13 يوليو، 2025 11:58 ص

العقوبات الأميركية تخنق الاقتصاد الإيراني .. لكن سقوط النظام أمر مُستبعد !

العقوبات الأميركية تخنق الاقتصاد الإيراني .. لكن سقوط النظام أمر مُستبعد !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

نشرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية مقالاً تحليليًا للكاتب الإسرائيلي، “رون بن يشاي”، تناول فيه أثر العقوبات الاقتصادية الأميركية على النظام الإيراني، مؤكدًا أنها تُعد سلاحًا فعالاً للغاية، لكنها في الوقت ذاته تتطلب الكثير من الصبر حتى تتحقق نتائجها المرجوة.

وطالب المسؤولين في “واشنطن” و”تل أبيب”، الذين يشعرون بالتفاؤل، أن يأخذوا العبرة من  التنبؤات التي ترددت قبل سبع سنوات بإنهيار نظام “بشار الأسد”.

العقوبات لن تُسقط النظام..

يقول “بن يشاي” إن الاقتصاد الإيراني في وضع صعب، وإن محنة الشعب الإيراني تتفاقم يومًا بعد يوم. ولا شك أن العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، على الإيرانيين ستزيد من تدهور الحالة الاقتصادية والإنسانية في “إيران”.

مُضيفًا أن تلك الحالة مهما بلغت قسوتها، فلن تؤدي إلى سقوط النظام الإيراني قريبًا، بل ربما لن تُسقط النظام على الإطلاق. وإذا أردنا أن نعرف ما سيحدث في “إيران”؛ فعلينا أن نرى ما يحدث في “غزة”.

الوضع في إيران سينعكس على المنطقة..

يضيف “بن يشاي” بقوله: يتعين على صناع القرار في “واشنطن” و”تل أبيب” – الذين يبعثون الآن عبر وسائل الإعلام، برسائل تنم عن التفاؤل والأمل بشأن قُرب سقوط حكام “طهران” – أن يتذكروا نبوءات “الإنهيار القريب لنظام الأسد”؛ عندما اندلعت انتفاضة المعارضة السُنية في “سوريا”، عام 2011. وها هو “بشار الأسد”، الذي كان في وضع أسوأ بكثير من وضع قادة إيران، لا يزال على سدة الحكم.

أضف إلى ذلك؛ أن “الأسد” يستعيد تدريجيًا السيطرة على بلاده ويواصل ذبح أعدائه بمساعدة الروس والإيرانيين. لذلك، ينبغي أن نكون حذرين للغاية إذا أردنا ان نُقيم الوضع في “إيران” – الذي سيكون له إنعكاسات خطيرة ليس فقط على أمن دولة إسرائيل، بل أيضًا على استقرار منطقة الشرق الأوسط.

الحرس الثوري” يهمن على الاقتصاد..

بحسب المحلل الإسرائيلي، فإن الاقتصاد الإيراني في وضع صعب للغاية، وحتى العقوبات التي فرضها “باراك أوباما” على إيران بين عامي 2010 و2015؛ لم يكن لها مثل ذلك الأثر الشديد.

والسبب الرئيس في ذلك هو الفساد وسوء الإدارة، بالإضافة إلى هيمنة “الحرس الثوري” على قطاعات كاملة من الاقتصاد، وجعل تلك القطاعات تخدم مصالح أشخاصين تابعين لـ”الحرس الثوري” أو موالين له.

أما السبب الثاني؛ فهو أن أسعار النفط، التي تراجعت في السنوات الأخيرة، لم تسمح لخزانة الدولة الإيرانية أن تمتليء من جديد بالمعدل الذي كان يتوقعه الرئيس، “حسن روحاني”.

والآن فقط بدأت ترتفع تلك الأسعار، ولكن في تشرين ثان/نوفمبر المقبل، ستسري العقوبات التي فرضها “ترامب” على صادرات النفط الإيراني.

مخاوف المستثمرين فاقمت الأزمة..

