18 ديسمبر، 2024 11:49 م

الدين يحارب الحضارة في العراق ومجتمعات الشرق / 3

الدين يحارب الحضارة في العراق ومجتمعات الشرق / 3

أن تزايد معرفة وأقتناع غالبية البشر بكون الأديان ما هي الا نسج من خيال المجتمعات القديمة ، وكذلك تزايد تفهم غالبية البشر للحقوق الاساسية لكل أنسان في العيش الكريم دون تمييز بين أنسان وآخر بسبب الانتماء الطائفي أو الديني أو القومي أو الطبقي ، مع تزايد تفهم ضرورة أمتلاك الانسان لكل حقوقه في حرية الفكر والاعتقاد وحرية التعبير السلمي، وكذا تفهم حقوق الانسان في ممارسة كل متطلبات غريزته الجنسية بحرية طالما لا يجبر الآخرين عليها ، هو الخطوة المهمة الاولى في الطريق الشاق الطويل للوصول الى مرحلة أو ثورة القيمة الصفرية لتأثير العامل المادي في الحياة البشرية.
ننوه هنا الى أن قولنا بأن غالبية البشر باتوا مقتنعين بكون الاديان هي مجرد نسج من الخيال البشري لا يعني ابدا هو توصل هذه الأغلبية الى حقيقة علمية تفيد بعدم وجود خالق للكون ، لأن كشف ومعرفة ما هو كِذْب وأوهام لا علاقة له مطلقا بالحقيقة العلمية المتعلقة بوجود أو عدم وجود خالق لهذه الكون .
لذا فأن قناعة الأغلبية البشرية بأن الأديان ما هي الا وهم بشري لا ينفي ولا يؤكد وجود الخالق ، لكن العقل البشري عموما كان وما يزال يحاول أن يلجأ الى قوة خيالية لها قدرة وطاقة سحرية هي ( الخالق ) لتساعده عندما يعجز عن مقاومة ظروف صعبة أو ضغوطات قاسية سواءا أكانت تلك الظروف أو الضغوطات متأتية من بقية زملائه من البشر أو متأتية من الطبيعة ، كما أن العقل البشري لا يجد وسيلة يواسي بها نفسه أو يصبرها حينما يفكر في مصيره المؤكد في الموت سوى الدعاء الى ( الخالق ) المٌفْترض لكي يُطيل عمره أو أن يُحْسِن التعامل معه بعد الموت ، وكذا فان هذا العقل البشري لا يجد وسيلة يواسي بها نفسه أو يصبرها حينما يرى أن الموت يأخذ منه أعز أهله أو احبته الا وسيلة اللجوء الى ( الخالق ) المُفْترض لكي يرجو منه أن يساعده في محنة فقده لاولئك الاهل والاحبة .
الطريق الثالث :
أن أفتراض أو أعتقاد وجود خالق للحياة وللكون لا يَضرّ الانسان بقدر ما يمنحه قوة نفسية تساعده في مواصلة الحياة بفرح وتفاءل رغم كل صعوبات الحياة والموت المحتوم، بل أن مثل هذا الايمان قد يكون منطقيا في هذه المرحلة من التاريخ البشري حيث لا يمتلك الانسان الكثير والكثير من أسرار وجوده ووجود هذا الكون الواسع ، كما أن مثل هذا الايمان هو أمر شخصي يتبع القناعة والاعتقاد الشخصي لكل أنسان ، ولا يمكن لأي أنسان من فرض هذا الاعتقاد على الآخرين ، ولذلك فلا مضرة أبدا من وجود هذا الأفتراض أو المُعْتَقَد.
هناك البعض من الشرقيين من المجتمعات الاسلامية ممن يعتقد أن وجود حرية الاعتقاد بعدم وجود خالق للكون سيعني انفلات الامور فيما يخص العلاقات بين البشر ، ويعتقد هذا البعض أن توسع مثل هذا الاعتقاد الالحادي سيولد الفوضى والاضطرابات في العلاقات الانسانية والاقتصادية ، حيث سيعتدي القوي على الضعيف وسيحاول كل أنسان الاعتداء على الآخرين بسبب عدم تخوف الانسان من الحساب والمراقبة الألهية ، مما يضطر هذا البعض من الشرقيين الى القبول بواقع كذبة كون القرآن مثلا هو كلام مرسل سريا الى محمد رغم كل الدلائل العلمية والمنطقية التي تنفي كليا كون القرآن كلام من الله ، وكأن هؤلاء المسلمين هم مخيّرين بين طريقين لا ثالث لهما :
أما الالحاد والاعتقاد بعدم وجود خالق ..
