الإرهاب يضرب “الأردن” من جديد .. من المستفيد ؟

الإرهاب يضرب “الأردن” من جديد .. من المستفيد ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

ضرب الإرهاب “الأردن” من جديد في عمليتين متتاليتين مما ينبيء بوضعه في دائرة الخطر خلال الفترة القادمة، فبدلاً من أن كان مهددًا اقتصاديًا بات مهددًا أمنيًا أيضًا، وأعلنت الشرطة الأردنية أن عبوة ناسفة محلية الصنع انفجرت قرب سيارة (فان) تابعة للشرطة، قبل أن تعلن الحكومة انتهاء عمليّة أمنية ضد خلية إرهابية في مدينة “السلط”.

وفي مؤتمر صحافي، جددت الحكومة الأردنية، الاثنين 13 آب/أغسطس 2018، تأكيدها على أن معركة بلدها “مستمرة ومفتوحة” مع “الإرهاب”، معلنة أن “الخلية التي تم ضبطها”، في أعقاب ما حدث مؤخرًا بمدينتي “الفحيص” و”السلط”، “تعتنق فكر داعش”.

وعقدت الحكومة الأردنية مؤتمرًا صحافيًا لإعلان نتائج ما حدث في أعقاب استهداف دورية مشتركة لقوات الدرك والأمن العام في مدينة “الفحيص”، والمداهمة الأمنية لموقع “الخلية الإرهابية المتورطة” بتدبير الهجوم في مدينة “السلط”.

استنكار لنشر الأخبار الكاذبة..

وفي بداية المؤتمر، استنكرت وزيرة الإعلام والناطقة الرسمية باسم الحكومة الأردنية، “جمانة غنيمات”، دور وسائل إعلامية – لم تذكر هويتها – لنشرها “الأخبار الكاذبة”، مشددة على ضرورة مواجهتها.

كما دعت إلى التصدي لما ذكرته تحت اسم “المعلومات الإنسانية”، ضاربة المثل بـ”نشر أسماء الشهداء وصورهم”، رافضة هذا المسلك، قائلة عنه: “ليس بسبق صحافي”، وذلك في معرض حديثها عن تلك الوسائل الإعلامية.

ورفضت “غنيمات” قيام البعض بـ”البث المباشر” للأحداث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرة أن هذا الأمر “يؤثر على عمل الأجهزة الأمنية، ويساعد الإرهابيين”، مشددة على أن “معركة الأردن مع الإرهاب مفتوحة ومستمرة، وخلية السلط ليست استثناء”.

وتابعت: “نخوض المعركة ضد الإرهاب والإرهابيين الذين لا يؤمنون بالحرية والأخلاق”، مضيفة: “نحن كإعلاميين جزء من معركة التصدي للإرهاب.. معركتنا للإرهاب معركتنا جميعًا.. وعلينا تطوير إستراتيجتنا لمكافحة التطرف”.

مخططات لتنفيذ عمليات إرهابية..

بدوره؛ وجّه وزير الداخلية الأردني، “سمير مبيضين”، الشكر للشعب الأردني لوقوفه بجانب “القيادات الأردنية”، مشددًا على أن “الشعب الأردني يتميز بالوسطية ورافض للإرهاب”.

كما أشاد بجهود رجال القوات المسلحة والأمن العام والدرك و”إنجازهم المهمة في وقت قياسي”.

وقال إن الأجهزة الأمنية أتمت عملها بـ”تنسيق عال المستوى وبحرفية عالية وجمع المعلومات الاستخبارياتية في وقت قياسي”، شارحًا ملابسات ما حدث في مدينة “السلط” الأردنية، ليعلن “استشهاد 4 من رجال القوات المسلحة الأردنية”، بالإضافة إلى إصابة “10 عسكريين”.

وأعلن وزير الداخلية الأردني “مقتل 3 إرهابيين أردنيين، واعتقال عدد من الأشخاص، (لم يحدد عددهم)”، لافتًا إلى أنه “لا تزال التحقيقات قائمة؛ وتبين منها أن هناك مخططات أخرى لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف نقاطًا أمنية وتجمعات شعبية”، دون أن يفصح عن تفاصيل أخرى.

وأكد المدير العام لقوات الدرك، اللواء الركن “حسين الحواتمة”، على أهمية عامل الوقت في العملية الأمنية، كما قال إن الأمن استطاع إنتشال الجثث والسيطرة على الإرهابيين والقبض على 5 منهم.

ليس تنظيم وإنما تكفيريين يحملون الفكر الداعشي..

وأضاف وزير الداخلية الأردني: “الإرهابيون ليسوا تنظيمًا، ولكنهم يحملون الفكر التكفيري ويؤيدون (داعش)”، كاشفًا في نفس الوقت أنه تم “العثور على عبوات ناسفة مدفونة في مدينة السلط، وتم تفجيرها في موقعها لخطورة التعامل معها عن طريق خبراء المفرقعات”.

