عندما كنت أعيش في كنف والدي و أطالبه في بعض الاحيان بشيء يتجاوز استحقاقي و يتعدى حدود مقدرته المادية كان يفرش ردائه و يجر اطراف ثوبه أمامي و يقول لي العبارة السحرية التي تخرسني (( هذا شليلي …)) مالذي قدمته أنت لتطالبني ؟؟
فأذعنُ للأمر الواقع لأني فعلاً لم أقدم شيئاً فكيف أطالب بما يزيد عن أستحقاقي رغم أنه كان يجهد نفسه في توفير ما يستطيع فقد كان أباً يحب أبنائه و يحاول ان لا يقصر في توفير ما يتناسب و إمكاناته المادية ,
ألتصقت هذه العبارة في ذاكرتي و كانت تعاود الظهور أمامي كلما شاهدت شخص يطالب بما لا يستحق و هاهي تعاود الظهور أمامي و أنا اتابع صور المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات و لافتاتهم التي ملأت كل أعمدة الكهرباء و سطوح المباني و حتى جداريات الدعاية لمنتجات الالبان و الصناعات الاخرى لا بل حتى جذوع النخيل و الصبات الكونكريتية و بات رأسي يشعر بالدوار و انا اتابع كل هذه الصور التي خرجت علينا فجأة لأسماء و أشخاص – قديمة و جديدة – ما لفت انتباهي و انتباه الناخبين (الذين صارت في ملعبهم كرة تحديد من سيكون في كابينة مجلس المحافظة القادم ) إن بعض المرشحين يرفعون شعار التغيير والتبديل و التجديد .. الذي يجب ان يكون حاضراً في ذهن الناخب و طريقاً لمعالجة الاخطاء و المصائب التي جرت على رؤوسنا في الدورة السابقة و بما أننا جربناهم أربع سنوات عجاف فكيف يكون التغيير بإعادة انتخابهم ؟ و الا سنكون خارج نطاق التغطية !! فهل قدموا للمحافظة ما يستحقون به إرجاعهم لكراسي مجلس المحافظة مكرمين معززين منتفخين ؟ ربما بعضهم بذل غاية جهده لخدمة المواطنين و لكن بصورة عامة كربلاء تستحق الافضل و لسان حال المواطنين كحال أبي (رحمه الله ) و هم يفترشون ثوب كربلاء الذي ينطق صارخاً ( هذا شليلي … أيها المرشحون السابقون ..) ماذا قدمتم لنا لتطالبونا بأعادة انتخابكم ؟؟ هل تغيرت المحافظة كثيرا عنها قبل أربع سنوات ؟ أكيد ان هناك تغيير طفيف لذر الرماد في العيون و لكنه ليس بما يطمح له ابناء هذه المحافظة و ليس مناسباً مع وعودكم و تعهداتكم التي تشهد بها مضايف العشائر و ساحات الدعاية الانتخابية
و طبعاً هذا لا يعني انتخاب اي شخص كان لمجرد التغيير فالتغيير يجب أن يكون للأفضل و لمن يحمل صفات الاخلاص و الاستعداد لبذل جهده و وقته و كل ما يملك في سبيل هولاء الناس لا من يسعى للعضوية لتحقيق مكاسب مادية أو وجاهية و هو في هذه الايام (يتمسكن) ليتمكن و بعدها لا نعرفه و لا يعرفنا و تعود حليمة لعادتها القديمة , فلنستشعر مسؤوليتنا ليوم واحد يحدد فيه من سيرسم لنا خارطة تطور المحافظة لأنه بعدها سيكون لومنا و سبنا للزمن مجرد لغو لا فائدة منه ..
أننا بأجمعنا لنا ولاءات و أنتماءات و ميول حزبية أو عشائرية أو مناطقية تؤثر بشكل ما على خيارنا و لكن يبقى يوم الانتخاب ( يدك و ضميرك ) فقط فالناخب اليوم ثلاث إما عالم بمسؤوليته … أو جاهل بها …. أو من (جماعة شعلية ) الذين أتخذوا موقف عدم الاشتراك في الانتخابات كحل وحيد و لكنه في الحقيقة سيساعد في صعود الفاسدين او بقائهم لانهم حشدوا انصارهم لواقعة الانتخابات …
فاذا وصلنا الى مستوى نغلب فيه المصلحة العامة على المصلحة الشخصية عندها نكون نسير على الطريق الصحيح و السليم
فكل منا فاتح شليله و ينظر من قدم له و من لم يقدم الا لنفسه و حاشيته و سيبقى الشليل مفتوح ما دام هناك انتخابات و ما دام هناك مرشحين و مادام هناك وعود و دمتم سالمين .