خاص : كتبت – نشوى الحفني :
رغم تأكيد الحكومة العراقية الدائم على القضاء على تنظيم (داعش) الإرهابي وإنتهاء وجوده بـ”العراق”، أكد المتحدث الرسمي باسم “التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي”، الكولونيل “شون رايان”، أن زعيم تنظيم (داعش) الإرهابي، “أبوبكر البغدادي”، لا يزال متواجدًا، لكنه لا يمتلك أي قدرة قتالية.
معلنًا، “رايان”، الاثنين 20 آب/أغسطس 2018، إن “قواته باقية في العراق بناء على دعوته”، مضيفًا أن “داعش خصم صعب، وإن قلت أعداده كثيرًا”، مؤكدًا على أن “التحالف” سيواصل محاربته، مشيرًا إلى أن الوضع السياسي في العراق صعب حاليًا.
وتابع: إن “التحالف يأخذ أي تهديدات على محمل الجد، لكن هدفه هو محاربة (داعش)”، لافتًا إلى أن “القوات الكُردية” تابعة للقوات العراقية، وأن “التحالف” يتعامل معهم عبر الحكومة المركزية.
يوجد 20 إلى 30 ألف داعشي في سوريا والعراق..
وفي نفس التوقيت؛ ذكر تقرير صادر عن “الأمم المتحدة”، أن تنظيم “الدولة الإسلامية”، (داعش)، ما زال لديه ما يتراوح بين 20 ألف و30 ألف مقاتل في “سوريا” و”العراق”، على الرغم من التقدم العسكري الذي تحقق ضد ذلك التنظيم. غير أن تدفق المسلحين الأجانب على “سوريا” و”العراق” يتراجع و”أضعف مما كان متوقعًا”، حسب التقرير.
وقال التقرير إن المسلحين منقسمون بالتساوي بين الدولتين، ويشملون “مكونًا مهمًا” من المقاتلين الأجانب.
كما يوجد بين 3000 و4000 آلاف مقاتل تابعين لـ (داعش) في “ليبيا”، ولا يزال العديد من القادة الرئيسيين للتنظيم ينتقلون إلى “أفغانستان”، حيث يضم التنظيم هناك ما بين 3500 و4000 مقاتل ويزيدون، وفقًا للتقرير. ولدى التنظيم أيضًا دعم في جنوب شرق آسيا وغرب إفريقيا.
واحتل (داعش) أجزاء كبيرة من “العراق” و”سوريا”، في 2014، واستولى على ثاني أكبر مدينة في العراق، “الموصل”، قبل أن تصبح معقلاً التنظيم في البلاد.
ووفقًا لتقرير “الأمم المتحدة”، فقد غادر عدد أقل من المتوقع من المقاتلين الأجانب، “العراق” و”سوريا”، في أعقاب الهزائم العسكرية، مع انتشار العديد منهم بين السكان المحليين، أو الذهاب إلى البلدان المجاورة.
التنظيم عاد بسرعة..
صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية؛ قالت إنه وعلى الرغم من إعلان رئيس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي”، النصر على تنظيم (داعش) في الأراضي العراقية بالكامل، فإن التنظيم عاد بسرعة كبيرة، وبدأ بعمليات خطف واغتيالات وتفجيرات، ما أثار المخاوف من بدء دورة جديدة من العنف والتدمير.
وأوضحت الصحيفة أن الهجمات الصغيرة النطاق تتم غالبًا في مناطق نائية تم إهمالها من قِبل الحكومة، وتعيد إلى الأذهان جانبًا من التكتيكات التي كان يمارسها التنظيم قبل ظهوره القوي والكبير في عام 2014، عندما استولى على العديد من المدن العراقية والسورية.
وكان “العبادي” قد أعلن النصر النهائي على تنظيم (داعش) بالعراق، في كانون أول/ديسمبر الماضي، وفي قمة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، ونظيره الروسي، “فلاديمير بوتين”، بـ”هلسنكي”، والتي عُقدت قبل أيام، قال “ترامب” إن المعركة على تنظيم (داعش) أُنجزت بنسبة 98 – 99%.
موجة عنف داعشي تزعج العراقيين..
ودفعت موجة العنف الأخيرة، التي ضربت مناطق تمتد عبر “ديالى وكركوك وصلاح الدين” شمالي العراق، العراقيين إلى التساؤل عما إذا كان فعلاً قد تم النصر على تنظيم (داعش)، فخلال الشهرين الماضيين اختُطف عشرات الأشخاص، بينهم عدد من المسؤولين المحليين وشيوخ القبائل وزعماء قرويون، وقُتلوا من قِبل مقاتلين ينتمون إلى التنظيم، كما تعرضت بنى تحتيةٌ – مثل خطوط نقل الكهرباء والنفط – للتفجير، وقام مقاتلون تابعون للتنظيم بالتنكر بزي قوات أمنية ونصبوا كمائن وهمية اختطفوا خلالها مسافرين وصادروا شاحنات.
وشكل الفيديو، الذي انتشر مؤخرًا لعملية قتل عدد من المخطوفين من قِبل التنظيم، صدمة كبيرة للعراقيين، الذين يحاولون تجاوُز آثار الحقبة السوداء التي امتدت عدة سنوات.
يطلقون هجمات مفاجئة وسريعة..
“عماد محمود”، عضو مجلس محافظة “ديالى”، يقول للصحيفة الأميركية: “إن الناس أعتقدوا أن هناك استقرارًا؛ وأن بإمكانهم السفر أينما أرادوا، ثم ظهر هذا الفيديو الذي زرع الرعب في النفوس”، مضيفًا: “(داعش) موجود في الصحراء الفارغة وبين الجبال، ولا تزال لديه خلايا صغيرة، إنهم ليسوا بأعداد كبيرة، ولكنهم يطلقون هجمات مفاجئة وسريعة، ولديهم أشخاص داخل البلدات يساعدونهم”.
الحكومة مقصرة في عملها..
ويرى “هشام الهاشمي”، الخبير في مكافحة الإرهاب، والذي يقدم المشورة للحكومة العراقية: “إن من المحتم أن يحاول (داعش) العودة بعد هزيمته الساحقة، لكنه يعود بسرعة أكبر مما توقعت، إنه عاد وهذا أمر خطير جدًا”.
ملقيًا “الهاشمي” باللوم على الحكومة؛ لأنها فشلت في إيصال المساعدات وإعمار المناطق التي كانت تحت سيطرة (داعش)، موضحًا أنها لم تقم إلا بالقليل من العمل على الجانب الإنساني.
وأضاف: “لقد قامت الحكومة بعمل عسكري جيد، ولكنها في المقابل لم تنفذ أيًا من خططها للإعمار، وهذا يصب في مصلحة (داعش)، وإلى الآن ليس من الواضح ما إذا كانت التظاهرات الشعبية التي اندلعت في جنوبي العراق ستؤثر على عمليات الحكومة العسكرية بالمناطق التي كان ينتشر فيها (داعش)، وخاصة في شمالي العراق، يرافق ذلك عسر في تشكيل الحكومة الجديدة عقب الانتخابات التشريعية التي جرت في الثاني عشر من آيار/مايو الماضي”.
وسبق وأن قال الكولونيل “شون ريان”، المتحدث العسكري الأميركي في بغداد، إن قوات الأمن العراقية اليوم بحال أفضل مما كانت عليه، عام 2014، عندما فرت أمام هجمات مقاتلي التنظيم، ويضيف: “تنظيم (داعش) اليوم يقوم بهجمات صغيرة، لا يملك القدرة على القيام بهجمات واسعة النطاق، لكن المعركة لم تنته”.
وبيَّن “ريان” أن “(داعش) يحاول أن يخوِّف الناس على الرغم من أنه لا يسيطر على الأراضي، كما فعل في عام 2014، لكنه يتمتع بِحرية الحركة عبر امتداد كبير من التضاريس، وخاصة في الليل”.
ينشط في مناطق التهجير..
واتفق معه، “مايكل نايتس”، المحلل العسكري في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والذي ذكر أن التنظيم ينشط حاليًا في مساحات لم يحتلها سوى لفترات وجيزة، غير أنها مناطق تعرضت للتهجير من قِبل الميليشيات الشيعية، ما بين عامي 2014 و2015، ولم تتم إعادة أهلها إليها حتى الآن.
مضيفًا: أن “هذه المناطق، التي تحولت إلى مدن أشباح، توفر بيئة مثالية لحرب العصابات، خاصة أنها محاطة بمناطق جبلية وغابات نخيل مزروعة بكثافة وشبكات قنوات الري غير المناسبة لتوغل القوات العراقية بأسلحتها الثقيلة، وهي كلها عوامل يستغلها التنظيم”.
بقايا المقاتلين الأصليين..
ذكرت صحيفة (واشنطن بوست) أن هناك اعتقادًا بأن مقاتلي التنظيم، الذين يقودون الهجمات اليوم، هم بقايا المقاتلين الأصليين في التنظيم الذين شاركوا في الإستيلاء على مدن عراقية قبل أكثر من أربع سنوات، حيث يقدَّر عددهم بأكثر من 2000 مقاتل، يعملون عبر خلايا صغيرة متناثرة في مناطق شمالي وشمال غربي بغداد.
ويقول “ريناد منصور”، من مؤسسة “تشاتام هاوس” للأبحاث ومقرها “لندن”، في هذا السياق: إن “مقاتلي التنظيم يمضون قدمًا، وسيكون هناك إحباط شديد لدى العراقيين الذين استمعوا للعبادي وهو يلقي خطاب النصر على (داعش)، في حين أن مقاتلي التنظيم يستعدون لدورة تمرُّد جديدة”.