سبب آخر لتفاقم أزمة الاقتصاد الكلي في إيران؛ هو أن رفع العقوبات بعد توقيع الاتفاقية النووية، في عام 2015، لم يؤدِ إلى تدفق الاستثمارات الأجنبية كما توقع “روحاني” وأنصاره. ولم يكن مندوبو الشركات الأوروبية والصينية، الذين وفدوا إلى طهران متحمسين لما عُرض عليهم من خطط ومشاريع، بل إنهم قد أبدوا مخاوفهم من الاستثمار في بلد تورط في الحروب وارتكب أعمالاً تآمرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط تقريباً.

ومن المعلوم أن الاستثمارات الاقتصادية تتطلب وجود استقرار حكومي وأمني. ولذا فإن مشاركة قائد فيلق القدس، “قاسم سليماني”، في العمليات الإرهابية والقتال في “سوريا واليمن والعراق”؛ لا تُشجع المستثمرين الاقتصاديين الذين يخشون المخاطرة ولا يقامرون بأموالهم على الجواد الخاسر.

الجفاف من أسباب المعاناة !

يرى “بن يشاي” أن هناك سبب أخير، وخطير جدًا، يتعلق بحالة “الجفاف” المستمرة في “إيران”، منذ عدة سنوات، والتي تسببت في نقص هائل في كمية المياه، حيث أدى هذا النقص إلى تقليص كبير في مساحة المناطق المزروعة، مما ترتب عليه انخفاض كبير في إنتاج محصول “الفستق الإيراني”، وهو ما أثر سلبًا على معيشة المزارعين وإيرادات الدولة من العملات الأجنبية.

وبالمناسبة؛ فلا يرجع السبب في أزمة المياه إلى قلة سقوط الأمطار والثلوج فحسب، بل أيضًا إلى تهالك البنية التحتية لشبكة توزيع المياه والصرف في إيران، جراء الفشل في أداء السلطات المحلية. ونتيجة لذلك، ارتفعت نسبة البطالة، خاصة بين الشباب، لأكثر من 30%.

والخطير في الأمر، أنه بسبب توقع عدم التداول بالدولار، فقد هبط سعر “الريال” الإيراني إلى مستوى غير مسبوق وانخفض معه دخل ملايين الأسر الإيرانية بمقدار النصف أو يزيد.

ما زالت المظاهرات لا تشكل تهديدًا للنظام..

إن المظاهرات اليومية الحالية، التي تشهدها مناطق مختلفة من إيران، هي نتيجة مباشرة للضائقة الاقتصادية، التي تفاقمت بسبب إنهيار سعر “الريال”. لكن كما أشرنا، فإن تلك المظاهرات مازالت لا تشكل خطورة على القيادة الإيرانية. فنظام الملالي، بقيادة المرشد، “علي خامنئي”، يجلس في طهران متربعًا بأمان على كرسي الحكم.

وربما يقول قائل: كيف نعرف أن النظام الإيراني في أمان واستقرار ؟.. والأمر بسيط للغاية. فهذا النظام لم يلجأ حتى الآن لاستخدام “الحرس الثوري” أو حتى “قوات الباسيغ” في قمع المظاهرات وأعمال الشغب.

ومن المعروف أن “قوات الباسيغ”، التي تضم ميليشيات مسلحة وتعمل تحت إمرة “الحرس الثوري”، هي التي قامت بقمع المظاهرات التي اندلعت في “إيران” عام 2009، وكانت بالفعل تهدد النظام الإيراني المحافظ.

وعلى الرغم من استمرار المظاهرات لعدة أسابيع وانتشارها في كثير من المدن الإيرانية، احتجاجًا على النظام وسياسته الاقتصادية الفاشلة، إلا أن النظام الإيراني يكتفي حتى الآن بقوات الشرطة لقمع المتظاهرين. ولم يلجأ “الحرس الثوري” للإستعانة بقوات “الباسيغ”، لكنه يجعلها في حالة تأهب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة