على مدى اسبوعٍ ونيف شاهدنا عبر التلفزة والسوشيال ميديا حركة مباركة لبعض المحافظات والمناطق , شاحناتٍ تحمل صناديقاً من قناني المياه الى الأخوة البصريين المنكوبين , وقبل أن نشير الى بعض المداخلات الجدلية حول هذه المسألة , فلا بدّ من تسجيل الشكر والتقدير لمؤسسة البرزاني للأغاثة لأرسالها رتلاً من الشاحنات التي تحمل مياه الشرب الى البصرة < مهما حاول البعض بأعتبارها حركة دعائية – سياسية > , وهذا الكلام مرفوض .. فهنالك جماهير تستفيد من هذا الماء هناك على الأقل , والموقف البرزاني جدير بالأشادة والتثمين .
وعلى الرغم من أنّ مدينة الفلوجة التي سبق وكانت مسرحاً لمعاركٍ مع الأمريكان وسواهم , قد حققت السبق وكانت الأولى من المتبرعين لإرسال المياه الى الأخوة البصريين , وتبعتها الرمادي ومنطقة الأعظمية بعض المدن الاخرى < ولم يكتمل العدد بعد لكلّ المحافظات > ونتحدث هنا عن الشعور الوطني والنسيج العراقي الأصيل لا غير , فيتحتّم القول والأشارة بأنّ كافة العراقيين < ذوي الشهرة العربية بالكرم والعطاء > وبكلّ المحافظات والأقضية على استعدادٍ مطلق بتزويد البصرة واغراقها لا بالمياه فحسب بل بكل المتطلبات الحياتية وسواها , لكنّ الآليات الأدارية والقيادية ” الجماهيرية ” لم تحظَ بالفرصة او لم تمتلك هذه القدرة والمواصفات لتحريك الشارع وتفتح أمامه سبل ايصال التبرعات المائية وغير المائية , ولا ندري لماذا نشاط منظمات المجتمع المدني لم تظهر وتيرته بالشكل المطلوب ازاء ذلك .! , كما من المستغرب لِم لمْ تتحرك النقابات والأتحادات المهنية لنقل ما تجود به العوائل العراقية في ارسال المياه وغير المياه الى البصرة .!
ومع كلّ ذلك وغيره وسواه , فعلام صراع السلطة والأحزاب يحول دون قيام الحكومة بإغراق البصرة بصناديق قناني مياه الشرب , وخصوصاً بعد ارتفاع كميات تصدير النفط وارتفاع اسعاره .! وهل هذا نهج الإسلام السياسي بترك الجماهير عطشى !
, ومهما بلغت درجات الإحراج لدى الحكومة وهي ترى تبرعات الجماهير تتدفق نحو البصرة وهي مكتوفة الأيدي والإرادة , فعلى الأقل فبأمكانها اصدار تعليماتٍ لجمع ووضع صناديق الماء في امكنةٍ محددة وارسالها بطائرات الشحن المدنية والعسكرية الى مطار البصرة , ومن هناك يجري توزيعها على الناس .! بدلاً من طول طريق الشاحنات وساعات الوصول .!
لقد كان من الأجدر والأحق تأجيل وتعليق مداخلات تشكيل مجلس النواب لأختيار الحكومة الجديدة , وكان يتوجّب إسكات الأصوات النارية المتبادلة بين الكتل والأحزاب الى غاية الأنتهاء مما تتعرّض له هذه المحافظة الجنوبية من الموت البطيء , فالأنسانية – الوطنية قد ديست بأقدام احزاب السلطة للأسف .!
وايضاً أنّ مياه الشرب المرسلة الى البصرة واقضيتها ونواحيها , فهي قد لا تسدّ % 1 من احتياجاتها , وقد لا تسدّ ما مطلوب لأكثر من يومٍ او يومين في اقصى الحدود .! , ثُمّ على الرغم منْ أنّ مياه الشرب لها الأولوية الصحية العظمى , لكنما تقتضي المقتضيات بإملاء خزانات مياه هذه المحافظة بالمياه النقية والصافية ولكل الأستعمالات الأخرى , وإنّ التحرك والمبادرة بملء هذه الخزانات والأستمرار بذلك , فهو ليس بأكثر صعوبة من معضلة الكهرباء المفتعلة والمنسوبة لأعقد انواع الفساد السياسي والمالي , وهل باتَ صعباً الإستعانة بدول الجوار العربية لإرسال مركباتٍ من المياه النقية لإدامة ملء خزانات المياه .!
ثُمّ ايضاً , وبالرغم من أنّ ازمة الماء في هذه المحافظة تحتل مركز الصدارة , لكنّ معضلاتها الأجتماعية والحقوقية والأدارية تُظهِر وتُعكِس أنّ هذه المحافظة العريقة وكأنها معاقبة ووفق اكثر من زاوية نظر , وَبِبُعدِ نظر .!
لا أحدَ اطلاقاً في وزراء الحكومة ولا في قادة الأحزاب الحاكمة يفكّر او يترآى له لماذا يترك البصريون اعمالهم ومصادر رزقهم المفترضة , وايضا اوضاعهم العائلية ليتمجهرون ويتظاهرون ويحرقون دواليب السيارات , ثمّ يجعلهم ويؤججهم الإحتقان السياسي الساخط لإحتلال مبنى المحافظة وإحراق جزءٍ منه وليس كلّه .! , وفي ذلك رسائل لمن لا يقرأون ولا يفهمون .!