وقال: إن “الأردن عانى من الإرهاب وقدم الشهداء؛ وشبابنا والشهداء ليسوا أول أو آخر الشهداء”.

كما شدد وزير الداخلية الأردني على أن “محاربة الإرهاب جزء من إستراتيجية الدولة الأردنية، وجزء من عقيدة الدولة الدينية والسياسية، ومحاربة الإرهاب لا عودة عنها، ونحن معنيين بمكافحتها بشتى الوسائل”، معتبرًا ما حدث “لن يزيد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية إلا إصرارًا على محاربة الإرهاب والتطرف”، مضيفًا: أن “الأردن قوي بقيادته وبجيشه وأجهزته الأمنية وبشعبه الأبي القوي المتلاحم”، حسب تعبيره.

الصحف العربية ناقشت ما حدث من عمليات إرهابية بالأردن، ووصف كُتاب ما حدث بأنه من فعل “خوارج محليين”، بينما أكد آخرون على إصرار “الأردن” المضي “في محاربة آفة الإرهاب”.

ضد الفكر الظلامي..

يتساءل “عبدالهادي راجي المجالي”، في (الرأي) الأردنية، “لماذا ؟”..

ويقول: “هذا هو قدرهم في كتيبة المهمات الخاصة، فهم لا يعرفون حين يخرجون في مهمة، هل ستغلق ملفاتهم نهائيًا ؟؛ قدرهم أن يستشهدوا فقط، أن تنسف بهم المباني، وأن يواجهوا الرصاص بصدورهم”.

وتقول (الرأي)، في افتتاحيتها: “ماضون في محاربة آفة الإرهاب؛ ونحن جميعًا ضد الفكر الظلامي”.

وتضيف: “المحاولات البائسة لاختطاف الإسلام والنطق زورًا باسمه واستعداء شعوب العالم عليه، بينما ينهض الأردن.. والملك شخصيًا بمهمة الدفاع عن الإسلام وتبيان حقيقته كدين محبة وسلام …”.

إنذارًا على عودة خلايا الإرهاب للعمل مجددًا..

وتتساءل (القدس العربي) اللندنية، في افتتاحيتها: “الأردن: خوارج محلّيون أم إرهاب عابر للحدود ؟”..

وتقول: “تأتي هذه العملية الأمنية بعد أيام على تصريح رئيس هيئة الأركان المشتركة الأردنية، الفريق محمود فريحات، بأن الأردن مستهدف، وتأكيده على ضرورة استمرار بقاء القوات المسلحة بأعلى درجات الاستعداد واليقظة والحذر، والأغلب أن تصريح قائد الجيش الأردني، يقرأ، كونه موجهًا للقوات المسلحة، على أن الخطر سيأتي من حدود الأردن، وخصوصًا بعد إستيلاء النظام السوري عسكريًا على مجمل الحدود، ولكن الضربة جاءت من داخل الأردن نفسه، ممن سماهم، الملك عبدالله الثاني، بالخوارج والظلاميين والإرهابيين”.

وتضيف: “مجيء هذه العملية بعد سنتين من أحداث قلعة الكرك؛ التي أدّت لمقتل سبعة رجال أمن وسائحة كندية يمكن أن يعتبر إنذارًا على عودة خلايا الإرهاب للعمل مجددًا … داخل الأردن”.

سبعة تحديات تواجه “الأردن”..

يؤكد “شهاب المكالحة”، في (رأي اليوم) اللندنية؛ على أن هناك “سبعة تحديات أساسية تواجه الأردن، والأمن أبرزها”.

ويقول: “لوحظ في الآونة الأخيرة أن الحكومة باتت تُركز في المقام الأول على مسألة الأمن القومي. هذا المصطلح يشير إلى تأمين البلاد من الداخل وحماية حدودها من التهديدات الخارجية لضمان حفاظ الأردنيين على مكتسباتهم. ومع ذلك، تواجه المملكة العديد من التحديات التي تتركز حول مفاهيم مثل الاستقطاب الاجتماعي، والوحدة الوطنية، وتعزيز الولاء ليس للنظام فحسب، بل للوطن كذلك”.

جرس إنذار للأردن..

ويقول “معن البياري”، في (العربي الجديد) اللندنية: “إن القلق مطلوب في الأردن”.

ويضيف: “ليس الأردن في منجاةٍ مما تدبّره خفافيش الإرهاب إيّاه، وليست منسيّةً موقعة الفنادق الثلاثة في   تشرين ثان/نوفمبر 2005 في عمّان، ولا تنمحي من ذاكرة هذا البلد أن (داعش) عندما أقدم على حرق الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، في 2015، أرفق جريمته المروّعة تلك بتهديدٍ ووعيدٍ للأردن ثقيليْن. وبقياس الشاهد على الغائب، ليس اختراعًا للبارود أن يذهب واحدُنا إلى أن حادثتي الفحيص والسلط، المتتاليتين، والموصولتين ببعضهما ربما، موصولتان حتمًا بسوابقهما في البقعة وإربد والكرك.. وهذا باعثٌ على أن يكون القلق في الأردن، وعليه، مطلوبًاً”.

وكذلك يذهب “مشاري الذايدي”، في (الشرق الأوسط) اللندنية، ويقول إن ما حدث بمثابة “جرس إنذار للأردن”.

ويضيف: “الحرب لم تنتهِ مع (داعش)؛ كما لم تنتهِ مع (القاعدة) ومتفرعات هذه الجماعات الإبليسية، لأنها علّة دائمة غير مؤقتة. وحتى كونها مؤقتة لا يعني أننا نسلم لها، ولنفوذها على عقول بعض الأشرار أو الأغرار، بل يعني أن تظل الحرب الفكرية والإعلامية والسياسية والقانونية والأمنية طبعًا، في حالة اشتغال دائم وممتد ومتشعب، بلا كسل أو ركون واهم للنصر”.

الخطر الحقيقي يكمن في الداخل..

ويتفق معهما، “محمد أبورمان”، ويقول في (الغد) الأردنية: “التحدي الحقيقي داخلي، والأحداث التي وقعت من الضروري أن تحفّزنا على عدم الاسترخاء، (سياسيًا وثقافيًا ومجتمعيًا، وكأنّ خطر التطرف انتهى وزال، والمطلوب هو مراجعة شاملة، وتقييم وتقويم لبرامج وخطط مكافحة التطرف والإرهاب، ولمقارباتنا الوقائية والعلاجية”.

الأحداث لها علاقة بتنظيم “داعش”..

يرى خبراء عسكريون ومختصون في التنظيمات الإرهابية أن الأحداث، التي شهدتها المملكة في مدينتي “الفحيص” و”السلط”، مرتبطة بتنظيم (داعش)، سواء فكريًا أو إيديولوجيًا، رافضين فكرة أن تكون هذه العمليات نفذت بواسطة “الذئاب المنفردة”.

أما المحلل السياسي والعسكري، العميد ركن المتقاعد “ناجي الزعبي”، فإعتبر أن الإرهاب جرى استثماره في بلدان مجاورة للأردن، الذي تلقى فيه الإرهابيون عملياتهم، ومنه إديرت عملياتهم من غرفة “موك”.

وأضاف: أنه “كان من المنتظر بعد إجتثاث الجيش العربي السوري لمعظم بؤر الإرهاب أن يقوم هؤلاء الإرهابيون بالعودة إلى الأردن”.

ولفت إلى أن “المشغل لهؤلاء، سواء في سوريا أو الأردن أو العراق أو اليمن، هو واحد”.

ورفض “الزعبي” فكرة أن يكون ما حصل في الأردن من أحداث مفاجئًا، متسائلاً أين كانت الأجهزة الأمنية الأردنية من العمليات الإرهابية التي ضربت الأردن في السنوات الأخيرة، “وهي المشهود لها بالكفاءة”.

وتساءل عن المستفيد من دفع الأردن إلى التفكك والخراب، وتقديمه لقمة سائغة لإسرائيل، وخلق بؤر توتر في جنوب سوريا ليعيد العدوان على سوريا بكيفية وأسلوب جديدين.

يجب إبقاء الأجهزة الأمنية على أعلى درجات اليقظة..

واعتبر المحلل السياسي الأردني، “عريب الرنتاوي”، أن تفجير دورية أمنية في مدينة “الفحيص”، شمالي الأردن، هو حادث يؤكد ضرورة بقاء الشعب الأردني وأجهزة الأمن على أعلى درجات اليقظة من هكذا عمليات تمثل جزءًا من الفاتورة التي يدفعها الأردن في الحرب المفتوحة على الإرهاب.

وقال “الرنتاوي” تعليقًا على حادثة تفجير دورية الأمن أثناء فعاليات مهرجان الفحيص للثقافة” “إذا أردنا أخذ الأردن كمثال لبلد في بؤرة الصراعات في المنطقة وكبلد تحمل تداعيات أكبر الأزمات فيها؛ فإن ما حدث في الأردن خلال السنوات الماضية بكل المقاييس (يمثل) قصة نجاح”.

وأضاف “الرنتاوي”: “صحيح أننا ضربنا في أكثر من مرة، ولكن بالمعنى النسبي نحن نتحدث عن قصة نجاح، بهذا المعنى، ولهذا أنا لست قلقًا في ضوء ما حصل في الفحيص، ولا أعتقد أن هذه العملية تحمل الكثير من الدلالات والمعاني سوى أنها تذكرة لنا بضرورة الإبقاء على اليقظة والانتباه دائمًا على أعلى درجاتها، فنحن كغيرنا مستهدفون بنشاط هذه الجماعات الإرهابية والعمليات الإجرامية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة