قال أحمد القبانجي، المفكر الاسلامي أن المخابرات الايرانية التي اعتقلته، من بيته في قم، صادرت مكتبته الشخصية التي تضم كتبا ومخطوطات لم ينشرها، مع جهاز لابتوب وأقراص مدمجة.
وكشف القبانجي أن عناصر (الاطلاعات) لم يخبروه بنيتهم الافراج عنه قبل أن يقتادوه الى الحدود العراقية ويكملوا اجراءات اخراجه من ايران. وفي مقابلة موسعة أجرتها “العالم” معه في بغداد، قال القبانجي “اعتقلني عناصر المخابرات الايرانية (الاطلاعات) من بيتي، بعد أن صادروا كل مكتبتي وكذلك أخذوا جهاز الكومبيوتر (اللابتوب) والسيديات والوثائق والأوراق، اضافة لجهاز (الستلايت) والهاتف النقال، ولم يعيدوها حتى الآن”. وأشار الى ان “مخطوطات لم تنشر كانت ضمن ما أخذوه”.
وروى القبانجي “أخذوني الى أحد مقرات المخابرات في قم، وأودعوني في زنزانة انفرادية، وأخذوا يحققون معي بشأن أفكاري، وأنا أيدت اتهاماتهم بأني أنكر ضروريات الدين ونظرية الولي الفقيه، بل كنت أضيف لهم أمورا أخرى أنكرها من تلك التي يعتبرونها من ثوابت الدين”.
ولفت الى “وجود رجل دين الى جانب عناصر المخابرات الثلاثة الذين حققوا معي 3 مرات، وهو من داخل المخابرات، لأنها محكمة خاصة برجال الدين”. وأكد رجل الدين “أخبرت الاطلاعات بأني معترض على ولاية الفقيه لكن ليس في ايران بل في العراق، فأنا حين أتواجد في ايران أحترم القانون الايراني ولا أقوم بأي عمل مناهض، ونشاطي محصور في العراق والدول العربية”.
واشار الى تعرضه لـ”احتقار واهانات، من خلال الاذلال والتخويف، لكنهم لم يكونوا بحاجة الى تعذيبي لأني لم أنكر التهم الموجهة لي بل اني اضفت لهم تهما اضافية. واعتبر أن “السجن الانفرادي بذاته تعذيب”.
وقال القبانجي “لم يسمح لي الاتصال بعائلتي لمدة 20 يوما من الاعتقال، لكن بعد تصاعد الأصوات والأقلام المناهضة لاعتقالي في العراق وخارج العراق، وتدخل منظمة العفو الدولية، شعروا بالخطر وصاروا يتعاملون معي بلين واحترام، وأنا شعرت بتغير في موقفهم، حين سمحوا لعائلتي بأن تزورني في المعتقل”. ورجح أن “التغيير الكبير في الموقف صدر من جهة عليا قد تكون المرشد الأعلى، لأنهم في البداية قالوا ان علي انتظار المحاكمة التي قد تطول، وسيكون الحكم بسجني أهون الأحكام ان لم يتم اعدامي”.
ومضى القبانجي قائلا ان “عناصر المخابرات الايرانية أخبروني بان ثمة من اشتكى علي من العراق، فعرفت أن محمد مهدي الآصفي وراء القضية، لأنه سبق أن قدم طلبا الى القضاء العراقي باعتقالي في 17 من شهر محرم الماضي، لكنه قوبل بالاهمال من القضاء العراقي باعتبار العراق بلدا ديمقراطيا ويسمح بحرية الفكر بعكس ايران، وحين علم بذهابي لايران كرر محاولته وطلب اعتقالي”.
وذكر القبانجي “في الأسبوع الأول من اعتقالي زارني 3 من رجال الدين في السجن واتضح انهم مبعوثون من مديرية الحوزة العلمية، وجادلتهم بشأن ولاية الفقيه، وأفهتمتم بأني غير معني بالنظام الايراني بل اني أحترم قوانينه حتى لو لم أؤمن بها، لكني أعارض ولاية الفقيه على مستوى بلدي العراق وحسب، وكذلك أخبرتهم بأني أعارض كل الأحزاب الاسلامية التي تنادي بالدولة الدينية، فأخبروني بأني أستحق الاعتقال واشاروا الى أن التهم تعني أني مرتد عن الدين من وجهة نظرهم”.
وأفاد القبانجي “كنت أرفض التوقيع على أقوالي في كل مرة يتم فيها التحقيق معي، لأني كنت أخشى أن يضيفوا سطرا واحدا يغير معنى كل أقوالي”.
ونفى ما تناقلته وسائل إعلام في الأيام الماضية عن كونه لم يكن معتقلا، وانه كان محتجزا بمصحة نفسية، متهما مثيري تلك الاتهامات بأنهم “لا يستطيعون مواجهته بالمنطق، وقد رأينا الاتهامات التي وجهوها للسيد فضل الله، والأنبياء سبق ان اتهموا بالجنون والسحر”.
وعبر القبانجي عن اسفه لـ”عدم وجود أي تحرك، من الخارجية العراقية او السفارة في طهران” لاطلاق سراحه. وبين القبانجي أن “المخابرات الايرانية لم يخبروني بأي شيء، قبل اطلاق سراحي، فقد أخرجوني ووضعوني في سيارة استمرت بالسير 12 ساعة حتى وصلنا الحدود العراقية، ولم أكن اعرف الى أين يتجهون بي، حتى وصلنا منطقة مهران الحدودية في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل”. واستطرد “كانت لدي مشاكل في اجراءات الخروج من ايران تتعلق بالاقامة، فجلست انتظر لمدة ساعتين، فيما انشغل رجال المخابرات الايرانية باتمام تأشيرة خروجي، وبعد ذلك اخرجوني وألقوا بي على الحدود العراقية”. واسترسل القبانجي “حين عبرت الحدود كان سائقو سيارات النقل (الكيات) نائمين داخل سياراتهم، فاتجهت نحو سيارة صالون وبقيت واقفا في برد تلك الصحراء لمدة ساعة كاملة، ثم بعد ذلك جاءني صاحب سيارة صالون ودعاني للنوم داخل السيارة حتى يأتي بقية الركاب، فانتظرنا ساعتين حتى جاء المسافرون وانطلقنا”.
وعن أسباب تواجده في ايران أوضح “ذهبت الى ايران لأن فيها زوجتي الايرانية، وأولادي، وانا أمنح لهم الحرية في اختيار المكان الذي يرغبون بالاقامة فيه، وانا أذهب كل مدة لايران لالتقي عائلتي ولأستريح وأمارس التأليف والترجمة لأن مكتبتي هناك ولأني هناك استطيع ان أكتب بشكل أفضل من العراق، لأني هنا أكون مشغولا بالنشاطات واللقاءات وليس لي ان أتفرغ للتأليف، فهناك جو التأليف أفضل”.