بعد اعترافات نائبيه .. هل يسير “ترامب” على طريق الخروج من البيت الأبيض ؟

بعد اعترافات نائبيه .. هل يسير “ترامب” على طريق الخروج من البيت الأبيض ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تتحدث الصحافة الأميركية، بل يكاد شغلها الشاغل، إمكانية عزل الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، قبل إنتهاء فترته الرئاسية بعد إدانة مدير حملته الانتخابية السابق، “بول مانافورت”، بالإحتيال، واعتراف محاميه الشخصي السابق، “مايكل كوهين”، بخرق قوانين تمويل الحملات الانتخابي، لتصب في صالح المحقق الخاص، “روبرت مولر”، الذي يتعرض لضغوط سياسية لكي ينهي التحقيق حول التدخل الروسي في سير الحملة الانتخابية، المستمر منذ 15 شهرًا.

وأدانت هيئة المحلفين بمحكمة “الإسكندرية” بولاية “فرغينيا” الأميركية، “مانافورت” بارتكاب ثمانية جرائم مالية، فيما اتفق محاميه السابق، “مايكل كوهين”، مع الإدعاء العام في مقاطعة “نيويورك الجنوبية”، على الاعتراف بارتكابه لثمانية جرائم مالية، مقابل التخفيف عنه.

“كوهين”، الذي كان أحد أبرز المحامين “المخلصين” لترامب، توصل إلى اتفاق مع الإدعاء العام، حسب وكالة (أسوشيتد بريس)، يقر من خلاله بأنه متورط في تهم تشمل الإحتيال في تمويل الحملات الانتخابية، والإحتيال المصرفي والتهرب الضريبي.

وحسب المصدر ذاته، فإن هذا الاتفاق، يرتبط أيضًا بتحويلات مالية لامرأتين، كما أنه لم يتضح ما إذا كانت الصفقة تتطلب تعاون “كوهين” مع التحقيقات التي تجريها “وزارة العدل” حول التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الأميركية الرئاسية السابقة.

تسجيل صوتي دليل على التورط..

وكانت شبكة (سي. إن. إن) قد نشرت نهاية حزيران/يوليو الماضي، تسجيلاً صوتيًا يتحدث فيه الرئيس الأميركي مع محاميه السابق، “مايكل كوهين”، عن أداء تحويل مالي لعارضة سابقة في مجلة (بلاي بوي) تدعى، “كارين ماكدوغل”، تدعي إقامة علاقة جنسية مع “ترامب” سنة 2006.

وليست قضية هذه العارضة هي الوحيدة، بل توجد أيضًا قضية ممثلة الأفلام الإباحية، “ستورمي دانيلز”، التي دفع لها المحامي السابق للرئيس الأميركي، 130 ألف دولار، من أجل شراء صمتها، وعدم الحديث عن علاقة جنسية سابقة جمعت بينهما.

البيت الأبيض يدافع عن “ترامب”..

مقابل ذلك؛ أكد “البيت الأبيض”، على أن الرئيس الأميركي لم يقم بأي شيء خاطيء فيما يخص القضايا التي يحاكم فيها كل من مدير حملته السابق، “بول مانافورت”، ومحاميه السابق، “مايكل كوهين”.

وجاء ذلك في إيجاز صحافي للمتحدثة باسم البيت الأبيض، “سارة ساندرز”، يوم الأربعاء الماضي.

ورفضت “ساندرز” الخوض في تفاصيل القضيتين، وأكتفت بالقول: إن “الرئيس لم يقم بأي شيء خاطيء، ولا توجد أي تهم موجهة له”.

وأضافت: “إذا كان كوهين توصل إلى اتفاق، فيجب ألا يورط الرئيس في ذلك، لأن الرئيس لم يقم بأي شيء خاطيء”.

وتابعت “ساندرز”: إن “قضية مانافورت لا علاقة لها بالرئيس والبيت الأبيض وحملته الانتخابية”.

البيت الأبيض” يركز على تطوير الاقتصاد..

في مقابل ذلك؛ شددت على أن “البيت الأبيض يركز على تطوير الاقتصاد وحماية الحدود وتقوية أمن الأميركيين، وهذا ما قمنا به منذ البداية”، وفق تعبيرها.

وانتقدت المتحدثة ذاتها “الحزب الديمقراطي”؛ وقالت: “الديمقراطيون ليس لهم من شيء سوى مهاجمة الرئيس وقيادته للولايات المتحدة، ونحن سنستمر في العمل على الأشياء التي يحتاجها الأميركيون”.

قلق داخل “الحزب الديمقراطي”..

صحيفة (التايمز)؛ ذكرت أن قادة “الحزب الديمقراطي” قلقون بشأن إثارة قضية “عزل ترامب” قبيل انتخابات التجديد النصفي، المقررة تشرين ثان/نوفمبر المقبل، وسط مخاوف أن يصب الأمر في مصلحة الرئيس الأميركي ويبقى سيطرة “الجمهوريين” على “الكونغرس”.

