18 ديسمبر، 2024 9:52 م

دعم الدراما العراقية … الشرارة الأولى لأنتعاش الفن

دعم الدراما العراقية … الشرارة الأولى لأنتعاش الفن

المثل الصيني يقول ( أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة ) اذ أسهمت هذه المقولة الشهيرة ببناء وأزدهار وعمران ( الصين ) بعد صبر ومعاناة وترقب لتصبح في مصاف الدول المتقدمة ، ومن البلدان المتطورة في عموم العالم … واليوم نشهد الاحتفالية الكبرى لبدء الموسوم الاول لصندوق دعم واسناد الدراما العراقية التي تعتبر الخطوة والشرارة الاولى لأنتعاش الفن من خلال تفعيل وتعزيز الدورالحقيقي للفن والفنان العراقي والنهوض والأرتقاء به الى أعلى المستويات بعد انتظار طال طويلا من قبل الفنانين والمخرجين والفنيين العراقيين ، وان هذه الاحتفالية التي نظمتها ورعتها شبكة الاعلام العراقي كانت بدعم واسناد من قبل رئيس وزراء العراق الدكتور حيدر العبادي ، وبالتعاون مع رابطة المصارف العراقية الخاصة والبنك المركزي العراقي وشركتي زين وأسياسيل ، لاسيما وان الفنان العراقي يمتلك الكفاءة والقدرة العالية لتقدم وازدهار ونجاح الدراما العراقية وتطويرها ، وايضا ابراز العديد من الاعمال الهادفة والرصينة التي ينتظرها الجمهورالعراقي المتعطش لهذه الاعمال التي افتقدها واختفت بشكل ملحوظ خلال السنوات الماضية بسبب الوضع الاقتصادي المتردي الذي يشهده البلد ، وبسبب الفساد المالي والاداري لبعض الفاسدين الذين سرقوا المال العام وساهموا في افشال تقدم وازدهار الفن العراقي الراقي والاصيل .

ان مبادرة دعم الدراما العراقية التي جاءت تحت شعار ( الدراما حياة ) تمخضت عن ولادة انتاج عددا من المسلسلات الوطنية والكوميدية والاجتماعية التي ستعزز بشكل كبير دور الفنان العراقي وتجعله في ( بحبوحة ) من الراحة النفسية والمعنوية في تقديم العطاء الثر والمتميز ، بعد ان اشرقت شمس الامل وتم توقيع عقود العمل ما بين شبكة الاعلام العراقي وبعض الفنانين العراقيين ومنها المسلسل الوطني ( جفن الردى ) والمسلسل الكوميدي ( عائلة خارج التغطية ) والمسلسل الاجتماعي ( يسكن قلبي ) ، ونأمل من لجنة دعم الدراما العراقية الى الاسراع لتنفيذ وتوقيع عقود اعمال الموسوم الثاني من اجل اشراك جميع الفنانين العراقيين دون استثناء في هذه الاعمال المتميزة ، لطالما هذا الفنان صبر وعانى الكثير وفي جعبته المزيد من العطاء المتدفق لتقديم الافضل والاحسن من الادوار الكوميدية والتراجيدية ، واظهار الخزين من هذا العطاء المخفي منذ سنوات طويلة ليقدم بشكل مغاير وبصورته الجديدة المتألقة ، بعد ان وضع هذا الفنان قدمه على الخطوة الاولى لرحلة الالف ميل ليكمل مشواره الطويل ويقطع المسافة المتبقية بكل ارتياحية وشفافية ليصل الى الهدف المنشود ويسجل في تأريخه الفني الحافل بالعطاء انجاز هذه الاعمال الدرامية التي ستساهم بشكل كبير في اضفاء المتعة والتشويق للمشاهد العراقي .

سبق وان سلطت الضوء في احدى كتاباتي عن معاناة الفنان العراقي الذي وصل به الحال الى ان يكون ( مقدما للبرامج ) في التلفزيون بدلا من ان يكون ( ممثلا ) بارعا ، وذلك لأنعدام الانتاج الدرامي بشكل واضح للعيان ، وللأهمية فقد اكدت في المقال السابق ( انه خلال الفترة الزمنية الماضية والتي تبدأ من عام 2003 والى يومنا هذا ، نجد ان حال الفنانين العراقيين بعد هذه المسيرة الطويلة من العطاء والجهد الفني الكبير فأن حالهم لا يسر العدو ولا حتى الصديق ، بعد أن تلاشت العروض السينمائية والمسرحية وحتى الاعمال التلفزيونية الهادفة ، بسبب الأهمال الواضح للفنانين من قبل المسؤولين في أدارة الدولة ، حيث لا يزال هؤلاء الفنانون يمتلكون الخزين من العطاء والأستعداد الدائم في خلق الأجواء الفنية العراقية الأصيلة ، فيما لو توفرت لديهم الفرصة الكافية في مجال الدعم المادي والمعنوي ، ويتطلب أيضا تخصيص الأموال الكافية لأنتاج المسلسلات والأفلام العراقية التي يحتاجها الجمهورالعراقي والمتعطش في هذه الاوقات بالذات الى الأعمال الفنية الهادفة والرصينة ، وأنقاذ الفنانين العراقيين من معاناتهم والذين تحولوا خلال السنوات الماضية الى( مقدمي برامج ) تلفزيونية في العديد من القنوات الفضائية العراقية بسبب قلة الأعمال الهادفة وشحة الأموال ، وأن الممثل هو ( أنسانا ) قبل ان يكون فنانا ويحتاج الى المتطلبات الحياتية العامة ، كونه رب أسرة ومسؤولا عن توفير الحياة الكريمة لعائلتة أسوة بشرائح المجتمع العراقي الأخرى ) .

لعل البعض ( يتهمني ) بأنني متحيزا كثيرا الى الفنانين العراقيين ، وان اغلب كتاباتي تسلط الضوء على اعمالهم ومنجزاتهم الفنية وكذلك عن معاناتهم ومشاكلهم ، وهنا اعترف بهذا التحيز كوني ( صديقا للفنانين ) كما يلقبونني معظمهم منذ اكثر من ( 40 ) عاما ، حيث اتناول مواضيع الفن واهل الفن والفنانين في اغلب كتاباتي التي تنشر في الصحف والمجلات المحلية والعربية المختلفة ، وكان أخرها اصدار الجزء الاول من كتابي الموسوم ( على مائدة الفن ) الذي صدر حديثا ، وتناولت فيه ابرز المحطات الحياتية والفنية والانسانية للفنانين العراقيين ، كما يرصد الكتاب واقع الفنون المختلفة التي تجسدت من قبل نخبة متميزة من الفنانين العراقيين ، ولهذا فأن الاحتفال الذي جرى قبل ايام والذي شهد توقيع العقود الفنية للدراما العراقية اثلج صدري واسعدني كثيرا ليكون هذا الحدث الكبير فاتحة خير للفنانين وبداية تحقيق حلمهم الجميل في تجسيد هذه الاعمال الجديدة ، ونتأمل ان نشهد الاحتفالية الاخرى لدعم صندوق الدراما العراقية للموسم الثاني قريبا .