لا يخفى على احد ان سيناريوا الحرب الطائفية في العراق يتم اعداده وطبخه من قبل دول اقليمية لا يمكن لاحد انكار تدخلها في الشأن العراقي لاسباب يمكن اجمالها بانها تنبع من صراع الايديولوجيات الذي يشهده العالم المعاصر والذي يعود في جذوره الى صراع الاديان الذي لم ولن نجد نظام دولي لا يؤمن به خصوصا الصراع الصلبيي الحديث الذي يعود باصوله الى الصراع حول فلسطين المحتلة ابان حكم دولة الايوبيين وما نجم من الماسي التي رافقت تلك الفترة ذلك ان قطبي الصراع في ذلك الوقت هما الاسلام المتمثل بدولة الايوبيين والصليبي المتمثل بتحالف مجموعة من الدول التي تقودها الكنيسية وبعد افول نجم العرب والمسلمين عاد الصراع من جديد ولكن بصورة غير واضحة المعالم لكثير من المفكرين والمحليين الاسلاميين وما الحرب العراقية الايرانية الا دليل على هذا النوع من الصراعات ولكن بايدي المسلمين انفسهم وذلك بعد ان شجعت الدول العربية بايعاز من الولايات المتحدة الامريكية على شن حرب شعواء على نظام لم يمر على وجوده سوى عام واحد وذلك بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران بقيادة روح الله الخميني الذي خشت امريكا وحلافائها من وجوده على اعتبار انه نظام اصولي واتذكر كلمات لرونالد ريغن الرئيس السابق للولايات المتحدة الامريكية ابان عقد الثمانينات يقول فيها (لقد صدقت النبؤآت حيث ان المد الاصولي قادم من الشرق) اذا فالدولة رقم واحد تؤمن بالنبواءات التي وردت في التوراة والانجيل لذلك كان لزاما ان يتم تدمير دولة اسلامية تكن العداء لامريكا وابنتها المدللة اسرائيل . وبعد فشل المخطط الامريكي والهادف الى تقويض الجمهورية الاسلامية واضعاف بابل التي كانت وما زالت رمز للعراق في الفكر اليهودي.
عمدت الولايات المتحدة الى اضعاف العراق من خلال حلفائها في الخليج بعد ان تمرد صدام حسين على حلفاء الامس واظهر العداء تجاه اسرائيل فدفعته الى احتلال الكويت وتهديد السعودية وهما الحليفان الرئيسان لامريكا والاداتين لتنفيذ الاملآءات الامريكية والاسرائيلية كل ذلك من اجل ان يحافظ لعراق على مصالحه وعندها وقع العراق ودول الخليج في الفخ الامريكي باعطاءهم الذريعة في الحصول على موطئ قدم في الخليج العربي بعد ان كان ذلك حلما وهنا لاتفوتني كلمة لهنري كيسنجر مخطط السياسة الخارجية لامريكا (اذا اردت ان تدخل الى مكان ما فدع اهله يطلبون منك ذلك) وللامانة انها بالمعنى لا باللفظ الدقيق وحدثت حرب تحرير الكويت ونصبت القواعد الامريكية ولم تتزحزح منذ ذلك الحين ولولا حدوث ما سمي بالانتفاضة الشعبانية وما رافقها من سقوط (14) محافظة عراقية وانهيار نظام صدام حسين الذي انقذه اتفاق خيمة صفوان بين سطان هاشم وزير الدفاع العراقي في حينها والقائد الامريكي نورمان شوارتسكوف قائد قوات التحالف وما تم الاتفاق عليه لا يعلمه الا الله ومن حضر الاتفاق … عاد صدام الى الامساك بزمام الامور بعد حملات التطهير التي تكتم عليها الاعلام العالمي والتي راح ضحيتها قرابة نصف مليون انسان بين طفل وشاب وكهل ورجل وامرأة ولولا خوف امريكا من قيام نظام حكم اسلامي لقامت الولايات المتحدة بالاجهاز على صدام حسين لكنها ادركت الخطر الذي تمثله هذه الانتفاضة فسارعت بالسماح في الاجهاز عليها بيد الد اعدائها حتى وان كان الثمن ازهاق ارواح مئات الالاف .
