دخلت ايران ايامها الاولى في ظل العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على حركتها الاقتصادية اثر انسحاب ايران من الاتفاق النووي بعد ثلاث سنوات أتسمت بالمشاحنات واتهامات بالنقض بين الطرفين.
آخرها توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا من شأنه إعادة فرض حزمة من العقوبات ضد إيران، بعد مرور ثلاثة أشهر على انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي.
ونقل البيان عن الرئيس الأمريكي قوله: “الاتفاق سمح بتدفق النقود إلى الحكومة الإيرانية”، لافتا إلى أن طهران استخدمت تلك النقود في تغذية الصراع بالشرق الأوسط.
وفي مواجهة العقوبات دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني الإيرانيين إلى التوحد، معتبرا عرض الرئيس الأميركي اتفاقا نوويا جديدا على إيران محاولة لشق الصف الإيراني.
رافضا إجراء أي مفاوضات طالما لم تعد واشنطن ملتزمة باتفاق النووي. روحاني قال، بحسب تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا) إن دعوة ترامب للحوار دون شروط مسبقة مع طهران هدفها إما “الاستهلاك المحلي” أو “شن حرب نفسية على الشعب الإيراني”.
ربما التفكير الشاغل لرؤية الحكومة الايرانية هو السيطرة على الوضع الداخلي الذي ربما يصل الى ذروته بعد انخفاض التومان مقابل الدولار .
والهلع الذي سيصيب معدل الدخل للمواطن الايراني مما يؤدي غالبا الى اعمال الشعب والاحتجاجات على السياسة الايرانية.
ترامب على تويتر وصف السبب الذي دفعه لتوقيع العقوبات قائلا: أطلب السلام العالمي، لا أقل من ذلك”! وتعهد الرئيس الأمريكي بحرمان الشركات التي تتعامل مع إيران من التعامل التجاري مع الولايات المتحدة.
العقوبات الاقتصادية حرب دون نار ودخان فهي مهلكة تصيب الافراد لا الحكومات! وليس بجديد ان تتعرض دولة معينة الى حصار اقتصادي فالعالم بعد انتهاء الحرب الباردة شهد بصورة متزايدة إلى فرض العقوبات الاقتصادية الجماعية، فقد فرضت عقوبات على العراق ويوغسلافيا السابقة وعلى هايتي والصومال وليبيا وليبيريا وأنغولا ورواندا والسودان.
ولكن عزل إيران هذه المرة عن السوق الاقتصادي العالمي يمكن أن يعطي حافزا للقوى الأصولية والراديكالية، وإلى فوضى في إيران التي عشناها بالفعل في العراق وليبيا، و يمكن أن تزيد زعزعة الاستقرار في المنطقة المضطربة بالفعل.
وخصوصا مع تزايد توسع المد السلفي في اهواز ايران مقابل المد الشيعي وقيام الاول بتمويل الجماعات والجمعيات بالمال والتنظيم لترويج فكرة انفصام الاهواز (العربية) عن النظام الايراني.
رغم ما انتجه مجلس الامن من فرض عقوبات اقتصادية على اكثر من احدى عشر دولة الان ان الحكومات استطاعت الخروج من أزمتها في ظل دعم الدولة التي تشترك معها في محور الممانعة والصداقة .
فمثلاً مساعدات الاتحاد السوفياتي مثلت الركيزة الأساسية لصمود كوبا، وبدأت موسكو في يد مد العون لهافانا منذ 1960، بتوقيع اتفاقيات بين البلدين تقضي باستيراد السكر من كوبا، وتزويدها بالنفط الخام.
منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، وبعد ظهور المعلومات الأولى عن شروع إيران في برنامجها النووي بدأت الدول الغربية تتخذ تدابير لثنيها عن المضي في هذا البرنامج بمحاولة حرمان البرنامج من مصادر التمويل والتكنولوجيا.
وقد فرض مجلس الأمن الدولي أربع مجموعات من العقوبات ضد إيران في ديسمبر/كانون الأول 2006، ومارس/آذار 2007، ومارس/آذار 2008 ويونيو/حزيران 2010، كما فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجموعات أخرى من العقوبات كانت أولاها تلك التي فرضتها أميركا عقب اقتحام الطلاب الإيرانيين سفارة الولايات المتحدة في طهران واحتجازهم دبلوماسيين رهائن عام 1979.
بينما بقي النظام الايراني واقتصاده واقفا امام كل التحديات التي واجهته بسبب سرعة البديهة في اتخاذ القرار من قبل طهران.
حيث سعت الى فتح منافذ تجارية مع محيطها الاقليمي عبر الاستيراد والتصدير تمكنت من خلالها دخول العملة الصعبة الى بنوكها وكان العراق وسوريا وروسيا وتركيا اكثر الدول التي تسمح بالتبادل التجاري والسياحي مع ايران.
الدول في ظل الحصار الاقتصادي تتنحى عن التجارة المشروعة بعد عزلها دوليا وتلج الى التجارة السوداء من خلال بيع الاسلحة والمخدرات عبر عصابات متفقة مع الحكومة لتسهيل اجراءات التهريب والصفقات.
وفي اضعف الايمان ربما ايران لا تلتجئ الى فتح الطريق الافغاني عبر اراضيها لتهريب الحشيش ولكن سيكون محور (المقاومة) والآخر المضاد لهيمنة القرار الامريكي هما من يقفون مجددا مع طهران للخروج من الازمة.
الحكومات لا تُفلس في الحصار الاقتصادي. من يكون ضحية هو الفرد الذي يعيش ضمن الحدود السيادية لحكومته.
والاهم ان لا ننسى ان الاقتصاد السياحي بين العراق وسوريا ولبنان وايران الى جانب الخليج سيتأثر ايضا بعد تعذر السائحين من دخول وخروج الاراضي الايرانية مما يؤثر سلبا على الحركة السياحية للبلدان المذكورة