منذ التغير الكبير عام 2003 ولهذه الأيام والعراق لم يستقر ولم يهدأ ، والسبب المهم في عدم الإستقرار هذا هو وصول الأغلبية الشيعية الى قيادة البلد والتي عاشت مستضعفة لمئات السنين وتحت حكم الأقلية ،هذا التغير هو الذي دفع الأنظمة العربية ذات البعد الطائفي كالسعودية وقطر في عمل المؤامرات والمخططات من أجل عدم أستقرار الحكم التي تقوده الأغلبية الشيعية ، ولكن هذا من الأسباب المهمة وليس جميعها ، فالأسباب المهمة الأخرى ترجع الى أبناءه أنفسهم فالمكون السني لم يؤمن بالعملية السياسية قط ويريد في كل لحظة تدميرها بأي وسيلة كانت ، لهذا نلاحظه يرتبط بعلاقات مع جميع الدول التي لا تريد الخير للعراق وخصوصاً مثلث الشر المتمثل بقطر والسعودية وتركيا ، وأصبحت مناطق هذا المكون حواضن مثالية للإرهابين الذين يأتون الى العراق من مختلف الدول العربية والإسلامية تحت عنوان الجهاد ونصرت أهل السنة ، ونتيجة للأعمال هؤلاء الإرهابيون السيئة ضد أبناء تلك المنطقة فقد قاتلهم الشرفاء من أبناء عشائر المنطقة الغربية ، وأصبح قادة المكون السني السياسيون عبارة عن دمى بيد قادة مثلث الشر يحركونهم مثل ما يريدون ، لهذا أصبح هؤلاء القادة المعوق الأكبر لأي تقدم في العملية السياسية بل أصبحت وظيفتهم خلق الإزمات التي تهدد العملية السياسية وتشغل السياسين عن عمل أي شيء ينتج عنه فائدة العراق وشعبه ، أما المكون الكردي فهدفه الحقيقي بناء الدولة الكردية وأما الدولة العراقية فهذه وسيلة يمتطيها من أجل تحقيق تلك الغاية ، ولكن في نفس الوقت فأن كردستان العراق يعيش كدولة مستقلة بما للكلمة من معنى ، ولا تستطيع الحكومة المركزية أن تتدخل في شؤونه الداخلية والعكس صحيح ، لهذا فأن الحكومة الكردستانية تحاول بشتى الطرق الحصول على أي مكتسبات من الحكومة المركزية ، ومن أهم العوامل المساعدة على حصول كردستان على هذه المكاسب هو إنشغال الحكومة المركزية بالإزمات والتهديدات الداخلية والخارجية ، مما يعطي الكرد الفرصة الأكبر لكي يضغطوا على بغداد من أجل تحقيق مصالحهم ، أما المكون الشيعي فهو القلب الذ ي توجه له جميع السهام وهو المضحي من أجل دفع سفينة العراق نحو شواطيء الديمقراطية ، ولكن الجميع يريد منه التنازل عن بعض الحقوق وبعضهم يصرح بها علناً يريد من هذا المكون ترك قيادة العراق الى الأقلية السنية ، وقد ساعد هذه الجهات في الضغط على هذا المكون التقاطعات الكثيرة ما بين التنظيمات التي تقود التحالف الوطني والذي يمثل الأغلبية الشيعية ، ولكثرت هذه التقاطعات فيمكن أن نغير أسم التحالف الوطني الى التخالف الوطني نتيجة إلإختلافات ما بين كتل هذا التحالف بل وصل الأمر في تحدي بعضها بعضاً بل ضرب بعضها بعضاً كما هو الحال ما بين التيار الصدري ودولة القانون ، فقد نتج عن هذه المواقف التصويت على الرئاسات الثلاث التي رفضها دولة القانون أو الموقف من الموازنة والتي يؤيد بها التيار الصدري التحالف الكردستاني ، أما المجلس الأعلى فمواقفه فيها ضبابية وغير واضحة مما تعطي إنطباع مقلق لبقية الكتل ، وكذلك فأن دولة القانون يجب أن تعامل هذين الكتلتين بروح أخوية وليس أستعلائية وتستجيب لمطاليبهم وخصوصاً التيار الصدري ، لأن إهمال المطالب وعدم تنفيذ التعهدات التي أخذها على نفسه دولة القانون إتجاه التيار الصدري هو الذي خلق أجواء إنعدام الثقة ومن ثم مواقف التيار الصدري التي تتقاطع مع دولة القانون ، وبسبب هذه المواقف لهذه الكتل الكبيرة التي تقود التحالف الوطني فأن هذا التحالف أصبح ضعيفاً وغير قادر على مجابهة المجاميع الأخرى التي تشاركه في الحكم ، ولهذا فان الوضع الذي يعيشه التحالف الوطني قد جعل الحكومة التي يقودها هذا التحالف ضعيفة وليس عندها القدرة على تطبيق القانون على الكثير ممن يتعدون عليه ، بل وبسبب هذا الوضع جعل الكثير من الصغار والضعاف يتعدى وبشكل وقح على الحكومة أو على الأغلبية الشيعية التي تمثلها هذه الحكومة ، ونتيجة هذه الأجواء التي يعيشها التحالف الوطني والقوى والدوافع التي تحرك قادة المكون السني والغاية الكبرى التي يتطلع لها الكرد ، كل هذه الأسباب جعلت العراق يعيش في دوامة الإزمات وعدم الإستقرار حتى أصبح فريسة لجميع الدول التي تحيط به وخصوصاً مثلث الشر (قطر والسعودية وتركيا) .