يخترق السيادة العراقية .. “إردوغان” يكرر سيناريو “عفرين” في “سنجار” رغم رفض بغداد !

يخترق السيادة العراقية .. “إردوغان” يكرر سيناريو “عفرين” في “سنجار” رغم رفض بغداد !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في الوقت الذي يؤكد فيه “العراق” رفضه التام للعمليات العسكرية التركية في قضاء “سنجار”، يستمر الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، في عناده، معلنًا، السبت 18 آب/أغسطس 2018، عزمه توسيع عملياته على الحدود السورية، مؤكدًا على أنه سيطبق ما جرى في “عفرين”، و”جرابلس”، و”الباب”، على طول الحدود التركية.

قائلاً “إردوغان”، في مؤتمر لحزب “العدالة والتنمية” الحاكم في أنقرة: “سنوسع العمليات التي بدأناها لتوفير أمن حدودنا، وسنقضي على التهديدات الموجهة لنا من سوريا من جذورها”، مبينًا: “سنطبق ما فعلناه في جرابلس والباب وعفرين على طول حدودنا بدءًا من سروج وحتى جزرة”.

إدانة شديدة اللهجة..

وكانت ‏وزارة الخارجية العراقية، قد أدانت الضربات الجوية التركية على مناطق “سنجار”، ضمن محور السكان المدنيين.

وقالت الوزارة؛ في بيان: “في الوقت الذي ترفض فيه الوزارة هذه الهجمات؛ فإنها تنفي نفيًا قاطعًا وجود أي تنسيق بين بغداد وأنقرة بهذا الصدد، وتجدد الوزارة دعوتها، تركيا، لمغادرة قواتها للأراضي العراقية التي تتواجد فيها بمنطقة بعشيقة، باعتبار تواجدها مخالفًا للاتفاقيات الدولية ومبدأ احترام السيادة المتبادل”.

وتابع البيان، أن “عمق العلاقات والتعاون المنشود بين العراق والجارة تركيا، يجب أن يستند إلى رؤية موحدة في القضاء على الإرهاب بكافة أشكاله، وبما يحافظ على حياة المدنيين العزل وإبعادهم عن مناطق التوتر”.

وقصفت مقاتلات تركية، الأربعاء الماضي، عدة مناطق في “سنجار”.

وقال قائد قوات “البيشمركة” في سنجار، “قاسم ششو”، إن وحدات مقاومة “سنجار”، التي تم استهدافها كانت في طريق العودة من قرية (كوجو) إلى منطقة سكنية واقعة غربي “جبل سنجار”. حسبما ذكر موقع (رووداو) الكُردي.

ناقض ما اتفق عليه الطرفان..

وناقض بيان “وزارة الخارجية” العراقية الاتفاقات، التي تمت في الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي” إلى تركيا، وأعلن في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أن “مجلس الأمن الوطني العراقي”، خلال اجتماعه الأخير، وضع خطة للسيطرة على الحدود “العراقية-التركية” لمنع أي اعتداء تنطلق من الأراضي العراقية بإتجاه تركيا.

تدخل عسكري شمال العراق..

وكان “إردوغان”، قد تعهد في، تموز/يوليو الماضي، بمواصلة العمليات الأمنية على طول الحدود التركية حتى يتم إزالة التهديدات الأمنية بشكل كامل.

ودأبت “تركيا” على التدخّل العسكري بشكل محدود في مناطق الشمال العراقي لمطاردة وضرب مسلّحي “حزب العمّال الكردستاني”، الذي تصنّفه “أنقرة” تنظيمًا إرهابيًا، ويلوذ عدد من مقاتليه بالمناطق العراقية ذات التضاريس الوعرة للإحتماء من الضربات التركية.

وأنشأت “أنقرة” قاعدة في منطقة “بعشيقة”، شمالي “الموصل”، وتتحدّث أرقام غير رسمية عن وجود 600 جندي تركي داخلها.

وأحاط الغموض بظروف إنشاء تلك القاعدة التي يبدو من شبه المؤكّد أنها أقيمت بعلم سلطات “إقليم كردستان العراق”، الذي يدير كيانًا أقرب إلى الحكم الذاتي بشمال العراق، لكن علم حكومة “بغداد” بها بشكل مسبق يظل موضع جدل واتهام بعض الخصوم السياسيين لرئيس الوزراء، “حيدر العبادي”، بـ”سماحه سرًّا” لتركيا بإنشائها.

فشل إخراج الجنود الأتراك..

وباءت بالفشل كل الجهود العراقية لإخراج الجنود الأتراك من معسكر “بعشيقة”، وذهبت مختلف التهديدات الصادرة عن حكومة “بغداد” وأحزاب وميليشيات شيعية لأنقرة أدراج الرياح، بينما إزدادت نبرة الحكومة التركية ارتفاعًا في الدفاع عن “شرعية” وجود قواتها داخل الأراضي العراقية.

ولا تسلم علاقة “العراق” مع “تركيا” من مزايدات سياسية على إرتباط بالتنافس “الإيراني-التركي” على النفوذ في “العراق” الذي يمرّ بفترة ضعف شديد وتراجع لدولته على مختلف المستويات.

