23 ديسمبر، 2024 10:49 م

فشل العرب…ونجح الأكراد

فشل العرب…ونجح الأكراد

لكل امة من الأمم مزايا وعيوب,وأقبح عيوب العرب الانفعال ,والعصبية القبلية ,وسهولة الاستدراج والاستفزاز, تلعب البيئات والظروف الاجتماعية المتغيرة, أو المسارات الحضارية والتاريخية المتعاقبة عليها دورا مهما في صياغتها وإبراز صفاتها الخاصة والعامة.
لقد أصابت كرة النار التي دحرجها السيد مسعود البرزاني في ملعب العرب(سنة وشيعة) الهدف,فقد أشعلت فتيل الأزمات,وفتحت أبواب الفوضى ,مع إن المشروع العثماني السني قد بدء بالفعل مع شرارة الربيع العربي ,في مواجهة المشروع الشيعي الإيراني( مع الفارق بالطبع بين من قاوم ولازال يقاوم الوجود الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة وبين من يقبلها كل يوم ويتبرك بها),
ولكن تبقى أسرار انضمام الإخوة الكرد إلى هذا المشروع التوسعي المدمر غامضة وغير واضحة..
نجح الإخوة الكرد في مجال تطوير واعمار مناطق إقليم كردستان,لكنها لم تقضي على الفقر والبطالة,بل تحولت إلى مناطق نفوذ حزبية وأحيانا عائلية,والفضل يعود إلى الطريقة الشمولية المغلفة بالإطار الديمقراطي (الشرقي المتمسك حتى ألان بقشور التجارب الديمقراطية العالمية),نجحوا لانهم حصلوا على كل شيء ,ولم يقدموا اي شيئ للاستقرار الوطني….نترك الحديث عن التجربة الكردية فهي تجربة مليئة بالتصورات المتباينة وتحمل الكثير من المشاكل والأزمات وتسير نحو طريق الانفصال؟
فشل العرب(شيعة وسنة)فهم غارقون في الماضي حد الثمالة والقرف
البعض من الاخوة السنة العرب (ومن يقود المظاهرات في المناطق الغربية أو السنية)ينظرون إلى كرسي الحكم من منظارهم التاريخي الخاص(المنظار الصدامي التسلطي-كما قيل عن إن احد قادتهم قال سجادة كنا ندوس عليها -يقصد المكون الشيعي -كيف نقبل ان نتغطى بها),قابعين تحت مظلة هذه الثقافة البدائية أو البدوية المتحجرة,بينما تحول العالم بأسره إلى عالم مفتوح السيادة,وما مشروع نشر الديمقراطية حول  العالم, إلا وسيلة لإخضاعه إلى سلطة المال والتجارة والأعمال,وقد فهمت دول الخليج هذه الرسالة منذ عقود ,ولهذا فهي خالية من تلك العصبيات السياسية التاريخية,ولكل يعلم ويعي إن نتائج تلك المنزلقات الخطيرة جدا كارثية, تحرق الأخضر واليابس,وتحول البلاد إلى لبنان أو صومال أخر…
اما الشيعة :فتقع عليهم مسؤولية تاريخية كبيرة,لأنهم المكون الأكبر,وأصحاب تجربة سياسية عربية جديدة في المنطقة,يحتم عليهم إبراز سياستهم الوطنية المعتدلة ,والتقليل من الهوس الطائفي الشعبي على الأقل في الوقت الحاضر,والعمل على ضرورة إقناع الآخرين بأن مشروع الهلال الشيعي أو السني لايخدم احد, بل يخدم مصالح الدول الإقليمية الكبرى(تركيا وإيران),وان الأزمة السورية بعيدة كل البعد عن مصالحه المستقبلية,التي مثلت نقطة الانطلاق وبداية الإعلان عن الصدام الدولي والإقليمي في المنطقة,وكانت لها تبعات طائفية وسياسية خطيرة على العراق والمنطقة بأسرها
إن أخطاء الحكومة العراقية كبيرة جدا,ولكنها لم تكن في يوم من الأيام أخطاء وعثرات أثنية أو طائفية,بل اشتركت جميع الكتل السياسية في خلقها ,والتسبب بزيادة وتفاقم حدتها,
كل المحافظات العراقية عدا محافظات الإقليم, تعاني من نقص الخدمات وتعثر أو تأخر تنفيذ المشاريع وإتمامها بصورة صحيحة,والشواهد كثيرة وبالأرقام والدلائل,
الفساد الإداري والمالي واضح وضوح الشمس,ونحن في أحيان كثيرة نحمل السيد رئيس الوزراء مسؤولية تلك الإخفاقات,
ولكن من الإنصاف ان نقول إنه لايتحمل المسؤولية الكاملة عن تلك الحالة المزرية,وإنما الجميع تقع عليهم تلك المسؤولية الأخلاقية والوطنية ,بدأ من الموظف البسيط(الذي لايتحمل أحيانا ان يكمل الأربع ساعات الدوام الشبه رسمي بأمانة-من الثامنة أو التاسعة صباحا حتى ساعة الثانية عشر ظهرا تتخلل تلك الساعات لغو الحديث وتناول الإفطار والتدخين الخ.) وعامل البلدية وصولا إلى المدير العام والمحافظ والوزير وحتى رئاسة الوزراء
إن عبارات الشحن الطائفي عبارات مرفوضة من كلا الجانبين(سنة وشيعة),ويجب ان يحاسب أصحاب تلك الخطابات الطائفية محاسبة شديدة,لأنهم يريدون تدمير العملية السياسية برمتها, والعودة إلى النمط الهمجي الشمولي في الحكم,وجر البلاد إلى ساحة الاحتراب والاقتتال الطائفي,وتحويل مسار الأزمات الخارجية إلى أزمات إقليمية طائفية داخلية,
وهذا كله جاء بفعل حقائب الدولارات التي تدفع لهم دون حساب من دول المشروع الامبريالي….
إن حلول الأزمة كثيرة,منها حل البرلمان والحكومة معا,وتحديد موعد قريب لإجراء انتخابات برلمانية جديدة,يمكنها ان تحمل وجوه وشخصيات وكتل برلمانية ,تكون أكثر نزاهة لديها إرادة وطنية ,حريصة على مصلحة شعبها وبلادها..وكذلك العمل على تعديل بعض مواد الدستور,الخ.
وإلا فمشرع التقسيم وبداية عصر حروب الطوائف والقوميات  والحدود والمياه قادمة لامحال…