وأضافت الصحيفة البريطانية، في تقرير على موقعها الإلكتروني، الخميس، أن اعتراف “مايكل كوهين”، المحامي الشخصي لـ”ترامب”، بأن موكله ارتكب إنتهاكات خلال الحملة الانتخابية يجعل الرئيس عرضة لعزل محتمل من قبل مجلس النواب، إذا فاز الديمقراطيون بـ 23 مقعدًا آخر، في تشرين ثان/نوفمبر 2018، وحصلوا على الأغلبية.

واستغل “ترامب” هذه القضية لحشد أنصاره في المظاهرات، ويخشى القادة “الديمقراطيون” من أن يتم تصوير أي تحرك في إطار القتال، مما يصرف الإنتباه عن القضايا التي تؤثر على الوظائف والأسر.

ترامب” يحذر من إنهيار أسواق المال..

وحذر “ترامب” من أن أسواق المال “ستنهار”؛ في حال إطلاق إجراء لعزله من رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، وأعلن في مقابلة مع شبكة (فوكس) الإخبارية؛ أن الأموال “لم تُدفع من صندوق الحملة، أنا دفعتها، وكتبت تغريدة بشأن ذلك”، مضيفًا: “ليست انتهاكًا للحملة”.

وتساءل “ترامب”، في مقابلته التليفزيونية: “لا أعرف كيف يمكن أن تُسحب الثقة ممن أنجز عملاً عظيمًا ؟!”.

وأضاف: “دعني أخبرك بماذا سيجري لو أنني تعرضت لسحب ثقة، أعتقد أن السوق ستنهار وسيصبح الجميع فقراء جدًا”.

ولفت مشيرًا إلى رأسه: “لأنه من دون هذا التفكير، سترى أن الأرقام المذهلة، (التي تحققت)، تنخفض في إتجاه معاكس”.

ترامب” يدافع عن نفسه..

وفي تغريدات متتالية؛ علق “ترامب” على هذه الأحداث، اعتبر فيها أن محاميه السابق، “كوهين”، لجأ لـ “إختلاق قصص” بهدف الحصول على صفقة لتخفيف التهم الموجهة إليه، فيما أشاد، “ترامب”، بمدير حملته السابق، “مانافورت”، الذي لم يتعاون مع المحققين الفيدراليين، ووصفه بـ”الرجل الشجاع جدًا”.

كما قلل “ترامب” من أهمية التهم الموجهة لـ”كوهين” بانتهاك قانون التمويل الانتخابي، واعتبر أنها “ليست جرائم”، كما كرر أن التحقيق الذي يقوده المدعي الخاص، “روبرت مولر”، حول تدخل “روسيا” في حملة الانتخابات الأميركية ليس سوى “مطاردة ساحرات”، وفق قوله.

وعلى الرغم من أهمية التطورات القضائية الأخيرة والاهتمام البالغ بها في أروقة “الكونغرس”، فإن تأثيرها الفعلي على رئاسة “ترامب” يبقى محدودًا حتى الآن، كما أن احتمال إقناع المشرعين بعزله غير متوقع.

و سيتغير ذلك إن كشف “كوهين”، الذي عبر عن إستعداده للتعاون مع تحقيق “مولر”، عن حقائق جديدة وقابلة للتحقق حول تواطؤ محتمل لحملة الرئيس مع “روسيا”.

لن يضع حدًا للاتهامات الموجهة إليه..

“غاكوب باراكيلاس”، نائب مدير برنامج الولايات المتحدة والقارة الأميركية في معهد “تشاتهام هاوس”،  أوضح: أن “إدانة مانافورت، وهو أبرز مسؤول في حملة ترامب الانتخابية توجّه له تهم، (إلى جانب مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين)، واعتراف كوهين في الوقت ذاته يشكلان تطورًا مهمًا لأنهما صدرا عن محكمتين مختلفتين. ذلك أن مانافورت يمثل أمام محكمة في الدائرة الشرقية لفرغينيا، في إطار التحقيق الذي يقوده روبرت مولر، فيما تعدّ محاكمة كوهين منفصلة عن هذا التحقيق بعد أن أحال مولر القضية إلى سلطات مكتب التحقيق الفيدرالي في مانهاتن”.

معتبرًا، “باراكيلاس”، أنه “نظرًا لطبيعة القضايا المختلفة المرفوعة ضد مولر وكوهين وغيرهما، فإن تدخل الرئيس لإنهاء تحقيق المحقق الخاص لن يضع حدًا للاتهامات الموجهة إليه. فهو يحتاج إلى إغلاق وزارة العدل بالكامل لتحقيق ذلك، وهو أمر محال”.

طريقتين لعزل “ترامب”..

ويرى “باراكيلاس” أن هناك طريقتين فقط لعزل الرئيس، وفرص نجاح كلتيهما متدنية للغاية. الأولى تمر عبر إطلاق عملية عزل الرئيس في “الكونغرس” الأميركي، وهو ما لم يلق صدى كبيرًا بين “الديمقراطيين” حتى الآن، فيما يرفض “الجمهوريون” الفكرة تمامًا في الوقت الراهن. وفي حال نجح “الديمقراطيون” في إستعادة مجلس النواب، بعد الانتخابات النصفية في تشرين ثان/نوفمبر 2018، وبرزت قضايا جديدة تورّط الرئيس، قد يرضخ “الديمقراطيون” للضغوط السياسية ويطلقون إجراءات العزل التي تتطلب المصادقة عليها موافقة غالبية النواب، أي (50 + 1). بعد المصادقة عليها، يمر مشروع قرار العزل إلى مجلس الشيوخ، حيث تتطلب المصادقة غالبية الثلثين، وهو ما يستبعد حصوله حتى إن نجح “الديمقراطيون” في السيطرة على المجلس بعد التجديد النصفي، إذ إنهم سيحتاجون إلى 17 سيناتورًا جمهوريًا على الأقل.

موضحًا أن هذا النوع من الإجراءات وشعبيتها يعتمد، إلى حد كبير، على الجو السياسي الطاغي في البلد. وذكّر بالفرق بين إجراءات عزل الرئيسين “نيكسون وكلينتون”.

حيث أنه في حال الأول؛ قرر “نيكسون” الانسحاب لإدراكه انقلاب غالبية نواب حزبه ضده، أما “كلينتون” فقرر مواجهة “الكونغرس” ونجح في ذلك “عزله مجلس النواب، لكن مجلس الشيوخ رفض عزله”.

أما الطريقة الثانية لعزل “ترامب”؛ فهي عبر تفعيل التعديل الـ 25 في الدستور الأميركي، أي توجيه تهم جنائية للرئيس خلال ولايته، وهو سيناريو مستبعد ولا سوابق تاريخية له.

سابقة تاريخية..

من جانبه؛ رأى كبير الباحثين في معهد دول الخليج العربي في واشنطن، “حسين إبيش”، أن “اعتراف كوهين بانتهاك قانون تمويل الحملات الانتخابية تنفيذًا لتوجيهات ترامب، وبالتالي دخوله السجن يشكّل سابقة تاريخية، إذ لم يسبق أن سُجن مساعد للرئيس لارتكابه جريمة متعلقة مباشرة بالرئاسة”.

ويتفق “إبيش” مع الطريقة الثانية لعزل “ترامب”، ويرى أنه في حال سيطر “الديمقراطيون” على مجلس النواب، في تشرين ثان/نوفمبر القادم، فإنهم سيبدؤون إجراءات العزل. لكنه اعتبر أن ولاء المشرعين “الجمهوريين” في “الكونغرس” لـ”ترامب” قوي وأنهم “ملتزمون تمامًا للرئيس، ولن تنجح أي اتهامات جديدة، خاصة إن تعلقت بانتهاك قانون تمويل الحملات الانتخابية، في إقناعهم بالموافقة على عزله من منصبه”.

في المقابل؛ اعتبر “إبيش”، أن هذه الاتهامات، إن لم تنجح في التأثير على “ترامب” وهو في منصبه، فإنها ستؤثر بكل تأكيد على فرص ترشحه لولاية ثانية. لكنه استدرك بالقول: إن “ترامب سياسي غير مسبوق، ولا تنطبق عليه معظم القواعد. كان انتخابه للمرة الأولى خارقًا للعادة، وعانى من عدد قياسي من الفضائح السياسية التي كانت ستقضي على مسيرة معظم السياسيين”. وأضاف أنه في حالة “ترامب”، لا يمكن استبعاد أي شيء، فقد يتجاوز الرئيس الأميركي هذه الأزمة وينتخب لولاية ثانية.

وفي حال لم ينتخب “ترامب” لولاية ثانية، فإنه قد يجد نفسه أمام متابعة قضائية محتملة، إلا إذا برزت معلومات جديدة أو تمتع بعفو رئاسي من خلفه في “البيت الأبيض”، كما كان الأمر مع “نيكسون”، الذي حظي بعفو من “غيرالد فورد”.

قد يكون نائبه “مايك بنس” بديل جيد..

وفي هذا الإطار؛ لفتت “إيما لاهي”، الباحثة السياسية في جامعة “جورج واشنطن”، إلى أن “الجمهوريين” سيواجهون ردًا عنيفًا من مؤيدي “ترامب”، الأكثر حماسًا، إن قرر بعضهم الإنضمام إلى جهد “الديمقراطيين”.

واعتبرت: أن “دعم الناخبين الجمهوريين على المدى القصير هو بمثابة سياسة تأمين للرئيس ترامب، تسمح له بالحفاظ على قبضته القوية على الرئاسة، إذ إنطبق الشيء نفسه على الرئيس نيكسون، في عام 1973 ومعظم عام 1974، أما إذا ما تآكل الدعم الجمهوري لترمب، كما حصل مع نيكسون قبل استقالته، فإن ناخبي الحزب قد ينظرون إلى نائبه مايك بنس كبديل جيد لإدارة المكتب البيضاوي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة