خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد أن وصلت الأمور لباب مغلق لا يمكن فتحه بين الأطراف اليمنية، خرج المبعوث الخاص إلى اليمن، “مارتن غريفيث”، مساء الخميس 2 آب/أغسطس 2018، ببارقة أمل جديدة في جلسة “مجلس الأمن الدولي” مؤكدًا أن ثمة فرصة لتحقيق السلام في “اليمن”، قائلًا إنه يعتزم عودة أطراف العملية السياسية في اليمن إلى جولة مفاوضات في “جنيف” يوم السادس من أيلول/سبتمبر 2018.
واستضافت “جنيف” جولتي مشاورات يمنية منذ تصاعد الحرب في اليمن، عام 2015، حيث انعقدت الأولى في حزيران/يونيو والثانية في كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه، إلا أن الجولتين انتهتا دونما التوصل إلى اتفاق.
وعادة ما كانت المباحثات، في السابق التي تجرى بين أطراف النزاع في اليمن، تصطدم بطلب جماعة “الحوثيين” وقف غارات “التحالف العربي” على مواقعهم، والتي بدأت في الرابع والعشرين من آذار/مارس عام 2015.
دعا لتحييد “البحر الأحمر” عن النزاع..
كما دعا المبعوث الدولي مجلس الأمن، إلى دعم جهود خفض التصعيد واستئناف العملية السياسية، وقال إنه لا يتوقع الوصول إلى أرضية اتفاق بين الأطراف، حول “الحديدة”، لكن الخلافات جرى تضييقها.
وأشار “غريفيث” إلى استمرار التصعيد رغم الجهود السياسية، محذرًا من أن يصبح “البحر الأحمر” مسرحًا له، ودعا إلى تحييده عن المواجهات.
وكان “الحوثيون” قد أعلنوا وقف عملياتهم البحرية اعتبارًا من، الأربعاء الماضي، عقب أسبوع من اتهامهم من قِبل “السعودية” بإستهداف ناقلتي نفط تابعتين لها في “البحر الأحمر”.
وكثف التحالف ضرباته الجوية في أكثر من محافظة بالبلاد، وفي المقدمة منها “مدينة الحديدة” الإستراتيجية، التي تسعى “القوات الحكومية”، المدعومة من التحالف، إلى إنتزاع السيطرة عليها، من “الحوثيين”، على الرغم من الجهود الدولية الرامية لوقف التصعيد.
4 محاور للمشاورات..
وأفادت مصادر ديبلوماسية غربية، الجمعة 3 آب/أغسطس الجاري، إن “المشاورات اليمنية المرتقبة ستدوم بين 3 و4 أيام وتدور حول 4 محاور”.
وذكرت المصادر قوله أن المحاور الأربعة هي “خطوات بناء الثقة، ووضع إطار للمشاورات، وملفا مدينة الحديدة والبنك المركزي”.
إلى ذلك؛ أكدت دولة “الكويت” أن أي خطة سلام في اليمن لا تستند على المرجيعات الأساسية الثلاث المرتكزة على المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار وقرارات مجلس الأمن، ستسهم بتعقيد الأوضاع وإطالة أمد الأزمة؛ مما سيكون له آثار خطيرة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.
“الحوثيون” يعلنون استعدادهم للحوار..
من جانبه؛ أعلن عضو المجلس السياسي لجماعة “أنصار الله”، (الحوثيين)، “محمد البخيتي”، أن الحركة مبدئيًا مستعدة للحوار برعاية “الأمم المتحدة”.
وقال البخيتي: “نحن مع خيار السلم ولسنا مع خيار الحرب، وبالتالي نحن مع الحوار من حيث المبدأ، وهناك الآن دعوة من مبعوث الأمم المتحدة للحوار بدون تفاصيل، وعندما تكون هناك تفاصيل سيكون هناك موقف رسمي لإجراء هذا الحوار”.
وأوضح “البخيتي”: “نحن سنرى تفاصيل الحوار، ومن حيث المبدأ نحن مع الحوار على أن يكون حوار يمتلك نسبة من النجاح”.
محكوم عليها بالفشل المسبق..
الدكتور “فارس البيل”، الأكاديمي والباحث اليمني، قال إن مبادرة “مارتن غريفيث”، الأخيرة، لم تحمل جديدًا ومحكوم عليها بالفشل مسبقًا لأنها لم تشمل أي نوع من الضمانات، مشيرًا إلى أن هذه المبادرة لا تسعى فقط إلا إلى لم الأطراف على المائدة مرة أخرى، لافتًا إلى أنه حتى في حال حضور أطراف الأزمة لمفاوضات “جنيف” المزمعة فإنه لا يتوقع حدوث اختراق ما. وأضاف: ما لم تحل مشكلة “الحديدة”؛ فلن يكتب لهذه المبادرة النجاح.
لا تختلف عن سابقتها لتعنت التحالف..
يرى الكاتب والمحلل السياسي اليمني، “محمد الديلمي”، أن هذه المبادرة لا تخرج عن غيرها من مبادرات سابقة لـ”مارتن غريفيث”؛ بسبب تعنت “التحالف العربي” بقيادة “السعودية”، والدليل على ذلك عدم إستجابة التحالف للمبادرة الأخيرة لـ”أنصار الله” بوقف العمليات العسكرية في “البحر الأحمر”، لأن التحالف لا يرى إلا الحل العسكري في اليمن.
بنود المبادرة غير واقعية..
أما الدكتور “معن دماج”، الأكاديمي والباحث السياسي اليمني، فيرى أن بنود هذه المبادرة غير واقعية ولا تعبر عن أطراف الأزمة، خاصة “الحوثيين” الذين نقضوا عهودًا سابقة وانقضوا على الشرعية في “اليمن”، كما أن ميزان القوة العسكرية على الأرض؛ الذي هو لصالح التحالف لن يشجع على تنفيذ هذه المبادرة.
الكرة في ملعب “الحوثيين” و”الأمم المتحدة”..
في المقابل؛ يرى المحلل السياسي السعودي، الدكتور “محمد بن عبدالله آل زلفة”، أن الكرة في ملعب جماعة “الحوثيين” و”الأمم المتحدة”، وإن “المباحثات القادمة في جنيف يمكن أن تنجح إذا استطاعت الأمم المتحدة إقناع الحوثيين بالرضوخ إلى المرجعيات الثلات: المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن رقم 2216”.
وأعلنت “المبادرة الخليجية”، في 3 نيسان/أبريل 2011، لترتيب نقل السلطة وقتها من الرئيس الراحل، “علي عبدالله صالح”، بعد الانتفاضة الشعبية ضده، في عملية انتهت بإجراء انتخابات رئاسية في شباط/فبراير 2012؛ فاز بها الرئيس الحالي، “هادي”، في انتخابات كان هو مرشحها الوحيد.
وإنعقد مؤتمر الحوار الشامل في اليمن، في الفترة من آذار/مارس 2013 وحتى كانون ثان/يناير 2014، وتمخضت عنه وثيقة حول هيكلة الحكومة والبرلمان وصياغة الدستور، إلى جانب الدعوة إلى حظر الميليشيات.
بينما فرض قرار “مجلس الأمن” رقم (2216)، الصادر في نيسان/أبريل 2015، عدة عقوبات على “جماعة الحوثيين” وبعض القوى الحليفة لها وقتها كالمؤتمر الوطني، داعيًا المتمردين إلى التخلي عن السلاح.
بشرط التخلي عن السلاح والتحول لحزب سياسي..
وقال “آل زلفة”: “إذا تخلى الحوثيون عن السلاح، وقبلوا أن يكونوا حزبًا سياسيًا كغيرهم من القوى السياسية، في هذه الحالة يمكن الحديث عن جولة مباحثات أو محادثات ناجحة، الأمر يتوقف على الضغوط التي يمكن أن تقوم بها الأمم المتحدة”.
وأوقعت الحرب في “اليمن” أكثر من 10 آلاف قتيل منذ تدخل “التحالف العربي” في النزاع بين “جماعة الحوثيين” والقوات الموالية للحكومة المستمر منذ 2014، والتي انقلبت عليها الجماعة لتسيطر على مناطق واسعة بينها العاصمة “صنعاء”.
وتقول إحصاءات لـ”الأمم المتحدة” إن 9500 من بين مجموع قتلى النزاع مدنيون، ومن بينهم أكثر من 2200 طفل، فضلاً عن أزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، حيث تهدد المجاعة أكثر من 8 ملايين من سكان البلد الأفقر في شبه الجزيرة العربية.