يُعاني المواطن العراقي من إغتراب غائر في أعماق ذاته، لإحساسه أن الحاضر لا يتناسب مع ما تحت أقدامه من خيرات وفي سماءه من مسممات، وفي داخله براكين خارقة قد تثور بأية لحظة، وهي تتطلع الى عالم من نوافذ عدة ويرى التعاظم والتكامل والبناء، بينما هنا تتآكل الأمكانيات وتقص الأطراف، ويتأخر البلدعن مواكبة الأمم، في بناء دولة مدنية حديثة، تضمن رفاهيتها خروجه من حالة التفكك والتمزق والتشرذم والصراعات، التي حولت التنافس في الأداء الى معارك دامية للمكاسب.
إستقرار الوطن يُعيد للمواطن هيبته ومكانته الحقيقية، بالإمكانيات البشرية والمادية وخصوبة التربة وإنبساطها، وفرص آخرى لم تتحقق يمكن أن تكون بديل أفضل.
جزء من حيوية الشعوب غذائها بما تزرع، وإستخدامها لما تصنع، ومن الطبيعي حتى الأغنياء يبحثون عن مدخولات يومية لأن الإستهلاك يومي أيضاً، ومن الغباء إستهلاك الميراث بالعد التنازلي، لإنتظار ميراث غير معلوم وقد يكون وهماً.
تشهد المدن العراقية منذ سنوات، تطوراً في مراكز التسوق، وربما بناءَ على إعتقاد قياس تقدم الشعوب بأسواقها، على مقارنة أن الدكان بلد فقير، والأسواق لمتوسط والمول بلد متطور، وفي العراق إستحوذت المولات والمطاعم، وقد ملأت بالبضاعة المستوردة والمأكولات الجاهزة، التي أنست العائلة العراقية عراقة موائدها، وما يُباع لا يحتاج سوى شيء من الحرارة، فيما تنتشر مطاعم الأكلات السريعة وتجتذب معظم الشباب والى ساعات متأخرة، وكأنهم بلا عمل في اليوم التالي.
أصبحت محلات التسوق بأضعاف بمئات آلاف أو ملايين أضعاف المزارع والمصانع ومَحال بيع الخضار والفواكه واللحوم العراقية، وصار الفرد يستهلك أكثر ما ينتج، بتوقف 166 معملاً في القطاع العام، ووما يُقارب 40 ألف من القطاع الخاص بين صغير وكبير، فيما الدول التي تؤمن بالإقتصاد الحر والشركات المتعددة الجنسيات، فأنها تتحكم بنوع المنتوج والعرض والطلب، والجهة التي تصدر لها أو تستورد منها، ليلعب الإقتصاد كواحد من أهم أدوات السياسة ورفاهية الشعوب.
واجب الدولة التحكم بنوع الإستثمار، ومنه يمكن التحكم بتحريك اليد العاملة، وعند تحسين إقتصاد بلد ما بفرده ومجتمعه، فيستعيد للدولة هيبتها.
أخذت السياسة العراقية على عاتقها، إتباع سياسة السوق الحر وتنمية رؤوس الأموال الفردية، فيما لم تضع نفسها شريكة أو بديلة او متبادلة، فإعتمدت المشاريع الإستثمارية الإستهلاكية على حساب الإنتاجية، وإذا كان البلد يحتاج مواكبة التطور والإختلاط بالعالم، لكن على أن يكون الإستثمار في المناطق الميتة لإحيائها ولا يقتصر على مراكز المدن المتخمة، وكجزء من التوزيع العادل للثروات والفرص، والبدء بالمناطق أكثر محرومية لمساواتها بالحقوق وهي متفوقة بالواجبات، ويمكن جذب رؤوس الأموال العراقية والمستثمرة الخارجية، وبدل بناء مولاً بكذا مليار، يمكن أن يكون مزرعةً أو مصنع، فتُحيى منطقة وتشتغل أياديها العاطلة، ويُنفس عن بركان يغلي في عمق الأرض والإنسان، وفي الإستثمار عدالة مفقودة على الحكومة مراعاة عدالتها، وبما أن الإحتباس الحراري سبب للإنفجارات البركانية، ففي العراق حرارة عالية طبيعية وحرارة ألم على ضياع الواردات، وهشاشة الإدارة كما في طبقة أرضية قابلة للتفت تحت ضغط حمم تغلي.