خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
نشر موقع (نيوز وان) العبري مقالاً تحليليًا للكاتب الإسرائيلي، “يوني بن مناحم”، تطرق فيه للموقف السعودي المتقلب من “صفقة القرن”، بعدما أعلن الملك السعودي، “سلمان بن عبدالعزيز”، تأكيد بلاده على ضرورة انسحاب “إسرائيل” إلى حدود عام 1967 والاعتراف بـ”القدس الشرقية” عاصمة للدولة الفلسطينية.
وبذلك تكون “المملكة السعودية” قد إتخذت موقفًا مغايرًا تمامًا وتبنت من جديد الموقف الفلسطيني، بعدما فشلت في محاولاتها للترويج لـ”صفقة القرن” التي أعدها الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”.
“بن سلمان”.. المحرك لـ”صفقة القرن”..
يقول “بن مناحم”: لقد كانت “السعودية”، خلال الأشهر الأخيرة، هي المحرك الذي استغلته حكومة “ترامب” للتأثير على “السلطة الفلسطينية” والدول العربية من أجل الموافقة على بنود مبادرة السلام الأميركية الجديدة المعروفة بـ”صفقة القرن” أو على الأقل لمناقشتها. والمعروف أن ولي العهد السعودي والملك المُنتظر، “محمد بن سلمان” – وهو المُقرب جدًا من “غارد كوشنير”، صهر الرئيس “ترامب” ومستشاره – قد حاول جاهدًا إقناع رئيس السلطة الفلسطينية والزعماء العرب للموافقة على بنود “صفقة القرن”.
ونقل “بن مناحم” عن بعض المسؤولين الفلسطينيين، أن “محمد بن سلمان” حاول إقناع رئيس السلطة الفلسطينية، “محمود عباس”، بقبول مدينة “أبو ديس” وبعض الأحياء في شمال شرق “القدس” كعاصمة فلسطينية مستقبلية، وكذلك قبول مبدأ توطين اللاجئين في أماكن إقامتهم في الدول العربية، أي التنازل عن “حق العودة “.
في الوقت نفسه؛ سعى ولي العهد السعودي لإقناع الرئيس المصري، “عبدالفتاح السيسي”، وزعماء دول الخليج؛ لتخفيف حدة معارضتهم لبنود “صفقة القرن”. ولكن قرار إعلان “القدس” عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية لمدينة “القدس” وحملة “مسيرات العودة”، التي تتزعمها “حركة حماس” في “قطاع غزة”، قد أربك الإدارة الأميركية مما أدى إلى تعليق خطة “صفقة القرن” إلى أجل غير مُسمى.
موقف الرياض أجج الكراهية ضد نظام الحكم السعودي..
أشار “بن مناحم” إلى أن “السلطة الفلسطينية” تقاطع إدارة “ترامب”، كما أن “عباس” يعتزم التنحي عن منصبة دون إحراز تقدم على المسار الدبلوماسي مع إسرائيل. أضف إلى ذلك أن الوضع الإنساني في “قطاع غزة” والتصعيد الأمني قد دفعا إلى تهميش “صفقة القرن”، لأن الإدارة الأميركية تسعى، بمشاركة “إسرائيل ومصر” ومبعوث الأمم المتحدة، “مالدينوف”، لإيجاد حلول مناسبة تحول دون نشوب حرب جديدة في “قطاع غزة”، وهذا ما يحتل الأولويته في الوقت الحالي.
أضاف “بن مناحم”؛ أنه بعد أن أبدى “بن سلمان” دعمه الكامل لـ”غارد كوشنير” بخصوص “صفقة القرن”، تأججت مشاعر العداء والكراهية للمملكة العربية السعودية بين سكان المناطق الفلسطينية وبين شعوب الدول العربية.
ويبدو أن هذا كان من بين الأسباب التي جعلت الملك السعودي، “سلمان بن عبدالعزيز”، يغير موقفه تمامًا من “صفقة القرن”، التي تعدها “الولايات المتحدة الأميركية. وتبدو وجهة النظر السعودية في هذا الشأن واضحة، حيث لا توجد أية فرصة لتنفيذ تلك الصفقة على المدى القريب، لأنها ماتت قبل أن تولد، وبالتالي فمن الأنسب للمملكة السعودية أن تتروى ولا تحارب طواحين الهواء الفلسطينية والعربية.
ولهذا السبب أصدر الملك السعودي بيانًا رسميًا، قبل بضعة أيام، أكد فيه على أن “السعودية” لن تقبل أي خطة سلام إقليمية لا تتضمن انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة عام 1967، بما فيها “القدس الشرقية”، كما أكد البيان السعودي على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم.
تراجع موقف الرياض..
وكان الملك السعودي، “سلمان بن عبدالعزيز”، قد أوضح للسلطة الفلسطينية والدول العربية الأخرى بأن بلاده لن تدعم المبادرة الأميركية لإقامة سلام مع إسرائيل، طالما لا تتضمن حق عودة اللاجئين أو الاعتراف بـ”القدس الشرقية” عاصمة للدولة الفلسطينية.
وبحسب “بن مناحم”؛ فقد أفادت صحيفة (القدس العربي)، في الأول من آب/أغسطس الجاري، بأن الملك، “سلمان”، قد سحب صلاحيات التعاطي مع ملف “القضية الفلسطينية” من نجله الأمير “محمد بن سلمان”.
يرى “بن مناحم” أن حتى إذا لم يكن هناك تأكيد لهذا الخبر، إلا أنه يعكس المزاج العام السائد في العالم العربي، حيث تواجه إدارة “ترامب” حائط صد فلسطيني منيع، مكون من حركتي “فتح” و”حماس” اللتين رفضتا من حيث المبدأ خطة “صفقة القرن” لأنها من وجهة نظرهما لا تلبي الحد الأدنى من المطالب الكفيلة بحل الصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني”. كما أن مواقف الرئيس “ترامب” بشأن “القدس” واللاجئين تمثل، من وجهة نظر الفلسطينيين، تجاوزًا خطيرًا “للخطوط الحمراء”.
لا يمكن تجاوز الفلسطينيين..
لا تستطيع الدول العربية، وفي مقدمتها “المملكة العربية السعودية”، تجاوز الفلسطينيين، لا سيما فيما يتعلق بـ”القدس” وحق عودة اللاجئين. لذلك اضطرت “المملكة العربية السعودية” للتراجع عن موقفها السابق والتماهي مع الموقف الفلسطيني.
في الوقت نفسه؛ تحاول “المملكة العربية السعودية” زيادة نفوذها في “القدس الشرقية” من أجل السيطرة على الأماكن المقدسة وحرمان “الأردن” من حق الوصاية على المواقع الدينية، وهو الحق الذي نالته رسميًا ضمن معاهدة السلام التي أبرمتها مع إسرائيل عام 1994.