الشباب لإعادة الروح الى الجامع بعد مغادرة الناس له بسبب الخوف والارهاب الصدامي. في بداية التسعينات من القرن المنصرم بادرالشهيد بالذهاب مع مجموعة من الخيرين من ابناء المدينة الى النجف الاشرف لاستحصال موافقة المرجعية على إرسال عالم ديني الى بيوك جامع، وتم الاستجابة لطلبهم حيث أرسل العالم الديني السيد محمد تقي الحجار الى طوزخورماتو. استضاف الشهيد محمد علي قصاب الشيخ في منزله المتواضع في وقت كان الحصار قد انهك العراقيين اقتصاديا ونفسيا، فرغم هذا الوضع السئ اقتصاديا والردئ امنيا وقف ندا بوجه الجبروت الصدامي وبدأ باستقبال الناس الذين يودون لقاء العالم الديني في داره التي تحولت لاحقا الى مركز ثقافي ديني يرتاده اهل المدينة كل ليلة ويقضون الاوقات في المناقشات والحوارات حتى الساعات المتاخرة من الليل. لم يظهر على الشهيد اية علامات على الخوف او الضجر، بل العكس كان مضيافا يستقبل ويقوم بواجب الضيافة المتعارف عليها بالعادات والتقاليد، متحملا جميع التبعات المادية والامنية، إذ لم يعتمد على اي شخص في تمويل هذه الحركة الايمانية في المدينة، رافضا في حينه مقترحا من اهل المدينة باستضافة الشيخ بالتناوب في بيوت المواطنين بالتوالي.
يوما بعد اخر ازداد عدد الحضور في الجامع فضلا عن تجمعات ليلية في داره الواقعة في محلة جقلة،  اخذت دائرة الامن في طوزخورماتو تراقب تحركاته وتجمع الناس في البيت ليلا فضلا عن الجامع، معتبرة ذلك تجاوزا على الخط الاحمر، وخطر على سياسة الهيمنة والتخويف التي زرعها النظام في داخل نفوس العراقيين. تم استدعائه الى دائرة الامن بمعية الشيخ محمد تقي الحجار وبدأ مدير الامن بطرح الاسئلة عليهما، ووجه كلامه الى الشهيد محمد علي قصاب بالذات، قائلا: “إذا كنت تريد ان اطبق عليك الاوامر اعتمادا على التقارير التي امامي، حينئذ يتوجب علي تسفيرك الى المديرية في تكريت، وقد يكون الموت في انتظارك بل يمكن تقطيعك اربا اربا، ولكن ساعطيك فرصة ولن ارسلك هذه المرة”. وكان هذا انذارا احمرا من الامن.
لم يبالي الشهيد بتهديدات ضابط امن طوزخورماتو واستمر في استقبال الوفود في بيته واجتماع السيد الحجار مع الناس الى ساعات متاخرة في الليل، حتى جاء اليوم الذي اعتقل فيه بصحبة السيد الحجار ومعهم الحاج المرحوم شكور بيك وتم تسفيرهم الى مديرية امن تكريت. ونقلا عن اخيه عدنان الذي يقول: “لم اكن احضر الى بيته في تلك الايام، حيث كنت اعتبر ذلك مجازفة، لا لخوفي من الامن، ولكنني كنت على يقين من اعتقاله او الاساءة اليه، وكنت اقول لنفسي فاذا تم اصدار حكم الاعدام فليكن لواحد منا، ويبقى الاخر لتولى مسؤولية العائلة”.
سأل مدير امن تكريت الشهيد سؤالا محددا: “من تكون يامحمد علي قصاب؟” حسبما ينقله اخيه عدنان، كانت اجابة الشهيد لمدير الامن كالاتي: “انا محمد علي قصاب، عسكري متقاعد، تركماني شيعي، واذا جاء اسم الحسين امامي لثلاث مرات فلن استطيع أن أتمالك نفسي من البكاء”، فرد عليه مدير الامن بالسؤال التالي: “الاتخشى على نفسك وانت في مديرية الامن؟” فرد قائلا: “انني اعتبر نفسي في احدى دوائر الدولة الاخرى كالمستشفى التي يتردد اليها المواطن كثيرا، لقد تعودت عليكم من كثرة المراجعات، ولم اكن اتوقع حتى لزمن قريب بان الحكومة ند للشيعة لهذا الحد”. بعد جدال مع مدير الامن قال له المدير غاضبا: “الست خائفا ممن تقوله؟” اجاب الشهيد: “بماذا اخاف اليس رئيس الجمهورية هو من يدعو الى الحملة الايمانية؟ وما نحن فاعلوه هو جزء من هذه الحملة، وبماذا تفسرونه انتم؟” يسكت مدير الامن لوهلة مندهشا من صراحته ثم يرد له محييا شجاعته قائلا: “مثلما كنت صريحا معي ساكون كذلك … اود ان اقول لكم  شيئا (وهو يشير الى عمامة الشيخ محمد تقي الحجار) ترى هذه العمامة نحن نعتبرها أخطر من اية قنبلة ذرية”..
 اطلق سراحهم بعد ذلك وعادوا الى المدينة ولم يتراجع من موقفه واستمر البرنامج الذي تعود عليه  ولكن بعدد اقل ممن كانوا يترددون على لقاء الشيخ. ففي احد الايام وتحديدا بعد صلاة العشاء تم تطويق بيوك جامع من قبل قوة من الامن، وعلى الرغم من امتلاء الجامع بالمصلين حينها، فلم يبقى من المصلين سوى الشيخ محمد تقي الحجار والشهيد محمد علي قصاب فضلا عن ولده يوكسل والسيد حسين مهدي نجار، تم في حينه تبليغهم باصدار امر يقضي بمغادرة الشيخ محمد تقي الحجار المدينة خلال مدة زمنية لاتزيد 12 ساعة.
احس الشهيد بخطورة الوضع الذي يعيشه وخوفا على حياة الشيخ تم أخذ قرار الابعاد على محمل الجد، بعد ان تيقن بان الامر هذه المرة لايشبه سابقاته، ومن بيت الشهيد محمد علي قصاب غادر الشيخ محمد تقي الحجار طوزخورماتو في ساعات الفجرالاولى قبل نفاذ المدة التي حددتها دائرة الامن لمغادرة المدينة. يقال بان مدير امن القضاء قد  قال في اليوم نفسه بان حكم الاعدام صدر بحق الشهيد محمد علي قصاب: “ساقوم باعدامه في منطقة الفلكة مع الغترة التي يلف راسها (الجراوية)، والتي هي علامة ترمز الى التركمان”، من الواضح ان  مدير الامن كان ينوي القيام بمكروه ضد الشهيد، يقال ان الخيرين من ابناء المدينة تدخلوا من أجل حل الموضوع ويخص بالذكر ناظم كلايي.
مثلما لدينه فقد كان الشهيد تواقا لخدمة قوميته ولغته التركمانية، اذ بعد سقوط النظام الصدامي مباشرة تجمع الناس لتشكيل جبهة تمثل التركمان في المرحلة القادمة، كان الشهيد من اوائل المساندين لتاسيس الجبهة التركمانية في طوزخورماتو ايمانا منه بان القضية التركمانية في هذه المرحلة بحاجة الى رجال باستطاعتهم تحمل المسؤولية مؤهلين روحا ووجدانا وايمانا وعقيدة. قلص تواجده في الجامع بعد ما استعادت الجوامع عافيتها وحريتها بعد التخلص من القيود التي فرضها النظام الصدامي. لاعتقاده ان العمل من اجل اللغة والقومية تعد جهادا مقدسا في زمن اصبحت المصالح الفئوية والاطماع الخارجية لها سلطة تبغي بها هضم الحقوق، اندمج بكل قوة  في الساحة السياسية قوميا هذه المرة، كان له موعدا مع التناقضات في الساحة دون ان تؤثر عليه التجاذبات السياسية بين الاسلاميين والقوميين كونه يحمل في وجدانه مبادئ، يؤمن بان الوطن والشعب هم تحصيل حاصل من الدين والقومية فلم يفضل احدهما على الاخر بل النضال من اجل تلك المبادئ كان هدفه الاول والاخير. واختير نائب رئيس عشائر واعيان التركمان في طوزخورماتو، ثم اصبح عضو الجبهة التركمانية العراقية فرع صلاح الدين وعمل بكل جد ونشاط  وبطروحات منهجية واقعية بعيدة عن المجاملات.
لم يتهاون الشهيد من تقديم العون للمحتاجين، وحين تطلب الامر جمع التبرعات لمساعدة العوائل ذوي الدخل المحدود فلم يتردد من طرق الابواب وطلب المساعدة من الخيرين اصحاب المحلات التجارية لجمع التبرعات للمحتاجين. محمد علي قصاب كان ينظر الى كل حالة بنظرة واقعية وهذا ما سبب له الإحراج مع البعض في مواقف كثيرة بحكم العادات التي تحد من الحدود في الحديث في الكثير من الحالات.
كان شاعرا كتب بحب الوطن والشعب والعقيدة، انتقد بعض الاطراف والحالات التي تخص الواقع التركماني بشكل خاص، كتب مقالات لم تخلو من النقد البناء والنقد الذاتي تارة اخرى، ارتبط بعلاقات اجتماعية واسعة صغير مع الصغار كبير يحترم الكبار، احب التجمعات الثقافية والدينية والفنية، واخر يومه كان في احدى التجمعات ترك الدنيا مستشهدا بين الاحبة والاصدقاء، تاركا نخيل طوزخورماتو التي ارتبط بها انسانا قبل ان يكون شاعرا او سياسيا، روي الثرا في مقبرة الشهداء القريبة من بيت جده.
ان كنا فقدناه جسدا فمحمد علي قصاب بيننا بقصائده وخويراته وكتاباته واشعاره وباصداءه التي تتواجد في اركان جامع (بيوك جامع)، واشعارة محفورة في ذاكرة الزمن تنتقل من جيل الى اخر، وتواجده الفكري في الساحة السياسية وقاعات الجبهة التركمانية تدوي مسامع اصدقائه ورفاق دربه من القوميين، فانه لم يمت بل ولد من جديد. آمل أن يكون القارئ الكريم قد عرف بعد قراءة هذه السطور لماذا طوزخورماتو مستهدفة، إنها مستهدفة لإنها منبع المبادئ التي وجدت رجال يحملونها بصدق حتى الرمق الأخير.

أحدث المقالات

أحدث المقالات