أو :
تصديق كذبة الدين الموروث ..
في حين أنه يوجد طريق ثالث الا وهو :
التخلص من وَهَمْ الدين المتوارث اجتماعيا ولكن وبنفس الوقت يمكن البقاء على الاعتقاد بوجود خالق، وهذا ما تؤمن به وتعمل به عمليا نسبة لا بأس بها من المسلمين الشرقيين ، وهؤلاء يضطرون الى السرية بأعتقادهم هذا اما نفاقا او خوفا من محاسبتهم وفقا لقوانين الشريعة الاسلامية والموروث الاجتماعي الديني .
هذا كله من جانب أما من الجانب الآخر فنتساءل :
هل فعلا ان وجود الدين الاسلامي هو الذي يمنع الانسان من الاعتداء او التجاوز على حقوق الآخرين ؟
الاجابة المحايدة هي :
كلا طبعا ، بل بالعكس فان المثقف الشرقي هو الذي يعمل ويكافح حاليا من أجل الغاء القوانين التي تستند الى الشريعة الدينية الاسلامية والتي تنتهك حقوق الانسان الشرقي رجلا كان أم أمرأة ، مسلما كان أم غيرمسلم ، كما أن تجربتنا اليومية الحياتية أثناء معايشة مجتمع شرقي مسلم الديانة لمدة تجاوزت النصف قرن أثبتت لنا أن الدين لم يكن يوما قادرا على منع أي أنسان من أن يقوم بالاعتداء على حقوق الآخرين ، فمِثْلِ هذا الانسان :
أما أن يُنْجِزْ أعتداءه تحت غطاء ديني بعد أن يقوم بتفسير معاني وكلمات الدين بشكل يخدم به نفسه وبقناعة كاملة ، أو أنه يُنْجِزْ أعتداءه سرا لأن أهم ما يَهُمُهْ هو تحقيق مصلحته الذاتية ، والا لكانت الشعوب المسلمة هي أفضل شعوب العالم من ناحية عدم مصادرة حقوق مواطنيها نظرا لانها أكثر شعوب العالم ذكرا لله خوفا وتمجيد له ، وهذا ما لم يحصل ولن يحصل أبدا بل بالعكس تماما فهي أكثر شعوب العالم أنتهاكا لحقوق المواطنين فيها طيلة اربعة عشر قرنا متواصلة ، ولنا هنا ان نتفهم سبب استمرار خلو جميع المجتمعات الاسلامية الشرقية من كافة ذوي الاديان الاخرى منذ ايام تأسيس الاسلام ولحد يومنا هذا ، اضافة الى استمرار فرار كل المثقفين المسلمين من مجتمعاتهم بسبب خوفهم على حياتهم اذا ما هم اعلنوا آراءهم في معارضة الكثير من أحكام الشريعة الدينية الاسلامية المتوارثة .
نقول لا يمكننا تصور بناء مجتمع متطور وذا علاقات صحية بين أفراده أذا كان أفراد هذا المجتمع يتحركون وفق مبدأ ( الخوف ) .
الخوف ربما يَصْلُحْ أستخدامه في تربية ( بعض ) الحيوانات نظرا لعدم وجود لغة وثقافة متينة مشتركة لها مع الانسان، أما الانسان فليس هناك طريق أفضل من أن يُرَبى على تَفَهُم حقوقه وحقوق الآخرين ، ويقوم المجتمع بِسَن القوانين ( التي تتطور دوما ) والتي تُنَظِم هذه الحقوق وعليه يكون ألتزام الانسان بتلك القوانين مبنيا أساسا على تفهم ذلك الانسان لحقوقه وحقوق الآخرين، أما الدليل على صحة كلامنا هذا فيكفي أن نقول بعدم وجود نظام سياسي ديني في التاريخ الانساني أستطاع أن يبني مجتمعا يتمتع بنسبة عالية من متطلبات حقوق الانسان، اما فيما يخص الدين الاسلامي فهو ينفرد دون كل اديان العالم بكونه أسّسَ أسوء وأطول النُظم الدينية والمجتمعية ذات الصفات الارهابية والدكتاتورية منذ اللحظة الاولى لولادته في السعودية ولغاية يومنا هذا .
