من الناس من يتخذ الدين غطاء ومنهم من يتخذه بناء، فاما الاول فهو منافق كذاب ، واما الثاني فهو من يبني بالدين نفسه ويسير بالاتجاه الصحيح . من ابرز الشهود على نفاقنا القراّن الكريم فاننا قارئون وما نحن بقارئين ، ومستمعون وما نحن كذلك ، ونحب الصوت الجميل ونردد اصوات الاعجاب بعد المقرئ ، نعظم رسم القراّن ، ونضع الكتاب في مكان امين ومحترم ونتخذ منه حرزا يحفظنا من الاخطار ، ولكنه لا يحتل مكانا في قلوبنا ولا ينعكس خُلقا في حياتنا.
الشاهد الثاني المسجد قدس المؤمن وصانع الانسان ، ولكننا نصلي فيه من دون روح تولد صلاتنا ميتة حركات لانعرف معناها ولقلقة لسان تعاد كل يوم وخطبة مملة تعاد كل اسبوع ، من اخطر الاشياء ان يكون الدين صورة خالية من نبض الحياة ، الحضور في المسجد يعني الحضور الحقيقي في بيت الله وبين يدي الله وتجديد ميثاقه الذي اخذه علينا .
الشاهد الثالث الحسينية التي هي ينبوع الخلق الحسيني الرفيع والجهاد ضد النفس والعدو وعدم المساومة فيما نعتقد به وعدم مداهنة الاعداء، والاصرار على طريق الحق وان قل سالكوه وكان نتيجته الموت الذي هو في الحقيقة حياة جديدة . الحسينية معنى كبير مقتبس من اسم الحسين عليه السلام ، انها المعضد والساند للمسجد في صنع الانسان الكامل الذي يتحلى بالخلق الحسيني في كل مكان .
والاخر هو العاشر من المحرم الحرام اليوم الذي استشهد فيه ريحانة الرسول وسيد شباب اهل الجنة الامام الحسين واهل بيته وثلة من اصحابه في ملحمة غاب مثيلها في التاريخ يوم انتصار الدم على السيف والقلة على الكثرة . خسر الحسين المعركة ولكنه ربح الخلود في الدنيا وفي الاخرة ، اليوم الذي ضرب فيه الحسين اسمى الامثلة للانسانية بكل معناها في الايمان والشجاعة والصبر ومقاومة الباطل واحقاق الحق وقول الصدق وان كانت النتيجة تكلفه حياته واهل بيته واصحابه . هل حضرت مفاهيم الحسين في نفوسنا وفي وجداننا ووفي معاملتنا للاخر او وقوفنا ضد الباطل والانحراف في قيادة المجتمع .
والاخر زيارة الاربعين هذا العملاق والمارد الكبير الذي سلبنا معناه الحقيقي وارادته وعطلنا فيه رسالته الاصلاحية التغييرية وهو القادر على تغيير العالم وليس العراق واصبح روتينا يعاد كل سنة لاظهار الكرم وبذل الطعام وتقديم الخدمة للزائرين التي ادهشت العالم اجمع .
هذا النفور الانساني المليوني نحو كعبة الصمود والمقاومة الواعية الشريفة كربلاء الحسين الذي لو قال قولته في التغيير لما بقي هؤلاء يحكمون البلد واذاقوه الذل والعناء .
والشاهد الاخير الدكاكين التي اتخذت من رموز الحق والصدق والصفاء والطهارة اسماء مثل نور الهدى ، المصطفى ، بركات الحسين ، انوار الزهراء … فلو تعاملت مع اصحاب هذه الحوانيت لفهمت منذ الوهلة الاولى انهم بعيدون كل البعد عن اخلاقية هذه الاسماء ولا يعرفون معنى ان تسمي حانوتك بها.
النفاق صفة قبيحة لو وضعناها قرب القبح لكانت اقبح من القبح نفسه .