حتى وقت قريب، كانت الأسرة والبيت، هما المصدر الأساسي في تربية وتنشئة الجيل، وغرس القيم الدينية، والأخلاقية، والاجتماعية، في نفوس الناشئة، بالإضافة إلى المحيط الاجتماعي، الذي يُحيط بالجيل في المنزل، وفي الشارع، وفي السوق، والأماكن العامة .
ثم ما لبثت أن جاءت المدرسة، لتكون المصدر الثالث للتغذية، حيث يقضي فيها الطالب جل وقته،ويتزود منها بالمعلومات وفق المنهجية المقررة، بالإضافة إلى ما يقتبسه بالاحتكاك المباشر، من سلوكيات، من معلميه، وزملائه.
ومع تسارع معطيات التطور، وحلول ثورة الإتصال والمعلوماتية، كأحد أهم إنجازات العصرنة، فقد لعبت وسائل الإعلام، المرئية منها، والمسموعة، والمقروءة، دوراً مؤثراً، فى تغذية الجيل، بانماط شتى من المعارف، والثقافات.
وبدخول الشبكة العنكبوتية للمعلومات (الإنترنت) في الاستخدام، فقد صار مصدر التغذية مفتوحاً أمام الجيل، بكل فئاته العمرية، في كل الاتجاهات، وبدون قيود. وبذلك تعددت مصادر التغذية، وتشعبت وسائلها، وتنوعت معطياتها.
ومن هنا فقد بات الجيل يواجه تحديات معقدة في التلقي، والتزود بمعطيات التثقيف، والتربية، والتعلم،تصل إلى حد التناقض أحياناً، وبالشكل الذي بات يؤثر سلباً في سلوك الجيل، ويفضي به إلى الضياع، واللامبالاة، والتمرد.
ولذلك يتطلب الأمر من الاسرة، والمدرسة، والكتاب، والمفكرين، والدعاة، وأعمدة القوم، وكل من يعنيهم امر التربية، والتعليم، الإنتباه إلى ضرورة التعامل مع الجيل الجديد، بعقلانية تامة، واستيعاب شامل لمعطيات التطور، وبالشكل الذي يهذب تعامل الجيل مع مصادر التغذية، بوعي مستنير، يمكنه من الانتفاع من كل ماهو إيجابي من معطياتها، وطرح كل ما هو سلبي منها جانباً.
وبذلك نضمن الحفاظ على إعداد جيل متوازن الوعي، وقادرا على التواصل مع روح بيئته، ومرتبطا بجذور اصالته، ومتفاعلا بإيجابية، في نفس الوقت، مع معطيات عصره.