فيكفي انه يمييز التعامل بين البشر بسبب انتماءاتهم الدينية ليكون نظاما عنصريا ، ومن يدري ربما كانت العراق او سوريا او مصر او السعودية ستصبح واحدة من الدول الكبرى المتطورة لو أن حياة التنوع الفكري والديني والعرقي أستمرت فيها بعد ان كانت موجودة بها فعلا قبل ظهور الاسلام فيها ، بدلا مما هي به الآن من كونها تعيش في وضع من التخلف الفكري والانساني ، حيث يتعرض مواطنيها المساكين الى الارهاب الفكري الاسلامي الى الحد الذي يجعل منها مركزا لاهانة حقوق الانسان وربما منبعا لتصدير الفكر الارهابي والارهابيين الى كل انحاء العالم ، وكذا الحال في معظم الدول الاسلامية دون استثناء وفي مقدمتها العربية منها نظرا لكون مواطنيها اكثر تفهما وقربا للثقافة الاسلامية الاصيلة والمكتوبة جذورها باللغة العربية .
نحن نُرْهب المسلمين وغير المسلمين
أرهاب المسلمين وأرهاب الآخرين هو صفة دائمة تُميّز الديانة الاسلامية عن كل ديانات العالم ، فالمسلم في الشريعة الاسلامية مهدد بالقتل اذا ما ترك دينه ، كما انه مهدد بنار جهنم اذا لم يُصلّي أو اذا لم يدفع المال لرجال الدين الاسلامي ، وها قد مرت أكثر من اربعة عشر قرنا والفقراء المسلمون يزدادون عددا والتخلف الحضاري للانسان المسلم يزداد سوءا وكل ذلك تحت خيمة ورعاية الشريعة الاسلامية .
في الشرق هنالك الكثير من المجتمعات ممن توارثوا أعتناقهم لأديان مختلفة ومتعددة من جيل لآخر ، وهم بالتأكيد أحرار بما توارثوه لكن دون أن يؤثروا بذلك على غيرهم من البشر ، ودون أن يفرضوا أحكام تلك الأديان على الآخرين من البشر ، أي دون أن يحاولوا النيل من حقوق الآخرين في حرية الاعتقاد وفي حق أمتلاك كامل الحقوق الانسانية المتماثلة بين كل البشر دون التمييز بسبب الدين ، وهنا نقول أن لا مَضرّة من هؤلاء الذين توارثوا مثل هذه الأديان المختلفة طالما انهم لا يتدخلون في اعتقاد الآخرين من البشر ، ولو كانت شريعة المسلمين هكذا فلا أحد كان ليتحدث عنهم ولو لمجرد التحدث حسب !!
لكن ، وثم لكن ، هناك مَضَرّة كبيرة جدا على المسلمين انفسهم وعلى كل شعوب الارض من استمرار توارث ثقافة الشريعة الاسلامية ، لأن الاسلام هو الدين الوحيد في تاريخ البشر الذي يَصِرّ وارثوه على أمتلاكهم تخويلا من الله لمحاسبة الآخرين على شكل ونوع ومضمون دياناتهم واعتقاداتهم وايمانهم بالله ، حيث أن أغلب أحكام شريعة الاسلام مبنية على أسس التمييز الديني العنصري بين سكان الارض ، ويكفي اخيرا ان نتذكر ان الصلاة اليومية التي يرددها كل مسلم يوميا فيها ما يكفي من السب والشتم والانتقاص واللعن والتمييز والتهديد والوعيد لكل بشر الارض الآخرين ممن لا يؤمنون بالله او بمحمد !! وسنوضح ذلك بالتفصيل في مقالات مقبلة .
وبعدها يأتي من يقول متساءلا :
لماذا نحن متخلفون دوما دون شعوب الارض ؟!
او :
لماذا ينتقد الآخرون ديننا الحنيف دوما ؟!
نكمل معنا في مقال مقبل ..