لا ريب أنّ العنوان اعلاه مرفوض فكرياً ونفسياً من الغالبية العظمى من الجمهور , ولربما اكثر منها . كما أنّ اختيار هذا العنوان يعتبر تجاوز وعدوان ” كأنه مسلّح ” على الديمقراطية في رؤى الكثيرين , إنما ودونما تكرارٍ او إعادةٍ ببغاوية للقول بأنّ ديمقراطية الغرب لا تتناسب مع طبيعة المجتمع العراقي او العربي ” بالرغم من أنّ بعضاً من ذلك صائب ” , فالأمر ابعد من ذلك , ونتجاوز هنا أنّ غالبية نواب دورات البرلمان السابقة والى الأخيرة قد اضحوا وتضخّموا بثراءٍ فاحش ينافس الفحشاء ويطرحها ايضاً , وسبق للجمهور أن استمع للنائبة حنان الفتلاوي والنائب مشعان الجبوري عمّا يؤكد ذلك وبتفاصيلٍ أدق , والأنكى انهم اعترفوا بذلك دونما حياء , ولسنا هنا بصدد الإشارة أنّ مجلس النواب وبكافة دوراته قد امسى مصدراً لهدر اموال الدولة بدءا من العلاج الشخصي وعمليات التجميل في الخارج , وكذلك الأيفادات اللامبررة مع ما يصاحبها من مخصصاتٍ مالية , وكذلك مسألة الحمايات ورواتبهم ونفقات المركبات المصفحة وما الى ذلك , ولا نخوض في مسألة المساومات والصفقات المشبوهة التي ازكمت الأنوف من مسافاتٍ بعيدة , والموضوع هنا قابل للسرد والتوسع ومما بات معروفا ومفضوحاً , وخصوصاً عدم وجود كوابح لوقف ذلك للدورة القادمة للمجلس .. والى ذلك وسواه يندهش المواطن العراقي وبغصّةِ أسى كيف أنّ بعض نواب البرلمان هم من خريجي الدراسة الأعدادية , وآخرين غيرهم من خريجي مدارس دينية من هذه الدولة او تلك , ليس لتمثيلهم المواطن وهم بدرجاتٍ ادنى من الكثيرين من الجمهور فحسب , ولا لعدم اهليتهم للأشراف على سياسة الدولة الداخلية والخارجية في مختلف المجالات فقط , وانما ايضاً كيف انفرضوا فرضاً على الشعب العراقي عبر انتخاباتٍ غير نزيهةٍ في كلّ دورات البرلمان , وما حرق صناديق الأقتراع مؤخراً < والتي لا تتجرّأ على فعلها داعش لأفتقادها القدرة على ذلك > , فذلك الحريق لا يشعله إلاّ اصحاب النفوذ والقوة منذ تشكيل ” الجمعية الوطنية ” التي تحولت الى برلمان , والكلمُ مفهوم .
< الخلل بوجود برلمان > يتجاوز كلّ ما ذكرناه اعلاه , وكأنّ شيئاً لم يكن , وكأنّ كلّ نواب المجلس اطهر من الملائكة , وكأنّ البرلمان العراقي ايضاً ارقى من برلمانات بريطانيا وفرنسا وامريكا ودول اوربا , وكلّ ذلك OK ونتقبّله على مضض حتى وبمرض , لكنّ المسألة غدت اضخم واعظم .! وهنا يكمن بيت القصيد .! , فالحشد الشعبي او قيادات الحشد الشعبي وتنظيماته قد صار لها دوراً اكبر ويتجاوز البرلمان في قوة تأثيراته , ولا يمكن لأيٍّ من اعضاء البرلمان من معارضة توجهاته , ولكي نختزل الإسترسال فنشيرُ او نختارُ مثالين حيويين لذلك : –
فقبلَ قرابةِ أقلّ من سنةٍ , ذكرتْ وروّجت وسائل إعلام الى زيارةٍ مقررة او مفترضة للأمير محمد بن سلمان – وليّ العهد السعودي الى العراق < رغم تحفظاتنا على هذا الوليّ الذي كان وليّ وليّ العهد سابقاً ! > وحينها صرّح الناطق الأعلامي لمنظمة بدر المدعو ” كريم النوري ” والذي جرى طرده واستبعاده من المنظمة مؤخراً , حيث اعلن في حينها بأنّ علاقة العراق بالسعودية يقررها الحشد , وذلك التصريح له ما له من دلالاتٍ مفهومة حتى لو لم تكن مهضومة لدى البعض .! , ثُمّ ولأكثر من مرّة ولغاية يوم امس , اعلنت قيادة عصائب اهل الحق معارضتها لتواجد القوات الأمريكية في الأراضي العراقية , وشددت على حكومة العبادي أن تجدول انسحابها وخروجها من العراق , بل وذهبت الى اكثر من ذلك في تصريحاتٍ سابقةٍ لها .
ومن الواضح أنّ لقيادة الحشد دوراً مؤثراً وفعالاً يتجاوز البرلمان ونوابه وحتى وزارة الخارجية والحكومة برمّتها , وإذ يرتبط ويتعلّق ما ذكرناه في السطور السابقة بالسياسة الخارجية للدولة , فمن المنطق أن تغدو للحشد القدرة في تحديد أطر السياسة الداخلية للدولة في مختلف مجالاتها التجارية والأقتصادية وحتى الثقافية , فايَّ دورٍ بقى او يتبقّى لبرلمان الهدر والصرف , والصرف غير الصحّي ايضاً .!