ويمسك خصوم “حيدر العبادي”، التدخل العسكري التركي في العراق، رغم محدوديته، ورقة  ضغط عليه، حيث يعمل هؤلاء الخصوم على إبراز ذلك التدخل كدليل على ضعف “حكومة بغداد” وتفريطها في سيادة الدولة العراقية على أراضيها.

ورقة ضغط على “العبادي”..

وصنف المراقبون، بيان الخارجية، ضمن هذا السياق، حيث رجّح نائب عراقي سابق أن يكون “البيان إنعكاسًا لعدم رضا الخارجية العراقية، التي يقودها، إبراهيم الجعفري، عن زيارة العبادي في هذا الوقت الحساس لأنقرة دون طهران، ورغبته في أخذ مسافة عن هذا الخيار وعدم المشاركة في تحمّل مسؤوليته”.

وأضاف النائب: “إنّ غارات الطيران التركي على مواقع داخل الأراضي العراقية أمر معهود منذ سنوات ولم ينقطع أبدًا، والاحتجاج عليه في الوقت الحالي لا يمكن أن يكون من دون خلفيات سياسية”.

في التصعيد مبالغة كبيرة..

وحول تصريحات “إردوغان”؛ يقول عضو الهيئة السياسية في الحزب الوطني الكردستاني، “سعدي بيره”: “إن أي تصعيد في العمليات العسكرية في سنجار، التي تطال المدنيين، سيكون فيها مبالغة كبيرة، وأنا أعتقد أن القيادة التركية ذكية وسوف تأخذ بنظر الاعتبار سيادة العراق. فهي تعاني من عقوبات أميركية، وموضوع سنجار بات من المواضيع الدولية التي تتصارع حوله عدة دول؛ ويجب إيجاد حل سياسي له بدلاً من الاستمرار باستخدام القوة التي تسير وفق جدول يومي ويسقط بسببه العديد من المدنيين، وهذا القصف المستمر لم يغير أو يحسم شيئًا، وإنما فقط يتسبب بخسارة للمواطنين، كذلك يستنزف أموالاً طائلة، وجميع ذلك يدفع نحو العنف والإرهاب”.

وأضاف “بيره”: أنه “ليس من مصلحة إقليم كردستان استمرار الحرب، فالإقليم يسعى إلى إعادة إعمار المناطق المتضررة بسبب الحروب، ولا يمكن إعمارها ما دام القصف التركي مستمر. مع العلم أن هذا القصف لا يحل موضوع سنجار أو جبل قنديل أو عفرين أو غيرها، وإنما يتطلب إعادة النظر في العلاقات بين مكونات هذه المناطق التي تضم أطياف مختلفة من عرب وأكراد وتركمان، بدلاً من حل المسائل عن طريق العنف”.

زيارة مجاملة..

وفيما يخص زيارة “العبادي” إلى “أنقرة” ونتائج هذه الزيارة؛ يعلق “بيره” بقوله: “زيارة السيد العبادي إلى تركيا؛ يبدو أنها كانت زيارة مجاملة أكثر منها زيارة لحل المشاكل بين البلدين”.

وأوضح “بيره”: “هناك ضغط اقتصادي كبير على تركيا، لذا فإن أنقرة تحاول فتح ملفات المناطق الكردستانية وممارسة الحرب لغرض لفت أنظار المواطن التركي بعيدًا عن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعانيها تركيا”.

الحل يكمن في فتح الحوار السياسي..

من جانبه؛ يقول الخبير العسكري، الدكتور “عدنان نعمة”، عن موضوع استمرار العمليات العسكرية التركية في شمال العراق: “أعتقد بأن القيادة التركية، ومنذ تسلم إردوغان دفة الحكم، نراه يصر على محاربة حزب العمال الكردستاني، وقد حاول كثيرًا استخدام الأراضي العراقية في حربه، حيث يتركز التنظيم في مناطق كردستان العراق، وتوجد قوات تركيا في تلك المناطق، مع العلم أن القيادة العراقية لا ترغب بوجود هذا الحزب على الأراضي العراقية، وأن يكون مصدر من مصادر الإرهاب، وأرى أن الحل الأفضل للقضاء على ذلك التهديد هو فتح الحوار مع حزب العمال الكردستاني بدلاً من استخدام السلاح، حيث أن فكر الاستقلال مترسخ لدى الأكراد الأتراك، وحتى لدى أكراد العراق، لذلك يجب أن لا تستخدم القيادة التركية القوة المفرطة ضد حزب العمال الكردستاني، كون ذلك سيؤدي إلى استفزاز مشاعر جميع الأكراد في المنطقة ضد الأتراك”.

وتابع “نعمة”: “تعد سنجار حلقة الوصل بين الأراضي التركية والعراقية، وهي منطقة فيها من التضاريس ما يمكن حزب العمال الكردستاني من التخفي وإقامة معسكرات غير منظورة تساعده في القيام بعمليات عسكرية داخل الحدود التركية، وقد حدثت الكثير من الخروقات داخل المدن التركية إنطلاقًا من سنجار”.

وأضاف “نعمة”: “إن الولايات المتحدة لا تفكر بالموضوع العسكري في شمال العراق، ومن المستبعد أن يحدث احتكاك بين الجيشين التركي والأميركي، فالرئيس الأميركي ذو فكر اقتصادي بحت، والنزاع بين الأتراك والأميركان صراع اقتصادي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة