عندما أتم ولدي الثالثة عشرة من عمره, قررت أن احدثه عن الوطن وما تعنيه هذه الكلمة, و كيف أن للعراق تاريخ زاخر بالعلماء والمفكرين, وبعد حديث طويل استمر لساعة تقريبا, كان فيها لبة فؤادي بين حالتين أما يشعر بالنعاس, أو يتصفح في هاتفه الخلوي, الذي يبلغ ثمنه أكثر من (1000) دولار.
شعر بانزعاجي لعدم الاهتمام من قبله, لذلك بادر على الفور بسؤالي
بابا بماذا نحن نتميز؟ بعبارة أخرى ” بشنو احنة الأول على العالم؟”
تفاجأت بالسؤال, لذلك بادرت فورا بالذهاب إلى زمن الماضي, فقلت نحن نمتلك تاريخ لا تملكه أمريكا ولا غيرها من الدول .
تبسم وبأسلوب استفزازي قال لي لا تحدثني عن زمن مضى قبل كذا ألف سنة, “كأنه يقول بابا انت شگد قديم “, اخبرني أين نحن ألان من العالم؟
اثأر اسلوبه بالكلام حالة الغضب لدي , وفي نفس الوقت شعرت بأنه يتحداني , فقلت العراق الأول على العالم في التمور, والثاني عالميا في احتياطي النفطي.
هذه المرة لم يستطيع أن يخفي ضحكته العالية, التي كنت اشعر بأنها تكاد أن تمزق طبلة إذني.
قال أبي أيضا لم يحالفك الحظ في هذه الإجابة “بابا شوفلك غير سالفة”
إما التمور فبلدي العزيز, سوقه تغرق بالتمور السعودية والإيرانية, وان وجد تمرا عراقيا, فإننا نجده مغطى بالأتربة
أن أتينا إلى النفط والاحتياطي, فأن ليس للعراقيين فضل فيه, أنما هو رزق من الخالق , وكأني برب العالمين (يقول إذا تبقى على الحكومة والشعب العراقي, هذول يموتون جوع )
أسكتني ولم استطع الإجابة, لكنه فاجأني بقوله أبي لا تحزن, فمن حق هذا الجيل أن يفخر بأنه تسيد العالم, فمنذ أكثر من عقد من الزمن وهو في الصدارة, وأتوقع ” بعد ما ينطيهه”
افرحنى كلامه, وقلت له العراق يمرض ولا يموت, اخبرني يا ولدي بماذا نحن نتفوق عن غيرنا؟
قال أبتي, مبروك ومنذ عام 2003 والعراق البلد الأول بدون منازع بالفساد
نظرت أليه, فوجدت عيناه تفيض فرحا بنشوة النصر, لذلك دون ان اعلم بادرت إلى ركله, وقلت له كما قال خالد النفيسي رحمه الله في مسلسل الحيالة ” گم گم لا بارك الله فيك, ولا بالساعة ألي خلتني أتكلم معاك”
نعم تاريخنا يجب أن نفخر به, فالأمة بلا تاريخ, كشجرة من دون جذور, لكن دائما الحاضر أهم وأجمل
لكن متى يكون لنا حاضر نسعد في العيش به, وتاريخ تفخر به أجيالنا القادمة؟
نحن اليوم لا نمتلك انجاز نستطيع أن نحدث أبنائنا عنه, لذلك كلما تعرضنا لحرج السؤال منهم, نهرع للرجوع إلى الوراء ونقول كان أبي, أو نتفاخر بما أعطى الشعب من دماء” موت”, نعم الشهادة شرف, لكنها ليس خيار ابدأ, فقد أوجدنا رب السموات لنعيش ونعمل ونعطي لا لكي نموت فقط, والانسان يستطيع أن يدخل الجنة بعمله واخلاقه وليس بالضرورة أن يقدم دمه.