خاص: حاورته- سماح عادل
“إدريس سهيل” فنان نحات، من مواليد سنة 1979، بمدينة بني ملال المغرب، حاصل على دبلوم وميدالية من الهيئة العليا لأكاديمية الفنون والعلوم والآداب بباريس 2015، بدا النحت في 2007 وبدأ عرض أعماله على الجمهور في 2012.
إلى الحوار:
(كتابات) كيف بدأ اهتمامك بالنحت وكيف تطور؟
• عندما أتساءل دائما عن اللحظة التي بدأ فيها اهتمامي بالنحت أجد نفسي غير قادر على الإجابة بشكل دقيق، لكن ما أعرفه هو أنني أثناء فترة الطفولة كنت أبدع في صنع لعبي، وأدوات وأشياء أخرى بدقة متناهية، تجعل الآخرين معجبين بي، مما يولد بداخلي إحساسا بالتميز ليكون دافعا قويا للاستمرار والتطور، حيث في سنة 2007 أنجزت أولى منحوتاتي، وبدأت عرض أعمالي أمام الجمهور سنة 2012 ، بالكلية متعددة الاختصاصات جامعة السلطان مولاي سليمان، بمدينة بني ملال، بعدها معارض أخرى فردية وجماعية الشيء الذي فرض آفاقا أخرى من التطور والاحتكاك واكتساب التجارب، لأصل لهذا المستوى الذي مازلت أطمح أن أرتقي وأسموا به إلى أعلى مراتب النجاح، جنبا إلى جنب مع أعظم الفنانين.
(كتابات) هل وجدت الدعم في بداياتك؟
• من المؤكد أن أي فنان يريد أن يقارع بريق النجوم في هذا العصر عليه أن يضع خطة لذلك، وأن يؤمن بأن الانتشار الواسع والنجاح المبهر غالبا ما يحتاج إلى كل أنواع الدعم، ولن أنكر أنني تلقيت منه الكثير من طرف الأصدقاء وبعض المثقفين، باعترافهم بقيمة أعمالي الفنية، ونصائحهم الصائبة، خصوصا في بداياتي، وأنا مازلت أتلقى هذا النوع من الدعم إلى حد الساعة، وأؤكد أنني لم استفد من أي برنامج لدعم المجال الفني لأية جهة أخرى، وهذا يعكس عظمة المجهود الذي نقوم به لإقامة المعارض والارتقاء بالثقافة التشكيلية في مجتمعاتنا، في ظل غياب وعي المسئولين عن ذلك، وبالتالي غياب دعم الفن والفنانين وأنا منهم.
(كتابات) ماذا تريد أن تقول من خلال منحوتاتك؟
• سؤال كهذا يؤكد أن منحوتاتي لها لغة خاصة، وأنا أحاول دائما أن تكون لغتها التعبيرية قوية وعميقة تحترم ذكاء المتلقي، ولا يمكن أن تكون كذلك إلا إذا كانت تحمل مواضيع وأفكار وقضايا مهمة لمناقشتها من خلال النحت، باعتماد أسلوب يضمن جودة الفكرة ووصولها للمتلقي، والموضوعات التي أتطرق لها أنا شخصيا من خلال أعمالي الفنية غالبا ما تترجم إشكالات محيطنا الذي نعيش فيه، بأزماته وأفراحه وخيباته وانتصاراته.
(كتابات) لما اخترت الخشب ليكون مادتك الأساسية.. وهل تجد معاناة في تشكيله؟
• لانجاز أي عمل فني لابد من اختيار خامة تساعدك على تطبيق فكرة هذا العمل، وحسب تجربتي المتواضعة فإن كل خامة لها تركيبتها الخاصة، تجعلها مختلفة تماما، وهذا الاختلاف غالبا ما يفرض عليك طريقة الاشتغال، وتصل أحيانا إلى تغيير أفكارك لعدم تماشيها مع هذه الخامة.
أما بالنسبة لي فاختياري للخشب كمادة أساسية لمنحوتاتي كان لشدة إعجابي بتركيبته الفيزيائية التي تعطيك انطباعا بأنك تتعامل مع مادة حية، تحاورك أثناء الاشتغال عليها، وتوحي لك بعالم كله متعة وسعادة، رغم أنها أحيانا تتمرد أثناء الترويض، لكن النتيجة دائما تكون عودة هذه القطعة الخشبية إلى الحياة لنشر الثقافة حتى الممات.
(كتابات) هل تستخدم مواد أخرى وأيهما تفضل؟
• صحيح أن الخشب هو المادة المفضلة بالنسبة لي، لكن أنا الآن بصدد البحث في مواد أخرى أجرب الاشتغال عليها، بإدماجها بشكل جزئي في منحوتاتي، وأنوي مستقبلا أن اشتغل على منحوتات بخامة الحديد والصخر ومواد أخرى، لإبراز جماليتها وقدرتي على التعامل معها، واكتساب مهارات نحتها، وقد سبق وأن اشتغلت على الطين في ورشات تعلم النحت بالنسبة للمبتدئين، حيث يسهل تشكيله والتعامل معه مقارنة مع باقي المواد، لكن يبقى اختياري الأول هو الخشب، لمكانته وقيمته التاريخية وجماليته التي تأخذ العين والعقل وتسكن القلب.
(كتابات) في رأيك هل للفن رسالة ما لابد أن تصل؟
• من غير الممكن أن نتخيل الفن بدون رسائل، فعندما نعود إلى بدايات الفن التشكيلي نتساءل كيف استطاع أن يفرض حضوره ويستمر ويتطور، ويساهم في حفظ التاريخ والهوية بتواجده في الكهوف والمعمار والأروقة والساحات والقاعات، للارتقاء بالذوق الجمالي للإنسان، وهذا كاف لاستنتاج أن الفن التشكيلي هو في حد ذاته رسالة لابد أن تصل بمجرد انجاز عمل فني صادق، وهنا تكمن أهميته، وتبنيه من طرف المجتمعات جاء نتيجة لوعيها بقيمته التي تتجلى في رسائله النبيلة، التي تعكس إبداع الفنان وانفتاحه على أفكار جديدة تتيح لنا رؤية العالم بعين ثالثة.
(كتابات) هل تأثرت بفنانين آخرين ألهمتك أعمالهم؟
• إذا كان أي فنان في هذا العالم يسعى لتطوير أسلوبه وأفكاره عليه أن يعود إلى الوراء، ويتصفح تاريخ الفن والفنانين ليكتشف تجارب سابقة، تمكنه من تقوية رصيده المعرفي في المجال التشكيلي، وعليه كذلك أن يتابع فنانين من هذا العصر، ليخرج بأسلوب متفرد يميزه عن بقية الفنانين، ويسطع نجمه في سماء الفن، وهذا ما أحاول فعله في ظل إعجابي بثلة من الفنانين ألهمني فكرهم، وهم(مايكل أنجلو- رودان- دافنتشي- مونييه- فانكوخ- دالي).
(كتابات) حدثنا عن المعارض التي تشترك فيها؟
• منذ سنة 2012 وأنا أعرض أعمالي في معارض جماعية وفردية، أهمها معرض فردي سنة 2014 بقاعة العروض التابعة للمركب الثقافي للأشجار العالية ببني ملال، ومعرض جماعي سنة 2015 لفنانين شباب تم اختيارهم من جميع أنحاء المغرب، في مسابقة نظمتها السفارة الأمريكية بالرباط، وكنت النحات الوحيد بين سبعون فنانا تشكيليا، وبعدها في نفس السنة حصلت على ميدالية ودبلوم من الهيئة العليا لأكاديمية الفنون والعلوم والآداب بباريس، ثم معرض فردي سنة 2016 بدار الثقافة ببني ملال.
(كتابات) هل تقوم بتعليم الشباب في ورشات خاصة ولما؟
• أن الهدف من الفن التشكيلي لا يجب أن يقتصر على رصده كهدف في حد ذاته، بل يجب أن نتجاوز ذلك كفنانين نحو ترسيخ الفن التشكيلي كأداة للوصول إلى أهدافنا في الحياة، خصوصا بالنسبة للأطفال، وذلك من خلال ورشات خاصة أقوم بها معتمدا النحت على الطين والرسم والتلوين، في المراكز الثفافية والمدارس العمومية والخصوصية، ولا استثني الشباب من ذلك بل أكيف برنامجي حسب الأعمار، لضمان الحد الأدنى من النجاح والوصول إلى الأهداف والخروج بنتائج مهمة.
(كتابات) ما هي أحلامك وطموحاتك كنحات وما هو جديدك؟
• نعم لدي أحلام ربما تسع هذا الكون، وطموح لا حدود له في أن أكون فنانا يضع بصمته مع الكبار، ويحدث ثورة تشكيلية في كل بقاع العالم. وجديدي إنشاء الله هو تحضير معرض جديد في العام المقبل بلمسات جديدة ومواضيع جديدة، أتمنى أن تروق جمهوري داخل وخارج المغرب.