ولو امعنا النظر بالسماح باجتثاث هذه الانتفاضة فان ذلك كان نابعا من جانب ايديولوجي تحديدا وبعد مرور اكثر من عقد عادت امريكا لاحتلال العراق في محاولة لايجاد نظام ديمقراطي تكون قادرة على التحكم به حتى وان كان بقيادة الشيعة ولم تصمد مقاومة الجيش العراقي سوى ايام معدودة بسسب عدم لسوء فهم الكثير منهم بان الدفاع هو عن صدام لما عاناه هذا الجيش طوال ثلاث معارك الاولى منهن استمرت ثمان سنوات لينهار النظام بالكامل وتعم الفوضى والسلب والنهب تحت عين الجيش الامريكي والبيت الابيض ونتيجة لتدخل مراجع الشيعة في اختيار طريقة الانتخاب في العر اق فشل مخطط الحاكم المدني للعراق ( بول بريمر ) باختيار من تثق امريكا بولائه لقيادة العراق الجديد وجرت الانتخابات التي رافقها وجود مقاومة شعبية اجهدت امريكا لاسيما بعد فتح الحدود على مصراعيها امام القاعدة واجتذاب قادتها وجنودها للقتال في الساحة العراقية فرمت عصفورين بحجر واحد الاول محاولة اضعاف الشيعة من خلال اساليب القاعدة المعروفة بالذبح والتفخيخ وغيرها من الاساليب القذرة والعصفور الثاني هو استدراج القاعدة لقتلها الا ان ذلك اجبر امريكا في النهاية الى سحب جنودها من العراق وترك العراق في دوامة من صراع الارادات والتي تعود الى اسس فكرية وعقائدية
وقد حاولت القاعدة جاهدة بما تتلقاه من دعم معنوي ولوجستي من مخابرات دول اقليمية لمحاولة تاجيج فتنة طائفية بين مكونات الشعب العراقي التي عاشت متسالمة مئات السنين وبالتالي تنشئ ذريعة جديدة لدى الدول المجاورة بالتدخل العسكري المباشر فالسعودية وبقية دول الخليج ستتدخل لحماية اهل السنة وستتدخل ايران للدفاع عن الشيعة ولتدخل المنطقة في فوضى عارمة وقتل لا يوصف وتم تفجير مرقد الاماميين علي الهادي وابنه الحسن العسكري عليهما السلام فاندلعت شرارة الحرب الطائفية بقوة وازدادمثلث الموت رعبا فذهب الابرياء وقودا لهذه الفتنة ولم ينطفئ اوار هذه الفتنة لولا انتفاضة اهل الانبار وبقية ابناء العراق الغيارى لطرد القاعدة واتباعها فعاد السلام من جديد بفضلهم وبفضل اتخاذ الحكومة قرارا شجاعا تمثل بقتال التنظيمات المسلحة بعد انتفاء الذريعة بوحودها ثم رحلت امريكا ولكن الاجندات الخارجية وادوات تنفيذها من الساسة بقيت تراهن على الحرب الطائفية من اجل استعادة السيطرة نظام الحكم الذي تقوده الشيعة في الوقت الراهن وبسبب قلة خبرة الحكومة التنفيذية وفقدان الثقة بين الاطراف السياسية الموجودة تحت قبة البرلمان ودفع اقليمي لا سيما من تركيا وقطر والسعودية اللواتي ما انفكت تزيد الامور سوءا اندلعت التظاهرات في المنطقة الغربية للمطالبة بحقوق مشروعة واخرى غير مشروعة من الممكن في حال الاصرار عليها ان تندلع افتنة الحمراء من جديد ولكن بقوة لا توصف في هذه المرحلة لانها لن تتوقف ابدا نتيجة للتدخل الدولي الذي سيحدث في حلة اندلاعها .
ان الحكومة العراقية هي حكومة هشة والفساد ينخر في جسد الدولة والصراع السياسي مستمر وكل يعتمد على مموله الاقليمي لذلك تبقى دول الجوار تسعى لحدوث فتنة في العراق مهما كلفها ذلك الامر والسعي لايقاد هذه الفتنة هو بتخطيط يهودي وتنفيذ اسلامي كل ذلك من اجل تدمير بابل قدر المستطاع التي يعتبرها اليهود مصدر الخطر الاساس على وجودها وان (الارمجدون ) وهي الحرب العالمية الكبرى التي ستحدد مصير الكثير من الانظمة الحاكمة بحسب النبوءات التوراتية …. قادمة لا محالة مع الاختلاف بين النبؤات الاسلامية والتوراتية حيث تشير التوراة الى ان (200) مليون مقاتل سيشتركون في هذه المعركة وانها ثورة بين الخير والشر وان الغلبة ستكون لليهود في حين تؤكد المصادر الاسلامية ان هذه المعركة ستكون بين المسلمين واليهود في فلسطين وان الغلبة ستكون للمسلمين وذلك لقوله تعالى في سورة الاسراء ( ان احسنتم احسنتم لانفسكم وان اساتم فلها فاذا جاء وعد الاخرة ليسؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه اول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا) لذلك ينبغي ابعاد الخطر القادم من العراق في حال استقرار اوضاعه السياسية والاقتصادية وقيام حكومة قوية قادرة على اتخاذ القرار الصحيح في مواجهة المخططات اليهودية في المنطقة .
وينبغي على عقلاء القوم الحيلولة دون وقوع اي فتنة بين مكونات هذا الشعب الجريح لانها ستدمر العراق من شماله الى جنوبه وان الرابح الوحيد من الفتن هم اعداء الاسلام وحدهم وان التفكير بعقلية مذهبية لن يخدم العراق والمنطقة فينبغي تعزيز الديمقراطية وتصحيح مسار العملية السياسية من خلال اعادة كتابة الدستور والتصالح السياسي فقط ومد جسور الثقة بين المكونات السياسية وؤاد الفتنة في مهدها .
ملاحظة : قريبا سنتناول معركة الهرمجدون بشكل مفصل في مقال اخر